عون يحتوي “الحزب”… الذي يراهن على “عقلانيّته”- بقلم جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 2, 2025

تحت عنوان المصلحة الوطنية وعدم تدحرج الوضع إلى اشتباك داخلي، يحرص كلّ مرّة رئيس الجمهورية جوزف عون على احتواء “الحزب” إلى حدّ “التصدّي” وتلقّي الهجوم عنه في كثير من الأحيان. السياسة التي ينتهجها الرئيس نابعة من قناعته بأنّ الوصول إلى حلّ في قضيّة السلاح لا يحصل في مواجهة داخلية، بل في حوار مباشر بينه وبين “الحزب”، يعكس توازنات الإقليم، التي من الواضح أنّها متّجهة إلى موازين مختلفة.

لكن على الرغم من حرص الرئيس هذا، فإنّ لكلامه تداعيات كبيرة توقّفت عندها مصادر سياسية داخلية، ومصادر دبلوماسية لا تزال ترى في عون شخصيّة قادرة على الحسم. فهل يلاقيه “الحزب” إلى الهدف الأخير؟ أم “الحزب” معتاد على الرهان على عقلانيّة خصومه، خصوصاً أنّه لاعب مخضرم في شراء الوقت عسى وعلّ يتغيّر شيء في المدى المنظور؟



حصر السّلاح بالتّراضي؟

بعد استهداف إسرائيل لمستودع الصواريخ في الضاحية الجنوبية خرج رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيره يسرائيل كاتس في مؤتمر صحافي ليقولا إنّ إسرائيل لن تسمح لـ”الحزب” بإعادة بناء نفسه، وإنّ المستودع المستهدَف كان يحتوي على صاروخ بالستي، وإنّ لبنان قد أُنذِر قبل 72 ساعة من حصول الاستهداف لإعطائه مهلة لدخول الجيش الموقع. ولمّا لم يحصل ذلك قامت إسرائيل باستهدافه. انتشر هذا الكلام وجرى ربطه تارة برفض “الحزب” دخول الجيش ، وتارة أخرى بحصول توتّر بين “الحزب” والجيش على خلفيّة السماح بدخول أو عدم دخول الجيش المستودع.

أمّا رئيس الجمهورية، في معرض تأكيده وحدة القرار العسكري وحرصه على عدم التصعيد، فأوضح أنّ المعلومة بشأن منع دخول الجيش الموقع المستهدف غير صحيحة، مشدّداً على أهمّية التنسيق المؤسّسي وتحصين دور الجيش من أيّ استهداف أو تشكُّك.

لا تزال المبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس تتابع عن كثب كلّ تفاصيل الملفّ اللبناني الأمنيّ والسياسي على حدّ سواء
بناء على هذا الكلام لا بدّ من التأكيد أنّ الجيش اللبناني سبق أن دخل مستودعات تابعة لـ”الحزب” شمال الليطاني. كان بعضها من دون أيّ تحذير إسرائيلي، وبعضها الآخر بعد تحذير وصل كالعادة عبر الآليّة المعتمدة، وهي لجنة المراقبة. أبرز هذه المستودعات موجود في جدرا وكفرشيما وغيرهما من المناطق.

انطلاقاً من أنّ كلام الرئيس، أو نفيه هذا، أتى في سياق الحرص على إبقاء التوتّر على الأرض مستوراً، طرحت مصادر دبلوماسية بعض الإشكاليّات – الهواجس المرتبطة بنفي الرئيس الخبر، أبرزها:

الحزب

– هل يلاقي “الحزب” الرئيس عون عند هدفه المنشود ما دام الأخير يحرص على معالجة الأمن بالتراضي؟

– لماذا لم يكن جواب عون أكثر تكتّماً في ما خصّ المسائل الأمنيّة، لا سيما أنّ الجيش اللبناني معنيّ بالإشكالية المطروحة لجهة دخوله مباشرة بعد الإنذار أو بعد الاستهداف؟

– في حال لم يطوّق “الحزب” المكان ويمنع دخوله، لماذا لم يدخل الجيش بعدما وصل التحذير مباشرة إلى لبنان؟

– في حال لم يصل تحذير إلى لبنان لماذا لم يصدر لبنان بياناً يواجه الرواية الإسرائيلية؟

– هل ينتظر قرار الحسم المستجدّات الإيرانية؟ فمتى سقطت إيران يصبح الحسم قي لبنان أسهل، فلماذا خوض المواجهة من اليوم؟

حذارِ كشف الجيش أمنيّاً

بناء على هذه الأسئلة لا بدّ من الإضاءة على تداعيات أيّ كلام رسمي على لبنان، وتحديداً على جيشه. تستذكر هذه المصادر كلام الرئيس نجيب ميقاتي عندما قال إنّه لا يملك قرار الحرب والسلم، لأنّ ميقاتي حمى يومها الدولة اللبنانية. يدعو المعنيّون بالملفّ اللبناني الأمني اليوم إلى الحذر الشديد من أن يكون ثمن حصر السلاح بالتراضي هو كشف الجيش أمنيّاً أو مواقع الدولة الأخرى، بالإضافة إلى مواقع “الحزب” بطبيعة الحال، فتصبح الدولة مسؤولة عن أيّ خلل أو تقصير أمنيّ وليس فقط “الحزب”.

لبنان على فالق خطير تلزمه حكمة القيادة كما يلزمه الحسم أيضاً في وضع كلّ فريق تحت مسؤوليّته للمحافظة على لبنان لجميع أبنائه
لذلك المسؤوليّة والحكمة التي يتعاطى بها الرئيس لكي لا يتحوّل حصر السلاح إلى اقتتال داخلي، يفترض أن تكونا مصحوبتين بحسّ مسؤوليّة والتزام عالٍ من قبل “الحزب” الذي لا يزال يراهن على الوقت.

أورتاغوس باقية!

تزامناً مع كلّ المستجدّات الأمنيّة، تتحدّث معلومات “أساس” عن أنّ التصعيد الأمني الذي يشهده لبنان، تارة جنوب الليطاني وتارة شماله، سيستمرّ ما دام الهدف بعيداً عن التحقُّق. لا تساعد تصريحات قادة “الحزب” رئيس الجمهورية في مسعاه. لذلك تؤكّد المعلومات الواردة من كواليس القرار الدولي أنّ الرهان لا يمكن أن يكون على فرد، بل على مؤسّسات الدولة مجتمعة، التي يقع على عاتقها مجتمعة ضبط الوضع الأمنيّ وتفعيل المسار السيادي، بمساندة رئيس الجمهورية وجهوده القائمة. ولكنّ المهل الموضوعة لتحقيق ذلك ليست إلى ما لا نهاية. وربما أنّ هذه النظرة الدولية المستجدة دفعت الرئيس عون إلى الدعوة بعقد مجلس الدفاع الأعلى اليوم الذي يضمّ في جنباته القيادات الأمنية ووزراء يمثلون كل الفعاليات السياسية.

بناء عليه، تقول معلومات “أساس” إنّ قصر بعبدا يعمل وفق تصوّر واضح محاولاً استباق الوقت في تحقيق عدد من الأهداف في الأسابيع المقبلة، أهمّها دفع الانسحاب الإسرائيلي من لبنان وإعادة الأسرى وحسم الحدود مع إسرائيل.

تحت عنوان المصلحة الوطنية وعدم تدحرج الوضع إلى اشتباك داخلي، يحرص كلّ مرّة رئيس الجمهورية جوزف عون على احتواء “الحزب”
انطلاقاً من هذا المعطى، لا تزال المبعوثة الأميركية إلى لبنان مورغان أورتاغوس تتابع عن كثب كلّ تفاصيل الملفّ اللبناني الأمنيّ والسياسي على حدّ سواء. وتقول المعلومات إنّها متابعة دقيقة لكلّ مستجدّ، وباقية في مهامّها عكس كلّ المعلومات التي تتحدّث عن إعفائها من الملفّ اللبناني. فهي تعمل حاليّاً على الضغط الدبلوماسي لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي وعودة الأسرى وإنهاء تثبيت الحدود من جهة، والضغط للإسراع بالإصلاحات من أجل نهوض اقتصادي حقيقي في لبنان من جهة أخرى.



خلاصة القول أنّ لبنان على فالق خطير تلزمه حكمة القيادة كما يلزمه الحسم أيضاً في وضع كلّ فريق تحت مسؤوليّته للمحافظة على لبنان لجميع أبنائه. والدعوة أوّلاً هي إلى عدم كشف الدولة والجيش على حساب أيّ شيء في الأمن أو في الإصلاحات. بل على العكس، الدعوة هي إلى كشف مسؤوليّة كلّ القوى، سواء على مستوى التعاون الأمنيّ مع الجيش أو على المستوى السياسي من حيث خطاب القوى واحتواء الأزمة اللبنانية وعدم تفجيرها.


أساس ميديا