الحاجز العقائدي بين السعوديّة و "جمعيّة المشاريع" لم يمنع لقاء سفيرها- بقلم كمال ذبيان
شارك هذا الخبر
Wednesday, April 30, 2025
كانت مفاجئة الزيارة التي قام بها وفد "جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية" برئاسة الشيخ حسام قراقيرة، للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، واحتلت صدارة الاهتمام السياسي والاعلامي، لانه لا توجد علاقات بين الطرفين لاسباب عقائدية دينية. فالسعودية تدين بالانتماء الى "المذهب الوهابي" الذي اطلقه الداعية محمد بن عبد الوهاب، بينما تنتمي "جمعية المشاريع" التي تعرف بـ "الاحباش" والتي اطلقها مؤسسها الشيخ عبدالله الهرري في ستينيات القرن الماضي، عندما قدم من بلاد الحبشة الى لبنان، فسار هو واتباعه على خط امام اهل السنة والجماعة ابي الحسن الاشعري، وفي الفقه على مذهب الامام الشافعي. وهذا ما خلّف صراعاً عقائدياً بين المذهبين "الوهابية" و "الاحباش" من جهة ، وبين "الاخوان المسلمين" و "الاحباش" من جهة اخرى، ودفع رئيس جمعية "المشاريع" الشيخ نزار الحلبي حياته على يد مسلحين من "عصبة الانصار"، حيث اغتالوه في بيروت.
فاللقاء بين "جمعية المشاريع" والسفير السعودي، جاء بناء على دعوة الاخير الذي اراد فتح صفحة معها والتعرف اليها، بعد التمهيد لهذا اللقاء من خلال نقل رسائل بينهما اوصلت الى حصوله، والذي وصفته مصادر الذين حضروه، بانه كان ايجابياً جداً، ولم يتطرق الى الشؤون السياسية والانتخابات البلدية كبند اساسي، بل جاء عرض للاوضاع اللبنانية. وشرح وفد "جمعية المشاريع" النهج الذي تسلكه وهو الوسطية والاعتدال اعتقاداً وممارسة، وهذا ما ميزها عن الجماعات الاسلامية المتطرفة، التي تمارس الغلو في الدين الذي يشكل خطراً كبيراً، يهدد الافراد والاسر والمجتمعات والاوطان، ويلحق الاضرار الجسيمة بالامة.
هذا النهج رحب به البخاري، الذي اكد ان بلاده تسلكه ايضًا، لا سيما مع الرؤية 30/20 التي اطلقها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وقطعت شوطاً متقدماً، فابلغه وفد الجمعية بانها وان اختلفت عقائدياً مع المملكة، فانها لم تلجأ الى مهاجمة السعودية كدولة، ولا التعرض لقيادتها، وان الطرفين وان اختلفا عقائدياً، فانهما يشجعان في لبنان على قيام الدولة اللبنانية بمؤسساتها ودورها، وتأييد الجيش اللبناني. فأكدت الجمعية للسفير السعودي انها قد تكون الجهة الدينية والسياسية الوحيدة في لبنان التي وقفت الى جانب الدولة، واحتفلت بعيد الجيش، وترفع اللافتات المؤيدة والداعمة له منذ عقود.
واللقاء شكل نقلة نوعية لجهة قراءة السعودية للوضع السني في لبنان، بنظرة مختلفة عما كان عليه في زمن "الحريرية السياسية" التي انبثق منها "تيار المستقبل"، وحصرية التعامل معه كممثل شرعي وحيد للطائفة السنية، التي اظهرت للسعودية أنّ في داخلها اطرافا سياسية لها وزنها "كجمعية المشاريع"، التي لديها نائبان في مجلس النواب وتمثلت فيه منذ العام 1992، وقدمت مرشحين في غالبية الدوائر ذات التمثيل السني، فاستمع البخاري الى وفد الجمعية بكثير من الاهتمام، وفق المصادر التي كشفت ان الزيارة كانت بروتوكولية وتعارفية، واستماع كل من الطرفين لوجهة نظره، وقراءته للوضع في لبنان.
فالموقع العقائدي ـ الديني لكل منهما ثابت لديهما، دون وضعه كنقطة خلاف بينهما، بل قراءة وتفسير واجتهاد في الدين الاسلامي الذي تفرعت منه وعنه مذاهب، كما في اديان اخرى، ولا يمنع الخلاف العقائدي، الالتقاء على نهج مشترك في الاعتدال والوسطية، وقيام الدولة وتأييد الجيش في لبنان، وتحقيق الاصلاحات، فاتفق الطرفان على هذه العناوين، وفق ما تؤكد المصادر التي لا ترى في اللقاء انتقالا سياسيا لجمعية المشاريع، التي كانت وما زالت قريبة من كل جهة ترى في فلسطين قضيتها المركزية، وهذا هو التوجه العربي العام منذ عقود