رئيس لجنة المراقبة في لبنان: لا تنتظروا خيراً- بقلم غادة حلاوي
شارك هذا الخبر
Wednesday, April 30, 2025
جولة جديدة يقوم بها رئيس لجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، الجنرال جاسبر جيفرز، على الرؤساء الثلاثة في لبنان. لم يتضح بعد ما إذا كانت زيارته، التي تأتي بعد انقطاع طويل، قد جاءت تلبية لدعوة لبنان، أم أنها مجرّد جولة تفقدية جديدة. فالجنرال المقيم خارج لبنان، غالبًا ما تتزامن زياراته مع مناسبات أو ظروف محدّدة، فيما لم تُثمر اجتماعات اللجنة التي يرأسها عن أي نتائج ملموسة، رغم الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للاتفاق. لبنان، الذي أبدى استياءه من تخلف اللجنة عن أداء دورها، ومن غياب رئيسها المتكرر، وجّه دعوة رسمية إلى جيفرز لحضّه على إعادة تفعيل اجتماعات اللجنة والقيام بمسؤولياتها. فمنذ تشكيلها، لم تحرّك اللجنة ساكنًا ولم تصدر تقارير تُدين الخروقات الإسرائيلية، واقتصر دورها على رصد الانتهاكات من دون اتخاذ أي إجراءات.
جهاز عديم الفعالية ويبدو أن اللجنة تحوّلت، في نظر الدولة اللبنانية، إلى جهاز عديم الفعالية، لا يتعدّى دوره دور "شاهد زور" على الاعتداءات الإسرائيلية. والسؤال المطروح: لو كان حزب الله هو من يخرق الاتفاق، هل كانت اللجنة ستتعامل بالأداء نفسه؟
منذ توقيع الاتفاق في آذار الماضي، لم تلتزم إسرائيل بأي من تعهداتها، فلم تُفرج عن الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم خلال الحرب، ولم تنسحب من الأراضي التي لا تزال تحتلها، ولم تبدأ ترسيم الحدود البرية.
لبنان، الذي لا يملك سوى إصدار بيانات الإدانة، يجد نفسه في موقع محرج، ولم يبقَ أمامه سوى توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة وفرنسا، رُعاة الاتفاق، لتحميلهم مسؤولية إخفاق التطبيق. ويستغرب لبنان الرسمي صمت هاتين الدولتين، بينما تستغل إسرائيل هذا الصمت لمواصلة اعتداءاتها وتوسيع رقعة خروقاتها.
تتعامل إسرائيل مع الاتفاق باستخفاف، إمّا بعدم الالتزام ببنوده، أو بالاستفادة من غموض بعضها، خصوصاً ما يتعلّق بسلاح حزب الله، حيث تدّعي أن هذا السلاح لم يُسلّم بالكامل، وأن الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" لم يتسلّما السيطرة الكاملة على المنطقة الحدودية.
اتفاق تحت الضغط وبالعودة إلى ظروف الاتفاق، فقد أتى نتيجة ضغط شديد، إذ خُيِّر لبنان بين التوقيع أو تعرّض الضاحية الجنوبية للتدمير الشامل. تسلّم لبنان النسخة النهائية مكتوبة بالإنجليزية، ومن دون مراجعة قانونية دقيقة خشية التسريب، فيما كانت الترجمة مليئة بالثغرات مع مصطلحات حمالة أوجه من ناحية التفسير.
حزب الله قَبِل بوقف الحرب، مستجيبًا لطلب رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبمرور الوقت، تبيّن أن الاتفاق كان الحدّ الأدنى الممكن لوقف العدوان الإسرائيلي، لكنه منح إسرائيل حق الدفاع عن النفس متى "شعرت بالخطر"، ما أتاح لها تنفيذ اعتداءات متكررة بحجج واهية، غالبًا باستهداف من تزعم أنهم ينتمون لحزب الله.
ورغم التزامه بالاتفاق وتجنّبه خرقه، إلى أن حزب الله يرفض تنفيذ البند المتعلق بنزع السلاح، متمسكًا بأن الانسحاب الإسرائيلي ووقف العدوان يشكلان شرطاً مسبقاً لأي التزام. وقد عبّر أمينه العام الشيخ نعيم قاسم عن هذا الموقف.
كل ما سبق يؤكّد أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يصبّ في مصلحة لبنان، فالحرب لم تتوقف، والانتهاكات لم تتراجع، والأراضي لم تُحرّر، بينما تواصل إسرائيل استغلال الاتفاق لمصلحتها، مستفيدة من الدعم الأميركي والصمت الفرنسي.
أما الهدف غير المعلن من الاتفاق، فهو تقويض سلاح حزب الله ودوره السياسي والعسكري، وهو ما ظهر بوضوح في ردّ المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس على وليد جنبلاط الذي تحدث عن نزع سلاح الحزب بالحوار، وهو ما سبق أن صرّح به طارق متري وغسان سلامة، قبل أن يُقابَل بتجاهل أميركي واضح.
تجاهل الولايات المتحدة وفرنسا للخروقات، في ظل التزامهما بدعم إسرائيل، يؤكّد وجود "قطبة مخفيّة" في الاتفاق، كما أن أورتاغوس لم تتطرّق في زياراتها لمسألة الانسحاب الإسرائيلي أو تحديد أي مهلة زمنية لذلك بقدر ما تركز على مسألة سحب السلاح.
لذلك، يبقى السؤال المطروح: ما الذي سيحمله رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار إلى لبنان؟ وهل أتى استجابةً لشكوى لبنان، أم لعقد اجتماع جديد للجنة؟ الجواب غير واضح بعد، لكن المؤكد أن جيفرز سيتلقى احتجاجًا لبنانيًا شديد اللهجة، ومطالبة بعقد جلسة عاجلة للجنة. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان قد وجّه احتجاجات رسمية إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا بهذا الشأن، وينتظر الردود عليها.
المعلومة غير المؤكدة هي أن رئيس لجنة المراقبة يقيم في دولة عربية، لا في لبنان من دون تبرير السبب لذلك. أما المعلومة المؤكدة، فهي أن زيارته لن تحمل جديدًا على صعيد تراجع إسرائيل عن خروقاتها. وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن الرسالة واضحة ومفاده "لا تتأملوا خيراً".