خاص - مفاوضات الغد: نهاية حقبة أم بداية اشتعال؟... ولبنان على فوهة الانتظار! السفير شديد يقرأ - مارغوريتا زريق
شارك هذا الخبر
Friday, April 11, 2025
في وقت بالغ الحساسية إقليميًا ودوليًا، تستعد العاصمتان، واشنطن وطهران، للجلوس إلى طاولة المفاوضات غدًا، في محاولة جديدة لإحياء مسار التفاهم حول الملف النووي الإيراني، وسط مراقبة حثيثة من عواصم القرار، وفي مقدمها تل أبيب، وبيروت، هذه الجولة المرتقبة تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، والانهيار الاقتصادي المتسارع داخل إيران، وتزايد الضغوط الأميركية والغربية عليها في أكثر من ملف.
المفاوضات المرتقبة غدًا ليست مجرد جلسة تقنية حول تخصيب اليورانيوم أو آليات التفتيش، بل هي محطة محورية قد تحدد شكل العلاقات الإقليمية لسنوات مقبلة، ولبنان، بما يعيشه من هشاشة داخلية وتداخلات خارجية، سيكون من أولى الساحات التي ستتأثر، سلبًا أو إيجابًا، بمآلات هذه المحادثات.
تبقى العيون شاخصة نحو عمّان، حيث اللقاء المفصلي، بانتظار ما إذا كانت السياسة ستنجح فيما فشلت فيه سنوات من المواجهات.
في هذا السياق، كشف سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فوجئ بقرار الإدارة الأميركية عقد مفاوضات مباشرة مع الجانب الإيراني في العاصمة الأردنية عمّان، دون علم مسبق بذلك، وقد استدعاه ترامب شخصيًا لإبلاغه بهذا التطور، الأمر الذي لم يلقَ ارتياحًا من نتنياهو، وهو ما بدت مؤشراته في تعابير وجهه خلال ظهورهما المشترك في البيت الأبيض، ووفق ما يُعرف عن توجهاته، يفضل نتنياهو الخيار العسكري لضرب القدرات النووية الإيرانية، ولا يثق بأي اتفاقات يمكن أن تُملى لاحقًا أو أن تُلغى في حال تغيّر ساكن البيت الأبيض.
وعن إرسال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف دون غيره، اشار شديد الى أن ويتكوف هو الشخصية التي تحظى بثقة واضحة من الرئيس، وهو ما انعكس في تكليفه بملفات شائكة خلال الشهرين الماضيين بعد انتخاب ترامب، وقد ظهر جليًا اهتمام الأخير بملفات الشرق الأوسط، إلى جانب الأزمة الروسية – الأوكرانية، زيارة ويتكوف إلى موسكو ولقاؤه بالرئيس فلاديمير بوتين، رغم وجود وزير الخارجية الأميركي، تعكس حجم الثقة الممنوحة له ودوره المحوري في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
في سياق متصل، بدأت ملامح تفاهم تركي – إسرائيلي تلوح في الأفق، في ضوء الرسائل الأميركية التي نقلها ترامب إلى نتنياهو، والتي تضمنت دعوة صريحة إلى "التعامل بعقلانية" مع أنقرة، مؤكدًا على علاقته الشخصية بالرئيس رجب طيب أردوغان، ويبدو أن واشنطن تسعى إلى إعادة ترتيب المشهد السوري، عبر تعزيز دورها المباشر في المنطقة، وهو ما يستدعي تفاهمًا إقليميًا لا يمكن تجاوزه.
واضاف ، تعاطي ترامب مع الملفات بحسب ما هو واضح، تعكس منهجًا تجاريًا أكثر من كونه سياسيًا بحتًا، فالرئيس الأميركي، الذي يفاخر بسجله كرجل أعمال، ينظر إلى إيران باعتبارها "كنزًا مغلقًا"، قابلًا للاستثمار والمفاوضة، غير أن هذا الانفتاح لا يمكن أن يتم، وفق رؤيته، إلا بعد ضمان القضاء التام على البرنامج النووي الإيراني، ويبدو أن واشنطن، وفق هذا المنظور، لا تمانع الانخراط في اتفاقات مجزية اقتصاديًا، شريطة تأمين متطلبات الأمن القومي الأميركي والإسرائيلي.
ويرى شديد ان قراءة المشهد السياسي تشير إلى أن الهدف الأميركي – الإسرائيلي يتمثل في التوصل إلى اتفاق نهائي، بعيدًا عن الحلول المؤقتة أو التسويات المرحلية، الرغبة الواضحة هي وضع حد دائم للملف النووي الإيراني، بما لا يسمح لطهران بإعادة التفاوض أو المناورة مستقبلاً.
اما عن تبنّي ترامب لنهج غير تقليدي في السياسة الخارجية، لفت شديد الى أنها أثارت حالة من الارتباك لدى العديد من الدول، إلا أن موقع الولايات المتحدة كقوة عظمى اقتصاديًا وعسكريًا، يجعل من هذا النهج أمرًا واقعًا لا يمكن تجاهله، أكثر من 70 دولة دخلت في مفاوضات مع الإدارة الأميركية لمراجعة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب، ورغم الضبابية التي تكتنف هذا النهج، إلا أن المجتمع الدولي مضطر للتعامل مع مخرجاته.
وعلى الصعيد الأميركي الداخلي، لا يزال ترامب يحظى بقبول شعبي يتيح له الاستمرار في اتخاذ قرارات جريئة، إلا أن هذا الدعم يبقى مشروطًا بعدم تأثر الاقتصاد الأميركي سلبًا، لا سيما في سوق الأسهم، والتوظيف، وقطاع الأعمال، وفي حال بدات قراراته تأتي بنتائج سلبية وتبدلت المؤشرات الاقتصادية، فإن المشهد السياسي الداخلي قد يشهد تحولات غير محسوبة.
ماذا عن الرهان اللبناني على مسار المفاوضات الأميركية – الإيرانية؟ أكد السفير شديد أن إيران تتجه إلى طاولة المفاوضات من موقع ضعف، ما قد ينعكس على موقع "حزب الله" داخليًا، خاصة بعد الحرب الأخيرة في لبنان، التي أضعفت أوراقه السياسية والعسكرية، وسط استمرار الضربات الإسرائيلية وعمليات الاغتيال.
وبالعودة الى السياق اللبناني، إعتبر شديد أن مورغان أورتاغوس هي الممثلة السياسية لترامب في بيروت، ويبدو أن الرئيس الأميركي راضٍ عن أدائها، ما يستدعي التعامل معها كممثلة رسمية للسياسة الأميركية في المرحلة المقبلة، وبحسب نهج الادارة الاميركية، فان مورغان أعطت مدة محددة لسحب سلاح الحزب.
وختم، في حال فشل المفاوضات، فإن البدائل المتاحة قد تكون قاسية على الداخل اللبناني، في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسي، واستمرار الضغط الإقليمي والدولي.