يحق للبنانيين أن يسألوا لماذا زادت رقعة الأرض اللبنانية التي تحتلها إسرائيل؟ لماذا دمرت القرى والبلدات في الجنوب والبقاع ودمرت الضاحية الجنوبية؟ لماذا تم تهجير أبناء هذه المناطق الذين كانوا يعيشون في منازلهم أعزاء مكرمين فأضحوا مشردين لا يدرون متى يعودون؟ لماذا سقط كل هؤلاء الشهداء؟ لماذا أصبح لبنان كله في الجحيم لا يعرف من أين تأتيه النيران؟
طلب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من الجيش اللبناني توضيحات تتعلق بعملية الإنزال الإسرائيلي عند شاطئ منطقة البترون واختطاف عماد أمهز الذي يقول الإسرائيليون بأنه مسؤول مهم في حزب الله، ولفت الشيخ قاسم إلى أنه لا يريد في هذه المرحلة توجيه اتهامات.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، يحقّ إذاً في المقابل للجيش أن يسأل حزب الله لماذا انخرط في الحرب ضد إسرائيل وجر اللبنانيين معه إلى هذه الكارثة التي يعرف كيف بدأها ولا يعرف كيف ينهيها، كما يحق لكل لبناني أن يسأل حزب الله وأن يطلب توضيحات منه عن سبب انخراطه بهذه الحرب على أمل أن لا يلقى الجيش واللبنانيون أي اتهامات بالتخوين أو العمالة عندما يطرحون هكذا أسئلة.
وفي مقارنة بين مفاعيل عملية الإنزال والخطف من جهة وعملية الإنخراط في الحرب من جهة ثانية لوجدنا أنّ عملية البترون تفصيل صغير في الكوارث التي حلت بلبنان نتيجة حرب الإسناد.
عملية البترون كانت نتيجة للحرب التي انخرط فيها حزب الله ولو لم تكن هذه الحرب لكان عماد أمهز اليوم موجوداً في لبنان أو يمارس عمله كقبطان بحري كما قيل، ولا يمكن لأحد أن يقارن عملية البترون بما نفذته إسرائيل من عمليات استخباراتية وعسكرية ضد حزب الله والجمهورية الإسلامية وهما تباهيا بقدراتهما العسكرية والمخابراتية ولكن يكفي أن نذكر الاغتيالات التي نفذها الموساد في إيران والضربات الأخيرة للدفاعات الجوية وورش إنتاج الصواريخ، ويكفي أن نذكر عمليات الإغتيال لقادة حزب الله وتفجيرات البيجر وأجهزة اللاسلكي حتى ندرك ويدرك الجميع حجم الاختراق الذي لا حدود له.
يحق للبنانيين أن يسألوا لماذا زادت رقعة الأرض اللبنانية التي تحتلها إسرائيل ونحن كنا نسعى واقتربنا من استعادة ما هو حق لنا؟ لماذا دمرت القرى والبلدات في الجنوب والبقاع ودمرت الضاحية الجنوبية وكلها كانت مناطق مزدهرة صرف أهلها ما جنوه لإعمارها وفتح مصالح ومحلات ومؤسسات وشركات وورش لم تعد موجودة؟ لماذا تم تهجير أبناء هذه المناطق وهم كانوا يعيشون في منازلهم أعزاء مكرمين فأضحوا مشردين لا يدرون متى يعودون؟ لماذا سقط كل هؤلاء الشهداء وجميعهم بالتأكيد كانوا يخططون لمستقبلهم أو مستقبل أبنائهم ويستمتعون بالحياة فانتزعت أرواحهم من دون أي رحمة؟ لماذا سقط كل هؤلاء الجرحى وهم سيعيشون طيلة حياتهم يحملون ندوب هذه الحرب ويذكرون مآسيها؟ لماذا حرم التلاميذ والطلاب من عامهم الدراسي ألا يحق لهم أن يكونوا كطلاب كل دول العالم ينهلون العلم ليفتخروا مستقبلاً بما أنجزوه؟ لماذا أصبح لبنان كله في الجحيم لا يعرف من أين تأتيه النيران لتقضي على ما تبقى من اقتصاد وقدرات وكفاءات؟ لماذا يسعى كل لبناني قادر للفرار من ساحة الحرب هذه وكثيرون لا يفكرون بالعودة؟
واجبنا الوطني يفرض علينا أن نسأل ونعرف بأن الجواب لم ولن يأتي لأن لا جواب منطقي وعقلاني يبرر كل ما حصل وما قد يحصل، سنسمع مجدداً نفس المعزوفة “هذه الحرب مؤامرة فلو لم نذهب إليها لأتت هي إلينا”.