التايمز- جماعات اليمين المتطرف في أميركا تمارس سياسة ضبط النفس.. وتستعدّ

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 2, 2024

نشرت صحيفة “التايمز” في لندن تقريرا لمراسلتها في واشنطن شارلوت ماكدونالد- غيبسون قالت فيه إن اليمين المتطرف الأمريكي اختفى من المشهد العام ولكنه يحاول استغلال التظلمات المحلية لتوسيع قاعدة الدعم له ويحضر للاضطرابات المقبلة لو كانت نتائج الانتخابات في الأسبوع المقبل ليست في صالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب أو متنازعا عليها.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن اليمين المتطرف يحاول زرع الانقسام وزيادة عناصره.

وحذرت وكالات الاستخبارات الأمريكية من أن المتطرفين الذين تأثروا بنظريات المؤامرة سيظلون تهديدا على الولايات المتحدة من الآن وحتى يوم التنصيب للرئيس أو الرئيسة الجديدة.

ورصد المشروع العالمي ضد الكراهية والتطرف زيادة في الخطاب العنيف المرتبط بالانتخابات عبر الإنترنت هذا الأسبوع، وهو ما يمكن مقارنته بنفس الفترة في عام 2020. وأشارت الصحيفة إلى حوادث عنف هذا الأسبوع وإحراق صناديق الاقتراع في ولاية أوريغون وواشنطن.

وفي حين لا يزال الدافع غير معروف، إلا أنه أكد على إمكانية تحول الانقسامات السياسية إلى العنف حول الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن عددا من الجماعات المتطرفة، مارست لعبة النفس الطويل وأخفت نواياها وعملت في الوقت نفسه على بناء قاعدة الدعم الشعبي لكي تطلق العنان لها لو تم الاختلاف على نتائج الانتخابات.

وقال جون لويس، الباحث ببرنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن: “إنهم لا يذهبون ويقولون: مرحبا، نحن النازيون الجدد، إنهم يقولون: نحن نحاول مساعدة المجتمع المحلي، إنهم يحاولون اكتساب الشرعية، وكسب الاحترام ثم المزيد من التطرف والمزيد من التجنيد وبناء صفوفهم”.

وتكشف البيانات حول النشاط المتطرف في أمريكا عن نتائج مشجعة، ففي تقرير أعده “مواقع النزاعات المسلحة وبيانات الحوادث” نشره في أيلول/سبتمبر، وجد أن عدد حوادث العنف السياسي التي تورط فيها متطرفون هي أقل مما سجل في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2020. وهذا راجع في جزء منه لمحاكمة وإدانة مئات المتطرفين بسبب الدور الذي لعبوه في فتنة 6 كانون الثاني/يناير عام 2021، حيث قام متطرفون من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب بالزحف نحو الكونغرس.

وقد أدت المحاكمات إلى جعل جماعات متطرفة مثل “براود بويز” و”أوث كيبرز” متفرقة وبدون قيادات وتعيش الخوف من اختراق عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي أو أف بي أي. وفي الوقت نفسه لم تنظم الجماعات في معسكر اليسار والمناهضة للفاشية تظاهرات أدت لردة فعل من المتطرفين، مثل تظاهرات حركة “حياة السود مهمة أيضا”. وقد أدت حركة الاحتجاج الداعمة لفلسطين والمؤيدة لغزة إلى نوع من ردود الفعل لكنها ليست على القاعدة التي سجلت قبل انتخابات عام 2020.

وبنظرة فاحصة على الأساليب الأخيرة للجماعات اليمينية المتطرفة في أوهايو والولايات التي ضربتها الأعاصير في الآونة الأخيرة فإنها تعطي صورة عن حركة أصبحت أكثر مهارة في تحديد واستغلال المظالم المحلية وزيادة أعداد صفوفها وتعزيز رسائلها.

وهناك عامل آخر في صمت جماعات اليمين المتطرف، وهو أن عددا منها يتبنى أهدافا مختلفة ومتباينة. فحركات مثل “براود بويز”، تدعم دونالد ترامب علنا، أما الجماعات الداعية لتفوق العرق الأبيض فتعمل على تسريع انهيار المجتمع. ومن جهة أخرى تعمل جماعات النازيين الجدد مثل “بلود ترايب” على إنشاء دول قومية تقوم على تفوق العرق الأبيض. ورغم تباين أهداف جماعات اليمين المتطرف إلا أن أساليبها لتحقيق الأهداف متناسقة، من ناحية إثارة الاضطرابات والعنف لزعزعة استقرار المجتمع.

إلا أن فتنة 6 كانون الثاني/ يناير كشفت لهذه الجماعات عن مخاطر التحريض السياسي العلني، لذا تحول العديد من الجماعات للتركيز على النشاط الصغير مثل الاعتصام ضد المثليين، وبخاصة في المجتمعات التي تشعر أن رسالتها مقبولة فيها وتحدث صدى.

ويقول بول بيكر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة دايتون بأوهايو إن ولايته، حيث توجد نسبة كبيرة من البيض من أبناء الطبقة العاملة المنبوذين بسبب انهيار التصنيع وزيادة الهجرة، تشكل أرضا خصبة للتجنيد. وقال بيكر: “عندما يرون أفرادا يشعرون بأنهم متخلفون اقتصاديا أو اجتماعيا فإنهم يصبحون دائما أهدافا محتملة للتجنيد”.

وقال جود إيرلواين، وهو طالب بمدرسة في سبرينغفيلد بأهايو إنه سئم من تحول بلدته إلى مختبر للمتطرفين من اليمين المتطرف. وقال: “أعتقد أن لدينا أربع مجموعات معادية للسامية مختلفة في سبرينغفيلد الآن، واحدة منها هي كو كلوكس كلان. كل هذه المجموعات جعلت الأمور أسوأ”. أما براود بويز وبلود ترايب فهما مجموعتان متطرفتان كانتا تعطلان ساعات عرض قصص المثليين أو “دراغ كوين” والأحداث المماثلة في أوهايو عام 2020. وسرعان ما انتبهوا إلى التوترات المتصاعدة في سبرينغفيلد بولاية أوهايو، بعد وصول أشخاص من هايتي.

ففي 10 آب/أغسطس، سار أعضاء “بلود ترايب” عبر شوارع سبرينغفيلد حاملين الصليب المعقوف. وفي 27 آب/أغسطس تحدث أحد زعماء “بلود ترايب” لمدة دقيقة تقريبا في اجتماع لجنة المدينة، قبل أن يطلب روب رو، عمدة المدينة، من الشرطة إبعاد الرجل. وسار أفراد “براود بويز” عبر المدينة في أوائل أيلول/سبتمبر.

وبعد اسبوع، في 10 أيلول/سبتمبر، استخدم ترامب المناظرة التلفزيونية ضد كامالا هاريس ليزعم أن المهاجرين في سبرينغفيلد “يأكلون الحيوانات الأليفة للناس الذين يعيشون هناك”، مما أدى إلى تضخيم رسالة ساعدت مجموعة من النازيين الجدد في نشرها.

واعتبر كريستوفر بولهاوس، زعيم “بلود ترايب”، ذلك بمثابة مصادقة على استراتيجيتهم: “هذا هو شكل القوة الحقيقية”، كما قال لمتابعيه على تيلغرام.

وقال الباحث لويس: “الجانب الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه المظالم التي تستجيب لها هذه الخلايا المحلية الصغيرة والمفرطة في القوة من الجماعات المتطرفة تحظى بجاذبية واسعة النطاق وجذب هائل”.

وتقول الصحيفة إن هذا التركيز على المستوى المحلي يجعل من الصعب تتبع نشاطهم، كما هو الحال مع الأسلوب المتزايد في إخفاء الأيديولوجيات. مثلا، تعد نوادي النشاط وصالات الفنون القتالية “غطاء لتدريب الشباب البيض ليصبحوا محاربين في حرب العرق القادمة”، كما قال باشا داشتغارد، مدير الأبحاث في مختبر أبحاث الاستقطاب والتطرف والابتكار في الجامعة الأمريكية.

لكن ما يفعلونه، تحت ستار التمرين والانضباط واللياقة الجسدية، هو إبطاء وتيرة معاداة السامية والدعاية ونظريات المؤامرة”، كما قال.

وفي الوقت نفسه تنتشر المعلومات المضللة على منصات مثل إكس وفيسبوك، في وقت تراجعت فيه جهود شركات وسائل التواصل الاجتماعي لضبط خطاب الكراهية.

وفي أعقاب إعصاري هيلين وميلتون، أدت نظريات المؤامرة حول نوايا وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية إلى انتشار التهديدات ضد العمال الذين يحاولون تقديم المساعدة. وأظهرت الجماعات المتطرفة مرة أخرى مدى براعتها في التمسك السريع بالمظالم المحلية. فقد نشرت منظمة “باتريوت فرونت”، وهي واحدة من أكثر الجماعات القومية الداعية لتفوق العرق الأبيض نشاطا، مقاطع فيديو لأعضاء فيها وهم يساعدون ويقطعون الأشجار في ولاية كارولينا الشمالية وينتقدون تقاعس الحكومة.

وتقول إيمي كوتر، مديرة الأبحاث في مركز معهد ميدلبري للإرهاب والتطرف ومكافحة الإرهاب، إن بعض الروايات، مثل الاستبداد الحكومي المتصور، كانت طريقة لتعبئة وحشد المجتمع الأوسع خارج أعضاء الميليشيات.

وقالت: “إذا حدث شيء في المجتمع المحلي يصل إلى نوع من التحرك، فمن السهل إذا على الفرد أو الميليشيا الاستفادة من هذه الأفكار والتكتيكات الموجودة مسبقا في المجتمع الأوسع وتحفيز الناس على التحرك”.

ويشعر باحثو التطرف بقلق خاص من أن العواصف اقتربت كثيرا من الانتخابات التي شهدت بالفعل محاولتين لاغتيال ترامب وتهديدات قياسية ضد العاملين في الانتخابات وإشارات من حملة ترامب بأنه قد لا يقبل النتيجة. وقال لويس: “عندما ترتفع درجة الحرارة إلى هذا الحد، ستبدأ الأشياء في الاحتراق”.


القدس العربي