راجعت لا بل تبخرت أجواء التفاؤل بالتقدم نحو وقف لإطلاق النار بين اسرائيل و«حزب الله» في المدى القريب، بعدما حزم الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، وكبير مستشاري البيت الأبيض بريت ماكغورك حقائبهما وعادا إلى واشنطن بدلا من التوجه إلى بيروت.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبق الاجتماع بهما الخميس، بإعلانه استمرار الحرب التي وسعتها إسرائيل في 23 سبتمبتر الماضي، والقول انه لا يفكر بتاريخ إنهائها بل في تحقيق أهدافها، كما ابلغهما انه ليس المهم الاتفاق بل القدرة على تطبيقه. وقد حاول وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن التخفيف من وقع الأجواء القاتمة بالقول: «جرى تحقيق تقدم من خلال تحديد المطلوب لتنفيذ القرار 1701، وكيفيه التنفيذ».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الأنباء» ان حكومة نتنياهو رفعت سقف مطالبها، وتطرح شروطا تدرك جيدا أنها مرفوضة لبنانيا، في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية ومعرفة من هو سيد البيت الأبيض الجديد. وان ما تطالب به تحت عنوان أمن الشمال هو شعار فضفاض لا يمكن تحديده في الأطر القانونية أو الأمنية. وتبقى الأمور مفتوحة على خرق للوصول إلى وقف للنار في أي لحظة.
وتضيف المصادر ان «ما تطرحه إسرائيل على الموفدين الدوليين يحبط أي مسعى لوقف النار، لجهة المطالبة بانسحاب حزب الله إلى شمال الليطاني ونزع سلاحه، وان كان هذا الامر مطروحا للنقاش، فإن ما تطلبه حول حق التدخل والطلعات الجوية ومراقبة المطار والحدود، أمر يدخل في صلب السيادة اللبنانية، ولا يمكن لأي فريق لبناني في المعارضة أو الموالاة القبول بمناقشة هذه الأمور».
وعلى وقع الغارات التدميرية وتفريغ المدن والمناطق المأهولة بالتحذير والتهديد بالغارات والتدمير، ذكرت وسائل الاعلام الغربيه ان 25% من المنازل في المناطق الجنوبية أصبحت مدمرة، ومثلها غير صالح للسكن. فيما وصف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تفريغ المدن في الجنوب والبقاع، وإجبار الناس على ترك منازلهم بـ«جريمة حرب».
كذلك تجاوزت استهدافات القوات الإسرائيلية كل جرائم الحرب، من خلال الإغارة على رجال الاسعاف والإنقاذ. وأفادت معلومات بأن الجيش الاسرائيلي قتل حتى اليوم 178 عنصرا من رجال الدفاع المدني والإسعاف، وأصاب 279 آخرون بجروح.
في مجال آخر، قال مصدر نيابي لـ«الأنباء»: «هناك جانب خفي في الصراع ومساعي وقف إطلاق النار وهو قوات حفظ السلام الموجودة في الجنوب، والتي سيكون لها دور بارز في تنفيذ القرار 1701، ذلك ان إسرائيل تطالب باستبدال بعض الوحدات التي ترى انها ليست حازمة في مواجهة حزب الله، الذي يرفض مشاركة بعض الدول الغربية في «اليونيفيل» والتي يعتبرها مؤيدة لإسرائيل وفي مقدمتها المانيا».
وهذا الموضوع بحثه قائد القوات الدولية أورلادو لازارو مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع الرئيس ميقاتي في السرايا.
وقد جدد ميقاتي في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «التعبير عن تقدير لبنان للجهود الشاقة التي تبذلها اليونيفيل في هذه المرحلة الصعبة، والتمسك بدورها وبقائها في الجنوب، وعدم المس بالمهام وقواعد العمل التي أنيطت بها، والذي تنفذه بالتعاون مع الجيش اللبناني».
وعبر ميقاتي عن«إدانته للاعتداءات الاسرائيلية على اليونيفيل والتهديدات التي توجه اليها»، مقدرا «إصرار العديد من الدول الصديقة للبنان على استمرار اليونيفيل في عملها في الجنوب». وقال: «ان توسيع العدو الإسرائيلي مجددا نطاق عدوانه على المناطق اللبنانية وتهديداته المتكررة للسكان بإخلاء مدن وقرى بأكملها، واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجددا بغارات تدميرية، كلها مؤشرات تؤكد رفض العدو الإسرائيلي كل المساعي التي تبذل لوقف إطلاق النار تمهيدا لتطبيق القرار 1701 كاملا».
وجدد رئيس الحكومة «التزام لبنان الدائم بالقرار الأممي ومندرجاته»، معتبرا ان «التصريحات الإسرائيلية والمؤشرات الديبلوماسية التي تلقاها لبنان، تؤكدان العناد الإسرائيلي في رفض الحلول المقترحة والإصرار على نهج القتل والتدمير، ما يضع المجتمع الدولي برمته أمام مسؤولياته التاريخية والاخلاقية في وقف هذا العدوان».