خاص- هل يمكن للبيطار إصدار قراره الظني رغم كفّ يده؟ وأي مفاعيل لهذه الخطوة؟ - هند سعادة
شارك هذا الخبر
Wednesday, September 11, 2024
خاص - "الكلمة أونلاين"
هند سعادة
بعد أن رفع القضاء سيف المحاسبة بوجه حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، إنصبت الآمال نحو ملف انفجار مرفأ بيروت الذي دخل عامه الرابع من دون التوصل الى الحقيقة المرجوة من أهالي الشهداء، فهل يفعلها مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار ويحرّك الملف من جديد تمامًا كما تجرّأ على توقيف سلامة، وماذا لو قرّر المحقق العدلي القاضي طارق البيطار إصدار قراره الاتهامي ووضعه في متناول الرأي العام رغم الكم الهائل من العراقيل بوجهه؟
في هذا الإطار، كان وفد من نواب كتلة "الجمهورية القوية"، قد طلب من الرئيس نجيب ميقاتي الإيعاز إلى جانب وزير العدل، بدعوة مجلس القضاء الأعلى إلى الإنعقاد الفوري والبحث في التعاميم التي كان قد أصدرها النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات والتي تعرّقل مسار التحقيقات، فهل يكفي ذلك حتى يستكمل البيطار عمله؟
يجيب عضو كتلة الجمهورية القوية، جورج عقيص، في حديث خاص لموقع "الكلمة أونلاين"، موضحا أنه "في حال قرّر البيطار الإستناد الى الدراسة القانونية التي أنجزها وتتيح له استكمال عمله رغم طلبات الرّد، سيكون أمام قرارين، إما أن يصدر قراره الظني من دون إجراء تحقيقات إضافية وتنفيذ مذكرات إحضار أو توقيف وفي هذه الحال لا توقفه قرارات عويدات، وإما أن يصرّ على تنفيذ هذه الإجراءات تمهيدا لإصدار قراره الظني فهو في هذه الحال يحتاج الى صدور قرار قضائي ينصّ على التراجع عن قرارات عويدات التي تعطّل تنفيذ هذه الاجراءات المطلوبة".
فالمسار القضائي شائك ومعقّد إذ أثناء استكمال البيطار تحقيقاته تلقى نحو 40 دعوى طلب رد بحقه والتي من شأنها أن تؤدي تلقائياً إلى تعليق عمله فور إبلاغه بها. ولكن البيطار عاد واستأنف عمله متسلّحا بـ "اجتهاد قانوني" مفاده أن عضو المجلس العدلي (محكمة استثنائية) لا يجوز رده من محكمة أدنى من المجلس العدلي، كمحكمة التمييز. واستند الى دراسة قانونية تعتبر أن صلاحيات المحقق العدلي حصرية، ولا يمكن ردها أو نقل الدعوى من يده إلى يد قاض آخر.
خطوة البيطار دفعت مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات للإدعاء على البيطار على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة وإطلاق سراح جميع الموقوفين في قضية انفجار المرفأ من دون استثناء ومنعهم من السفر. إضافة الى ذلك، أصدر عويدات التعاميم للضابطة العدلية، بعدم إنفاذ أي مذكّرة تصدر عن المحقق العدلي، من أي نوع ولأي جهة.
وفي هذا السياق، ذكر عقيص أنه "فور صدور القرار الظني عن المحقق العدلي، يحال الى المجلس العدلي الذي يعتبر الجهة المخوّلة للنظر به والبت بقانونيته كما أنه الجهة المخوّلة النظر بالاجتهاد الذي استند عليه البيطار والبت بصلاحيته، وبالتالي المسار يتوقّف بين المحقق العدلي والمجلس العدلي وفقا للقانون".
وفي حال أصدر القاضي البيطار قراره الظني رغم اعتباره قانونا غير نافذ، وأطلع الرأي العام على تفاصيله، فـ "هذا الأمر قد يشكّل خطوة الى الأمام نظرا للضغط الشعبي الذي سيرافق خطوة البيطار"، بحسب عقيص.
في المقابل، أشار المحامي لؤي غندور في حديث خاص لـ "الكلمة أونلاين" الى أن "بعض النواب وبينهم عقيص حاولوا العمل على تقديم اقتراح قانون لتعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية لناحية طلبات الرد أو طلبات نقل الدعوى، لمنع كف يد قاضي التحقيق حكما عن الملف في حال قدّمت هذه الطلبات الرد الى حين البت بها".
ولفت الى أنه "في الوضع الحالي ووفقا لمفاعيل طلبات الرد لا يستطيع القاضي البيطار إصدار أي قرار اتهامي لأن ما يحصل ليست مناظرة شعبية ولا يمكن إصدار قرار شعبوي بهذا الشكل".
عل صعيد آخر، اعتبر غندور أن "البيطار أخطأ في بعض الخطوات التي اتّخذها، فهو كان علم أنه بمجرّد استدعاء بعض الأسماء الى التحقيق سيعمد هؤلاء تلقائيا على عرقلة عمله"، وقال: "كان بإمكانه استكمال الملف بجوانبه الأخرى والتحضير بشكل كامل قبل البدء بالاستدعاءات القضائية، لأن الاستماع اليهم لا يقدّم أو يؤخر في سير التحقيق الجنائي فالأولية في هذا الملف تقوم على كشف هوية الجهة المسؤولة عن إدخال هذه المواد المتفجّرة الى لبنان ووضعها في المرفأ المجاور للمناطق السكنية المكتظة ومن يقف وراء عملية التفجير".
وتابع: "رغم محاولة طرح تعديل القانون الا أنه من شبه المؤكد أن رئيس مجلس النواب سيرفض عرض هذا الاقتراح على الهئية العامة، لافتا الى أن دور طلبات الرد في ظروف أخرى، قد يكون لصالح العدالة في حال كان القاضي منحازا بالتالي لا يمكن طلب تعديل الدستور عند كل حالة". من جهة أخرى، رأى غندور أن "قيام البيطار بالادعاء على أربعة قضاة بينهم عويدات لم تكن خطوة بالاتجاه الصحيح بل كانت الضربة القاضية لأن عويدات كان يمثّل الإدعاء أمام المجلس العدلي والبيطار رغم علمه المسبق أن هذه الخطوة من شأنها أن تسبب عرقلة إضافية للملف أقدم عليها، ما يعني أن البيطار ساهم بشكل أو بآخر بعرقلة الملف وتوقيف سير التحقيقات".
الى ذلك، أشار غندور الى أن "البيطار أخطأ أيضا لانه لم يراع التوازنات الطائفية في عمله".
ولكن في حال قرّر البيطار تخطي الأصول القانونية، وأقدم ببساطة على تسريب تحقيقاته وإطلاع الرأي العام على قراره الظني علما أنه بالقانون يعتبر غير نافذ، أوضح غندور أنه "في هذه الحالة وفقا للقانون الجهات المعنية ليست ملزمة بالإستناد على هذا القرار، ولن يؤخذ به كقرار اتهامي ملزم".
وتابع: "قيام البيطار باصدار قراره الاتهامي في هذه الحالة وذكر المتورّطين بالاسماء وكشف الدلائل الموجودة في حوزته، قد يكون بمثابة خطوة شعبية قد تنعكس عليه إيجابا من قبل اللبنانيين، وقد يؤدي ذلك الى ضغط شعبي على المسؤولين، ما قد يؤدي الى إعادة تحريك القضية، فالنيابة العامة التمييزية تحت الضغط يمكنها إعادة تبني القرار الإتهامي والإدعاء أمام المجلس العدلي الذي يمكنه بدوره أيضا الموافقة مع النيابة العامة التمييزية على هذا المسار أو الرفض بناء على أن طريقة الإدعاء تتضمن إجراءات باطلة وترفض إصدار الحكم في هذا الملف، مع الاشارة الى أن قرارات المجلس العدلي غير قابلة للطعن".
وقال: "هذا السيناريو رغم عدم قانونيته قد يكون أداة لكسر الجمود، ولكن وفقا للاصول يد القاضي البيطار مكفوفة عن الملف وأي خطوة شعبية من هذا القبيل تعتبر مخالفة القانون".
في ضوء شدّ الحبال المستمر داخل الجسم القضائي، يبقى مسار التحقيقات مرتبط بخطوات وخيارات متشعّبة، ففي حال يستند القاضي البيطار على الإجتهاد المذكور لماذا لم يصدر حتى اللحظة قراره الظني؟ كما أنه في حال ظلّت العراقيل سيدة الموقف هل يكون الحل عبر اللجوء الى لجنة تقصي حقائق دولية تضفي الشرعية اللازمة على الأدلة الموجودة وترفد التحقيق المحلي بقوة دفع للتقدّم خطوة نحو الحقيقة، بحسب ما شرح عقيص؟