الأسباب متعددة.. ارتفاع صادم في حالات التسمم الغذائي!
شارك هذا الخبر
Saturday, September 7, 2024
"شعرت بأن معدتي تتقطع تحت تأثير حرارة تتخطى الأربعين، حتى لم أعد أستطيع التحمل، فتوجهت إلى الطوارئ". هكذا تستسهل غوى، الشابة العشرينية وصف ما تعرضت له هذا الصيف من تسمم غذائي، تكرّر لمرتين. تروي غوى لـ"المدن" عن هاتين التجربتين قائلة: "في المرة الأولى، تناولت المشاوي من مطعم كنت معتادة على طلب الطعام منه دائمًا. المطعم يقع خارج بيروت وله سمعة جيدة، ولكن بعد تناول الوجبة أصبت بمغص شديد جعلني أصرخ من شدة الألم، مما استدعى نقلي إلى المستشفى حيث ثبتت الإصابة بتسمم غذائي. أما المرة الثانية، فقد تعرضت للتسمم بعد تناول علبة "تونا" اشتريتها من السوبرماركت، تسببت لي بإسهال شديد واستفراغ متكرر". تسجل حالات التسمم الغذائي في لبنان تزايدا ملحوظا -خصوصاً في فصل الصيف- ويعزى ذلك إلى العديد من العوامل، أبرزها، أزمة الكهرباء وتقنين المولدات، وتراجع الاستهلاك نسبياً.
حالات متكررة في هذا السياق، يوضح طبيب الجهاز الهضمي، الدكتور إلياس فيعاني، لـ "المدن" أنه "في كل صيف نواجه حالات متكررة من التسمم الغذائي، وقد شهدنا هذا العام زيادة ملحوظة في عدد الحالات، والأسباب كثيرة، أوّلها عدم معرفة نوعية المواد الغذائية المستخدمة من لحوم وغيرها وتاريخ صلاحيتها وكيفية حفظها وغيرها من العوامل الطبيعية وسلوكيات الأمن الغذائي".
ويشير الدكتور فيعاني إلى أن "عدة أنواع من الجراثيم يمكن أن تسبب التسمم الغذائي، وأبرزها السالمونيلا، التي تتكاثر عادة في الدجاج وتنتج عن تلوث الطعام بالبراز الحيواني والإنساني". وينصح "بتجنب تناول الأطعمة النيئة في المطاعم، كما يشدد على أهمية الانتباه إلى نوعية المياه التي نشربها".
يلفت فيعاني إلى أن معظم الأشخاص يتعافون من التسمم الغذائي البسيط، بعد معاناة وأوجاع من دون الحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى، لكن يجب على من يعاني من استمرارية الاستفراغ أو الإسهال الشديد أو يعجز عن تعويض السوائل، التوجه إلى الطوارئ. كذلك، ينبغي على الأفراد الذين لديهم الضغط أو الذين يعانون من الحرارة المرتفعة لأكثر من 24 ساعة، والنساء الحوامل، والمرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم أو السكري، والأطفال تحت سن الخامسة، أخذ الحيطة واستشارة الطبيب تجنباً لمشاكل صحية أكثر تعقيداً".
أبلغوا حماية المستهلك أبلغ محمد خالد عن تجربته مع التسمم الغذائي بعد تناول القريدس من احد المطاعم، حيث تسبب ذلك في ألم شديد في معدته. لم يذهب إلى المستشفى واكتفى بتناول الأدوية المناسبة لتخفيف الألم". ورغم ذلك، فإن المطعم الذي تناول فيه القريدس رفض تحمل المسؤولية ونفى أن يكون التسمم ناتجاً عن طعامه.
في هذا الإطار يوضح مدير مصلحة حماية المستهلك طارق يونس أن من بين مهام المصلحة العديدة، تندرج مراقبة سلامة الغذاء كأولوية. ويقول "أنشئت هيئة لسلامة الغذاء في لبنان، وقد تم تعيين رئيس لمجلس إدارتها، ولكن لم يتم بعد تعيين الأعضاء الآخرين أو توفير الفريق اللازم لبدء العمل". ويفترض بهذه الهيئة أن تتعاون مع وزارة الاقتصاد، الصحة والسياحة لضمان سلامة الغذاء.
يشرح يونس "نحن جزء من هذه السلسلة ونتحرك يوميًا من خلال دوريات لمراقبة الأسعار، وشروط السلامة الغذائية، والمواد الأولية، والنظافة، وطرق التخزين والتبريد، وغيرها. ورغم أن عددنا ليس كبيرا، فإن هذه المراقبة تعتمد أساساً على الشكاوى المقدمة من الناس".
ويشير إلى "أن أكثر المخالفات تتعلق بمشاكل التبريد والكهرباء، حيث تحتوي المطاعم الكبيرة على أنظمة تبريد تعمل طوال الليل، لكن بعض المؤسسات مثل المطاعم والسوبرماركات قد تسعى إلى التوفير بالكهرباء مما يؤثر على سلامة الغذاء ويؤدي إلى نمو الجراثيم". وأضاف: "عدم الالتزام بالشروط العامة للنظافة والسلامة الغذائية، وطرق تخزين وتبريد البضاعة، يشكل مشكلة كبيرة تؤثر على صحة المستهلك". يجزم يونس أن المصلحة تأخذ عينات للتحليل وعند ظهور النتائج، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وهو يشجع المواطنين على تقديم الشكاوى قائلا "ندعو المواطنين للتواصل معنا لأن لديهم دورًا أساسيًا في مساعدتنا. لدينا منصة إلكترونية وتطبيق لتقديم الشكاوى، ومن خلالها يمكن متابعة سير عملية التحقيق".
هواجس المطاعم بديهي أنه لا يمكن تعميم التقصير و"الاستهتار" بصحة الناس على كل المطاعم. يعتبر صاحب مطعم الروضة محمد شاتيلا أنه "في ظل الظروف الحالية، قمنا باتخاذ عدة تدابير للتعامل مع مشاكل الكهرباء. خففنا كمية الأغراض والأطعمة التي تحتاج إلى تخزين في البرادات، وحاولنا توزيع الأحمال الكهربائية بين الطاقة الشمسية والمولدات، بالإضافة إلى استخدام بطاريات ليثيوم لتوفير الكهرباء خلال الليل". ويضيف لـ"االمدن": "صارت عيوننا مسمّرة على الهواتف لمراقبة سحب البطارية من الكهرباء ، لضمان عدم وجود أي خطأ أو أن يكون أحد البرادات مطفأ". وذكر شاتيلا أن فريقه يولي اهتمامًا خاصًا لطريقة تخزين الطعام وتنظيفه، لضمان سلامة الأغذية. "نحن كقطاع مطاعم نبذل قصارى جهدنا لحل جميع المشاكل التي نواجهها ولنبقى صامدين، بما في ذلك مشكلات الكهرباء. تكفينا الأمور الخارجة عن إرادتنا مثل الأزمات والحروب."
وأشار شاتيلا إلى أن "قطاع المطاعم لا يحتمل المزيد من الأزمات. في ظل الظروف الراهنة، يعاني هذا القطاع من ضغوط اقتصادية كبيرة، مما يضع أصحاب المطاعم في موقف صعب ويجبرهم على اتخاذ إجراءات تقشفية، تصل احيانا إلى التراخي في بعض الأمور حيث لا يُفترض".