لوفيغارو- نقاط الضعف الأمني الإيراني التي كشفها اغتيال هنية
شارك هذا الخبر
Sunday, August 11, 2024
عادت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إلى اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية قبل أيام في إيران، موضحة أنه بعد عدة أيام من التكهنات، ألقى الحرس الثوري الإيراني باللوم في وفاته على “قذيفة قصيرة المدى برأس حربي يزن حوالي 7 كيلوغرامات”، أُطلقت من خارج مقر إقامته شمال طهران. وفي اليوم السابق، زعمت صحيفة “نيويورك تايمز”، بناءً على شهادات مجهولة المصدر، أنه قتل بقنبلة مخبأة لمدة شهرين تقريبًا في نفس المنزل.
ومع تتابع التأكيدات والإنكارات، دون التمكن حتى الآن من تحديد مصدر الضربة بوضوح، أو تتبع خيط العملية المنسوبة إلى إسرائيل، هناك شيء واحد أكثر يقينا وهو أن تصفية إسماعيل هنية توضح مرة أخرى العيوب الأمنية في إيران.
وتنقل الصحيفة عن عبد الرسول ديفسالار، الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح، قوله: “كانت البيانات المتعلقة بالهدف دقيقة للغاية بحيث لا يوجد شك في أن الإيرانيين على الأرض الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات رفيعة المستوى شاركوا في العملية”.
والأمر الأكثر إحراجًا بالنسبة لطهران هو أن السلطة المزعومة لفيلق الحرس الثوري، المعروف بتدخله الإقليمي، تظهر هنا حدودها داخل البلاد نفسها. ويتابع الخبير: “إن خطورة فشل أجهزة المخابرات أكبر من ذلك، علماً أن حماية هنية كانت من مسؤولية الحرس الثوري، ما يشير إلى اختراقات خطيرة داخل هذه المجموعة”.
وقد أثار ضعف القدرات الأمنية الإيرانية الانتقادات والسخرية من الإيرانيين. وتؤكد التصريحات التي نشرت في الأيام الأخيرة في الصحافة الموالية للحكومة وجود قلق حقيقي داخل جهاز الدولة. وقالت وسائل إعلام إنه ”يَجب ألا نهمل الحديث عن الجواسيس في المؤسسات الحساسة، وأن مثل هذه الهجمات تعتمد عمومًا على تلقي إشارة دقيقة من الهدف وتقترح وجود عامل بشري أو فني“.
وفي مقطع فيديو يعود تاريخه إلى عام 2021، وعاد للظهور على شبكات التواصل الاجتماعي، أعرب وزير المخابرات السابق علي يونسي عن أسفه لاختراق الموساد الإسرائيلي لإيران. وقال: “على مدى السنوات العشر الماضية، وصل تسلل الموساد إلى مختلف القطاعات، وإلى مستوى يجب أن يشعر فيه المسؤولون في إيران بالقلق على حياتهم”. وكان علي يونسي يشير إلى سلسلة انفجارات في مواقع نووية، فضلا عن اغتيال علماء إيرانيين مرتبطين بالبرنامج النووي، ومن بينهم أستاذ فيزياء الجسيمات مسعود علي محمدي ومؤسس الجمعية النووية الإيرانية ماجد شهرياري عام 2010، أو عالم الفيزياء النووية محسن فخري زاده، الذي قُتل بالقرب من طهران في هجوم على موكبه.
كما هزت الهجمات الدموية التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها إيران خلال هذه الفترة. بالنسبة لرئيس المخابرات السابق، فإن هذه التسللات ترجع جزئيا إلى حقيقة أن الأجهزة المختلفة “تتقاتل فيما بينها”، في إشارة غير مباشرة إلى المنافسة ذات النتائج العكسية بين فرق وزارته وقادة التجسس في الحرس الثوري.
وبالنسبة لأولئك المطلعين على إيران – تواصل “لوفيغارو”- فإن التصلب الأيديولوجي للسلطة، جنباً إلى جنب مع عمليات التطهير التي شهدتها أجهزة الاستخبارات في أعقاب مظاهرات “الموجة الخضراء” الكبرى في عام 2009، ربما ساهم في ظهور هذه العيوب. تعاني الأجهزة الإيرانية اليوم من نظامها الخاص الذي يفضل الولاء على الكفاءة، تقول الباحثة الأسترالية كايلي مور جيلبرت، التي كانت مسجونة في طهران من عام 2018 إلى عام 2020، مضيفة أن “مسؤولي استخبارات الحرس الثوري يميلون إلى أن يدينوا بمنصبهم إما إلى التوافق الأيديولوجي أو إلى الروابط العائلية أو الشخصية القوية داخل المنظمة”.
والنتيجة- تتابع “لوفيغارو”- الهوس بتعقب الناشطين والمعارضين الإيرانيين، الذين غالباً ما يُتهمون خطأً بأنهم عملاء للولايات المتحدة أو إسرائيل، وأصبحت الخدمات أقل فعالية بكثير عندما يتعلق الأمر باكتشاف جواسيس خارجيين حقيقيين. وفي المقابل، قد تؤدي عمليات الاعتقال والإذلال المتكررة في نهاية المطاف إلى دفع بعض المواطنين الإيرانيين إلى “التعاون” مع دولة أجنبية. فقد أصبحت إيران أكبر خصم لنفسها: فهي مترددة على مدى عقود من الزمن في الاعتدال الأيديولوجي أو الإصلاحات من الداخل، لدرجة أن شعبها – أكبر ضحاياها – ربما يكون على استعداد لقبول احتمال أن يكون العدو، تقول “لوفيغارو”.