الألفية الثالثة استوفت كل شروط الفراغ- بقلم سعيد غريب

  • شارك هذا الخبر
Sunday, August 11, 2024

ها هي أزمة الشرق الاوسط، وكما توقّعت تنيؤات لا تعدّ ولا تحصى، منذ خمسة عقود، تنتقل الى مختلف انحاء العالم، بأشكال مختلفة، وتحوّلت الى برميل نفط موضوع فوق نار حامية. هي خليط من غازات مشتعلة من القوميّات التي تحتاج الى تطويق سريع، كي لا تشعل العالم كلّه.
انّ الأحداث التي استخفّ العالم بارتداداتها امتدّت الى الدول التي أسهمت في اندلاعها، وانقلبت ترسانة السلاح ضدّ من أنتجها ووزّعها، وتحوّل الصغار الى وحوش كاسرة يتطلّب الأمر جهودا غير عاديّة للقضاء عليها. انّ الكبار، والمقصود رؤساء الدول ورؤساؤهم غير الظاهرين، يريدون حقوق الانسان الّا في المكان الذي تذهب لاحتلاله قوّات من قبلهم، ثم يتساءلون لماذا يحدث ما يحدث في هذه المنطقة او تلك ، كما يتساءلون لماذا لا يحدث ما يجب في نظرهم أن يحدث ؟ انّ أزمات المنطقة دليل فشل الكبار الذين لم يستطيعوا أن يقدّموا للعالم أيّ حصيلة ايجابية. وما حرب غزة الا نموذجا لهذا الفشل المدمّر والمخجل والحامل بذور الخطر على العالم كلّه وليس على الشرق الأوسط وحده.

أمّا لبنان الذي يدفع منذ العام 1967 ثمن ارتدادات حرب حزيران، وعلى دفعات على مدى سبعة وخمسين عاما، فلم يعد ينفع معه شيء. ولم يعد اللبنانيون يسألون عن كيفية بناء دولة بل عن ضرورة وجودها بالحد الأدنى من الوسائل القانونية والمنطقية والضرورية. فهم بحاجة الى جيشها ودركها وشرطتها وموظفيها الحاضرين الغائبين لغير سبب وسبب.
ان اللبنانيين الذين كوتهم الحروب والأزمات المتتالية منذ تسع وأربعين سنة لا يريدون بالتأكيد فاشلين يستمدون وجودهم أو قوّتهم من طوائفهم، ولا أن يكونوا كميّة من الضحايا أو مجموعة من القتلة أومواطنين يسعون الى الفساد وما يواسيهم اذا جاز التعبير أن الألفية الثالثة استوفت كل شروط الفراغ على مستوى البشرية جمعاء.

ففي العالم رحل شارل ديغول وجون كينيدي ومارثن لوتر كينغ، وكرّت السبحة مع غياب الفلاسفة والأدب وموت الفكر في آبار النفط والغاز ودهاليز التجارة والتكنولوجيا، وبزغ فجر جديد قاتم عنوانه رجال اعمال وأصحاب شركات تولّوا هم أو اوجدوا من ينتدبهم حكم العالم، وويل لعالم يغيب عنه رجال الدولة ليحكمه رجال الأعمال أصحاب المليارات. والأسف الكبير على لبنان وشعب لبنان التوّاق الى دولة وأعجوبة من السماء، والّا سنبقى كميّة هائلة من الضحايا ومجموعة كبيرة من المرتكبين وجيشا من الموظّفين والمواطنين الساعين الى الفساد.