غادة أيّوب تكشف زيف الممانعين ومشروعهم الصهيوني - بقلم د. ميشال الشّمّاعي

  • شارك هذا الخبر
Saturday, August 10, 2024

ممّا لا شكّ فيه أنّ النائب غادة أيّوب تتعرض في هذه الفترة لحملة مغرضة تسعى لتشويه سمعتها والتشكيك في نواياها الوطنية. هذه الحملة التي جاءت على خلفية تصريحها بأن “نحن في مواجهة مستمرة منذ 1400 سنة” تمّ استخدامها بطريقة ملتوية لتصويرها وكأنها تحرض ضدّ المسلمين. هي التي فازت في انتخابات 2022 في دائرة صيدا- جزّين بعدما حصدت أصوات الصيداويين قبل الجزينيين. ذلك لأنّ أيّوب هي ابنة البيت الذي نشّأه أستاذ مادّة التّاريخ في ثانويّات وجامعات لبنان.


كلامي عن غادة أيّوب ليس نابعًا من صلة القربى التي تجمع عائلتينا إنّما من مراقبة مسارها التعلّمي – التعليمي والأكاديمي في الجامعة الوطنيّة،إضافةً إلى مواكبتها سياسيًّا كوننا رفاق تجمعنا راية القوّات اللبنانيّة. ولست هنا في معرض دفاعي عن سعادتها، ولا دفاعًا عن الخطاب الذي تحمله. فبنهاية المطاف، خطابنا واحد، ومدرستنا واحدة، وهدفنا واحد هو لبنان.

النضال ضدّ كلّ اضطهاد وليس ضدّ الدين الاسلامي

في قراءة دقيقة لتصريحاتها وسياقها تكشف أن غادة أيوب كانت تتحدث عن نضال مستمر ضد كل أشكال الاضطهاد والقمع، وليس ضدّ دين أو طائفة بعينها. لكنّ الاعلام الأصفر البارع في ثقافة تحوير الحقائق، واستغلال المواقف لمآرب سياسيّة رخيصة استغلّ هذه المسألة في محاولة منه لاغتيال أيّوب معنويًّا وسياسيًّا. لكن ما فات مطبخ السمّ هذا أنّ سمّه قد انقلب عليه. ولن يستطيع زرع الشقاق في بيئة نجحت أيّوب في الالتزام بقضاياها الانسانيّة والوطنيّة.

تصريح أيّوب، إذا أُخذ في سياقه الصحيح، يعبر عن عمق فهمها للتحديات التي واجهتها المجتمعات عبر القرون، بدءًا بالاحتلالات الخارجيّة إلى الصراعات الداخليّة التي غالبًا ما كانت تُغلّف برداء ديني أو طائفي. لكن لا نعتب على الذين يجهلون التّاريخ. بل عتبنا على بعض مَن يحاولون تغيير الجغرافيا السياسيّة.

* أساليب déjà vu

الحملة ضدّ غادة أيوب ليست إلا محاولة لتوجيه الأنظار بعيدًا من القضايا الحقيقية التي تطرحها، وهي قضايا تتعلق بحرية الإنسان وكرامته، وبمقاومة كل أشكال القمع، سواء أكان دينيًا، أم سياسيًّا، أو اجتماعيًّا. الذين يسعون لتشويه تصريحاتها يتجاهلون حقيقة أن النضال ضد الاضطهاد ليس مسألة جديدة في تاريخ البشرية، بل هو معركة دائمة خاضها الناس في كل زمان ومكان، ضد طغاة ومحتلين ومستبدين، بعضهم لبس لبوس الدين أو استغل الطائفية لتحقيق مآربه. وجهل هؤلاء لأنّهم هم بذاتهم يمارسون هذا النّوع من الاضطهاد. فهل نسي اللبنانيّون 7 أيّار؟ والقمصان السود؟ وقبرشمون؟ وخلدة؟ والطيونة؟ أم أنّ العصيّ التي تمّ بوساطتها إجهاض 17 تشرين هي عصيّ مباركة؟


فالتلاعب بتصريحات غادة أيوب وتحويلها إلى أداة للتحريض ضدّها هو جزء من أساليب تتبعها هذه الجهات نفسها لإسكات الأصوات التي تجرؤ على قول الحقيقة كما هي، دون تزييف أو تجميل. أولم يتعرّض اللبنانيّون الذين اتّخذوا من وادي قاديشا مأوى لهم للاضطهاد من الغزوات التي انهالت على لبنان بحجّة فرض الدين الإسلامي؟ أولم يقاوم هؤلاء ثقافة التتريك في زمن السلطنة العثمانيّة؟ هل المطلوب أن ننكر تاريخنا لنسترضي الآخرين العيش معهم؟

المضطهَد والمضطهِد

لا وألف لا. اختلافنا هو مصدر غنى في تركيبتنا الكيانيّة. ومقاومتنا للظلم من أين اتى هي سبب استمرارنا أحرارًا في هذه البقعة الجغرافيّة. هذه الأساليب ليست غريبة على الساحة اللبنانية، حيث كثيرًا ما يتمّ استغلال الحساسيّات الطائفيّة والدينيّة لتصفية الحسابات السياسيّة أو الشخصيّة.النضال ضد الاضطهاد، أيًا كان شكله أو مصدره، هو معركة شريفة تستحق الدعم والمساندة.

لكن على ما يبدو لا نستطيع أن نطلب من المضطهِد نفسه أن يساند المضطهَد. أمثال هذه الأبواق هي التي نحاربها بكلّ ما أوتينا. بغضّ النّظر عن هويّتها الدينية أو المذهبيّة أو حتّى الوطنيّة. فهل مثلًا الخصومة السياسيّة مع الحزب القومي السوري الاجتماعي هي من خلفيّة دينيّة؟ أو مع الفكر البعثي الذي أسّسه مسيحيّ؟ أو حتّى مع المدرسة الشيوعيّة القديمة اليساريّة التي انغمست في دعمها السياسي لمحور الممانعة على اختلاف أشكاله؟


الموقع الرسمي لحزب القوات اللبنانية