خاص- "في حرب أو ما في" اللبناني شهيد المركزي والدولة والقطاع الصحي في ظل غلاء ينهش جيبه- مارغوريتا زريق

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, August 7, 2024

خاص- الكلمة أونلاين

مارغوريتا زريق

يمر لبنان بواحدة من أسوء الأزمات في تاريخه وهي أزمة القطاع الصحي، والتي نجمت عن تداخل الفراغ الرئاسي مع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتدفق النازحين الذين أصبحوا يشكلون حوالي نصف السكان في لبنان، ناهيك عن غياب الدولة، بالتالي غياب المحاسبة مما جعل المواطن اللبناني فريسة فساد دولته وفساد البعض الفاقد للإنسانية في هذا القطاع.

وبحسب مصادر متابعة للملف الصحي، فإن المواطن اللبناني يعيش في ظل انهيار القطاع وارتفاع أسعار المستشفيات الذي أصبح بالغ الصعوبة، ويتجلى ذلك في جوانب عدة:

• بسبب انهيار العملة المحلية، أصبحت تكاليف العلاج، سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة، باهظة جداً بالنسبة لمعظم المواطنين. العديد منهم لم يعد بإمكانه تحمل تكاليف العلاج الأساسية، بما في ذلك العمليات الجراحية، الفحوصات الطبية، وحتى الاستشارات الطبية.
ويعاني المواطن اللبناني من غلاء الفاتورة الصحيّة في المستشفيات، التي تصل أحياناً إلى ١٠٠ ألف دولار، إضافة إلى رفع الدعم عن العديد من المستلزمات الطبّية في بعض الحالات ( القلب، وغسيل الكلى).
بينما يتلقى النازحون السوريون الرعاية الصحية على حساب الأمم المتحدة التي تدفع دولار fresh.

• نقص الأدوية: النقص الحاد في الأدوية، خاصة تلك التي تُستخدم لعلاج الأمراض المستعصية والمزمنة مثل السرطان والسكري، جعل الكثير من المرضى في وضع حرج. وقد أدى ذلك إلى اعتماد البعض على السوق السوداء، حيث تُباع الأدوية بأسعار مرتفعة جداً أو أحياناً تكون مغشوشة، وأصبح المريض فريسة مرضه ودولته ويمضي ما تبقى من أيامه منتظرا لحظاته الأخيرة.

• ضغط على المستشفيات الحكومية: مع ارتفاع تكاليف المستشفيات الخاصة، لجأ عدد متزايد من المواطنين إلى المستشفيات الحكومية التي تعاني من نقص في التمويل والتجهيزات بالإضافة إلى نقص في الطاقم الطبي بسبب الرواتب والأزمة المعيشية، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغط على هذه المستشفيات، مما تسبب في تدهور جودة الخدمات الصحية المقدمة.

وأشارت المصادر الى أن كل هذا يؤدي إلى تدهور الصحة العامة وزيادة معدلات الأمراض والوفيات، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً مثل كبار السن والأطفال، وزيادة معدل الفقر في لبنان بسبب الاضطرار إلى دفع مبالغ طائلة للعلاج في ظل وضع اقتصادي صعب ومدخول محدود، حيث تجد العديد من الأسر نفسها مضطرة للتخلي عن الاحتياجات الأساسية الأخرى لتغطية تكاليف العلاج.

وهنا لا بد من الإشارة إلى رفض وزارة المالية أحيانا صرف المستحقات اللازمة، وسياسة الحكومة التي تمنع المرضى المودعين من الوصول إلى اموالهم، كل هذا ايضا ساهم في قتل المرضى مرتين.

فقد كشفت أوساط نيابية أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، وبهدف إظهار نفسه على أنه يدخل أموالا الى خزينة مصرف لبنان، يمتنع عن دفع الأموال اللازمة الى القطاعات الحيوية في البلد وآخرها قطاع الصحة، إذ رفض دفع الأموال التي تحتاجها وزارة الصحة لمعالجتها ذوي الأمراض المستعصية.

واعتبرت الأوساط أن منصوري ومن خلال قراره هذا، بات يظلم ويعرقل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس أبيض في مهمته وكذلك يشمل الظلم حكما المرضى الذين لا تستطيع الوزارة تأمين المال لهم نتيجة "تمثيلية" منصوري ما سيؤدي الى تفاقم حالتهم الصحية، علما أن أبيض معروف بنجاحه في إدارة الملف الصحي ولكن ذلك يتطلب أموالا لدفعها من أجل معالجة هؤلاء المرضى.
هذا بالاضافة الى رفض وزارة المالية احياناً الى صرف المستحقات اللازمة.

إذاً، لا شك بأن المواطن اللبناني يعيش تحت ضغط نفسي كبير بسبب القلق المستمر على صحة عائلته وكيفية تأمين الرعاية الصحية اللازمة، ناهيك عن الخوف ممّا قد تحمله الأيام القادمة في ظل التهديد بحرب شاملة.

وتساءلت المصادر "أين المعنيون من التجاوزات التي تحصل داخل المستشفيات، وكيف يمكن لمستشفى أن ترفض مريضاً مهما كانت حالته خطيرة ليقبع على الشارع منتظراً موته، هل غابت الانسانية مع ضمائر المعنيين وهاجرت البلد مع أطبائه، وكيف يحق لمستشفى أن تأخذ بدل فتح ملف لمعاينة طبيب ما يزيد عن ال100$ فقط، هل حبر الاقلام في هذه المستشفيات مصنوعة من الذهب؟ وكيف يمكن لمستشفى ان تزيد بأسعار فحوصاتها اسبوعيا بشكل تعسفي في ظل عدم غلاء المازوت ولا زيادة رواتب وثبات سعر صرف الدولار؟!"

وتابعت الأوساط أن "ما يحدث في القطاع الصحي من تفلّتٍ للأسعار سواء على مستوى المعدات الطبيّة والمستشفيات، أم على صعيد إختفاء الدواء وندرة وجود العديد من الأصناف في معظم الصيدليات، هو أكبر دليل على معالم الإنهيار الشامل الذي ينتظر لبنان نتيجة للفشل الحكومي الواضح على مستوى الحكومة مجتمعة، والفشل السياسي الكبير نتيجة لسنواتٍ من تراكم الفساد والسرقة والهدر"

وختمت المصادر مؤكدة أن "الحل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو تنفيذ إصلاحات جذرية في النظام الصحي اللبناني، بالتزامن مع دعم دولي عاجل لتحسين الظروف الصحية، إذ يجب أن توزع الادوية بإنصاف وليس على قاعدة (الواسطة)، ويجب أن يكون هناك تدخل فوري من الحكومة ولكن أي حكومة، التي أعلنت ان القطاع الصحي جاهزاً لأي طارىء وحرب شاملة؟ من يرفض تطبيب مريض فقير في حالة السلم لن يقبل أن يطببه في الحرب"..