خاص- استراتيجية إيران بالرد على إسرائيل دون إشعال الحرب.. انتقاماً من نتنياهو - سيمون أبو فاضل
شارك هذا الخبر
Monday, August 5, 2024
خاص الكلمة أونلاين
سيمون ابو فاضل
بات واضحاً أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو، اغتال رئيس المكتب السياسي لـ"حركة حماس" اسماعيل هنية في العاصمة طهران، و قبله مستشار السيد حسن نصرالله القيادي رقم ٢ في حزب الله فؤاد شكر في عمق الضاحية، لأهداف متعددة واضحة، وأهمها محاولته استدراج إيران وأذرعها إلى حرب مع إسرائيل، بما يفرض دخول الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب بلاده في حرب واسعة لضرب إيران ومفاعلها النووي وأذرعها على مدى ساحات المشاغلة في الإقليم.
ويراهن نتانياهو على أن الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تباهى منذ سنوات بقوله "إنه صهيوني، وليس من الضروري أن يكون يهودياً ليكون صهيونياً، وإنه لو لم تكن إسرائيل موجود لعمل على أن تكون موجودة", سيدخل حكما الحرب إلى جانب تل أبيب، سيما أن مرحلة الانتخابات الرئاسية عامل مناسب ومشجع على انخراط الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب التي يأملها نتانياهو لضرب إيران وشل تمددها العسكري في المنطقة.
تبين من التوتر في كلام بايدن مع نتانياهو بأن حساباته كرئيس أميركا لا زالت مخالفة لمخططات رئيس حكومة إسرائيل، وهو يعمل على تطويق التوتر منعاً لنشوب حرب واسعة، تدخلها الولايات المتحدة التي يقودها "الديموقراطيون" في حرب مع إيران، عملت مراراً على تجنبها، سيما أن بايدن أبلغ نتانياهو بأنه يدافع عن إسرائيل لكنه لن يقاتل معه لفتح حرب مع إيران..
إنما، في المقابل لن تذهب إيران، رغم تهديدات قائد الثورة الإمام الخامنئي، إلى رد يشعل حرباً في المنطقة، وهي المدركة بأن نتانياهو ينصب فخاً مشتركاً لكل من واشنطن وطهران لوضعهما وجهاً لوجه، فتستفيد إسرائيل حكماً من ضرب القوات الأميركية إيران ويكون الأمر منفذاً لضربه مقرات التخصيب النووي، وإضعاف كل الحلفاء الممانعين وتحديدا حزب الله، من موقعه على تخوم إسرائيل ...
إذاً، رغم التهديدات الإيرانية بالانتقام من إسرائيل، فإن طهران ستدوزن ردها بحيث لا تدفع نتانياهو لإشعال حرب تدخلها واشنطن للعوامل التالية:
- رغم القرار الواضح للإدارة الجمهورية التي تقود الولايات المتحدة، وتتعاطى مع إيران وفق روحية "سياسة المهادنة" التي خطها الرئيس السابق باراك أوباما، بحيث ستعتمد المرشحة الرئاسية كامالا هاريس هذا النهج أيضا مع إيران في حال انتخابها، لكن طهران ستبقى حذرة من أن يؤدي ردها إلى نتيجة وأضرار كبيرة، تجبر واشنطن على دخول المعركة التي ستكون على حساب خسارة الجمهورية الإسلامية ومحور الممانعة ..
- باعت إيران منذ تشرين الأول الماضي، عقب عملية طوفان الأقصى، كنتيجة لانضباطها وضبطها لسقف الأعمال العسكرية لأذرعها، في ساحات المشاغلة، من النفط، رغم العقوبات الاميركية، إثر تسامح وغض نظر أميركي، ما يقارب الثلاثين مليار دولار أميركي، وتوسيعها الحرب سيرتد عليها خسارة إقتصادية..
- تعي إيران بأنه أياً يكن الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية، فإنه سينطلق لمعالجة ملف الشرق الأوسط، منطلقاً من توصيات القمتين العربية والاسلامية، اللتين عقدتا خلال تشرين الثاني الماضي في السعودية، ولذلك ستعمد إلى رد لا يوصل إلى حرب، وفي ذلك تكون أوراقها غير محروقة عند اتفاق اقتسام النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، لأن الحرب في ظل مشاركة الولايات المتحدة سترتد سلباً على واقع الممانعة سياسياً وعسكرياً..
- سهلت القيادة الإيرانية وصول الرئيس الجديد مسعود بزكشيان، بهدف تنفيس الاحتقان الداخلي، لتقديرها أنها ستواجه تحديات خارجية مكثفة، سواء مع واشنطن، إذا ما تم انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب، و في ظل هذا الواقع ستركز على الملف الداخلي، وعليه لن تخاطر بتوسيع الحرب التي سترتد عليها على أكثر من صعيد.
- لا يخفي مسؤولون أميركيون، أن طهران اقتربت من تحولها لدولة نووية، في مقابل كلام أميركي تداوله إعلام أميركي نقلا عن مسؤولين أمنيين، مفاده بأن طهران امتلكت القنبلة النووية، ودخلت نادي الدول النووية، وتتجنب الانزلاق نحو حرب في الوقت الحاضر، وهي لا تستطيع تأمين حماية ذاتها، وأن امتلاكها صواريخ باليستية ومسيرات، هو أمر لا يكفي للدفاع عن أراضيها، لافتقادها إلى سلاح طيران نظراً لترسانتها الجوية القديمة وغير المجددة نتيجة العقوبات والحظر الأميركي عليها..
- إن رد حزب الله، رغم قدراته الصاروخية التي تتحسب لها إسرائيل، لن يوصل إلى اندلاع حرب في المنطقة، سواء كان بالتزامن مع ضربات إيران والحلفاء في ساحات الممانعة، أم كانت مستقلة وفي وقت مختلف، بعدما أعلن أمين عام الحزب أن العودة إلى العمليات العسكرية اليومية يبقي توقيت الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر والمستشار العسكري الإيراني في عمق الضاحية، مفتوحاً ووفق تقديرات وحسابات حزب الله، إلا إذا فرضت طهران الرد الجماعي على كل الحلفاء، إذ بينت ضربات حزب الله سابقا بالتنسيق مع إيران،قراره بعدم الوصول إلى حرب مع إسرائيل.. في المقابل، كثفت واشنطن من انتشار قواتها البحرية في الخليج العربي، وكذلك وسع الحلفاء الغربيون الذين صدوا الضربات الإيرانية على اسرائيل في 13نيسان، تموضعهم في المناطق المحيطة بإسرائيل، بهدف إسقاط صواريخ ومسيّرات طهران والحلفاء منعاً لتحقيقها أي أهداف داخل الاراضي الإسرائيلة، تدفع نتانياهو إلى اعتماد ذلك وسيلة للرد على طهران وأذرعها وتوسيع الحرب.
لذلك فإن تأخر الرد، يحمل كما في السابق تفاهمات في حدها الأدنى بين إيران وواشنطن على سقف وحدود الضربة، تضعها طهران وديعة لحسن نيتها تجاه واشنطن عند كل من مصر والعراق وسلطنة عمان، الذين يشهدون اجتماعات عسكرية وأمنية أميركية - إيرانية، وإن كان هذه المرة سيأتي رد طهران أكثر زخماً، لكنه لن يكون مدخلاً لحرب تلبية لرغبة نتانياهو.
و إلى ذلك، يرى مسؤول لبناني واسع الاطلاع في الملف الإقليمي وتفاصيله العسكرية - الأمنية، أن المنطقة ليست أمام حرب واسعة، وإن إدغام الاغتيالات الإسرائيلية مع عمليات ردود الممانعة عليها، قد يكونان لاحقاً، مدخلا لعقد هدنة في المنطقة حتى انجلاء مصير الإنتخابات الأميركية، إذ حتى حينه بات الجانب الفلسطيني جاهزاً للتفاوض بعد التفاهم الذي رعته الصين بين هذه القوى، وسيلاقي ذلك على خلفية الهدنة أو انتهاء الحرب في غزة، حكومة إسرائيلية جديدة، نتيجة الضغط الأميركي على نتانياهو وصد الضربات الإيرانية عن إسرائيل..