أنهيرد- لماذا اصر بوتين على استعادة فاديم كراسيكوف؟
شارك هذا الخبر
Sunday, August 4, 2024
في 23 أغسطس (آب) 2019، وفي متنزه كلاينر تيرغارتن في برلين، أعدم قاتل كان يقود دراجة هوائية رجلاً، كان الضحية سليم خان خانغوشفيلي، الانفصالي الذي حارب روسيا في الحرب الشيشانية الثانية، ويُقال إنه تجسس على عملاء روس لصالح الاستخبارات الجورجية. وأمكن التعرف على المشتبه، المدعو فاديم سوكولوف، مهندس بناء من سانت بطرسبرغ، الذي ادعى أنه سائح.
كتبت بيثاني إليوت في موقع "أنهيرد" البريطاني أن المشتبه كان في الواقع قاتلاً روسياً يعمل في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وانتقد قاض في برلين الإغتيال ووصفه بـ "إرهاب دولة" وزعم أن الأمر جاء على الأرجح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً، الأمر الذي أثار موجة طرد دبلوماسي متبادل بين برلين وموسكو. ومع ذلك، ورغم كل الغضب في ألمانيا من اغتيال بدم بارد في وضح النهار، عاد فاديم كراسيكوف هذا الأسبوع إلى روسيا، حراً، بعد إطلاق سراحه ضمن أكبر تبادل أسرى بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة. الواقع أن الصفقة لم تكن لتتم دونه. قال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن "الرجل السيئ" كان "يُعَد بوضوح... قيمة رئيسية لدى الجانب الروسي"، في حين قالت صحيفة نيويورك تايمز إن قيمة كراسيكوف كبيرة إلى الحد الذي جعل موسكو ترفض باستمرار أي صفقة تبادل تستبعده. لماذا كراسيكوف؟
يزعم المستثمر في بيلينغكات كريستو غروزيف، أن بوتين وكراسيكوف قريبان من بعضهما، في حين أكد الكرملين أن كراسيكوف خدم في "وحدة ألفا" للنخبة في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وكانت هناك أدلة على أن كراسيكوف يملك معلومات سرية كان الكرملين حريصاً على منع وقوعها في آذان خاطئة.
في ديسمبر (كانون الأول) 2019، نُقل كراسيكوف إلى جناح في سجن شديد الحراسة بسبب مخاوف من محاولة عميل روسي اغتياله، خشية أن يتحول إلى خائن.
وقالت مصادر في الكرملين إن بوتين أعجب بصمت كراسيكوف، حيث من المرجح أن ضابط الاستخبارات السوفييتية الذي تحول إلى رئيس كان حريصاً على مكافأة هذا الولاء، وطمأنة العملاء الروس الآخرين على أن الكرملين لن يتركهم وراءه. "لم ينسَكم الوطن قط"، قال بوتين للعائدين. إذاً لم يكن طول فترة سجن كراسيكوف انعكاساً لأي تحفظ من الروس حسب إليوت. بل كان الألمان هم الذين أثبتوا في البداية ترددهم في إبرام صفقة. في أبريل (نيسان) 2023، اقترح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مبادلة تشمل أليكسي نافالني، وكراسيكوف، لكن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك رفضت الفكرة خوفاً من أن تؤدي إلى المزيد من احتجاز الرهائن.
لماذا غيروا رأيهم؟ أكد المستشار أولاف شولتس أنه فكر في الألماني المحكوم بالإعدام في بيلاروسيا وفي المسجونين ظلماً في روسيا. يريد البيت الأبيض أن يصدق المراقبون أن ذلك كان بفضل قوة الإقناع لدى الرئيس جو بايدن ونائب الرئيس كامالا هاريس، مع مزاعم بأن شولتس قال لبايدن: "من أجلك، سأفعل ذلك". وشدد البيت الأبيض على الدور الرئيسي الذي لعبته هاريس، والتي من المؤكد الآن أنها ستكون المرشحة الرئاسية للديمقراطيين، متحدثاً عن "علاقتها العملية الجيدة" مع شولتس واجتماعاتها مع المستشار الألماني التي كانت مفيدة في تأمين إطلاق سراح كراسيكوف.
إن دوافع برلين لإعطاء زخم للديمقراطيين واضحة. لقد سبق أن شكلت الحكومة الألمانية مجموعة أزمة غير رسمية لإعداد حكومتها، إذا فاز الجمهوريون في نوفمبر (تشرين الثاني). من الصواب أن تشعر بالقلق لأن البلاد معرضة بشكل خاص لبعض المنغصات الرئيسية لدونالد ترامب. إن تعهده بفرض رسوم جمركية بـ 10% على الواردات الأمريكية سيلحق الضرر بالاقتصاد الألماني القائم على التصدير، وبينما وصلت برلين الآن إلى هدف ترامب المهم جداً والمتمثل في تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، يدفع معسكر ترامب الآن بفكرة 3%. هذا قبل التحول إلى الحديث عن الصداع الأمني، إذا انسحب ترامب من حلف شمال الأطلسي ناتو، وقطع إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.
باع روحه؟ كان الأمر بمثابة "صفقة مع الشيطان"، على حد تعليق رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني. لكن في هذا الاتفاق الفاوستي، ربما باع شولتس روحه من أجل شيء أعظم كثيراً، الأمل في ألا يضطر إلى التعامل مع شيطان مختلف تماماً بعد نوفمبر(تشرين الثاني).