خاص- الحدود ثم الحدود - بقلم المحامي فؤاد الاسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 25, 2024

خاص - الكلمة أونلاين

المحامي فؤاد الأسمر

تتكوّن الدولة بفعل تحقق ثلاثة عناصر مجتمعة هي: "أرض" يعيش عليها "شعب" ويحكمهما "النظام والسلطة". ان انعدام اي ركن من هذه الأركان يسقط معه مفهوم الدولة.
من الضروري التوقف عند الركن الاول لقيام الدولة أي "الارض" أو "الأقليم" وأهم شروطه هي توافر حدود جغرافية واضحة ومحددة رسمياً ومعترف بها دولياً.

ان العِلم الدستوري يعتبر ان حدود الدولة هي بمثابة الجلد لجسم الإنسان، وان عدم ترسيم الحدود وضبطها يجعل من حضور الدولة وسيادتها منتقصيّن.

المؤسف ان لبنان، منذ نشأته ولغاية تاريخه، يعاني من من واقع تفلّت حدوده غير المرسومة بالكامل وغير المضبوطة، وهذه الثغرة الخطيرة كانت احد اسباب الكوارث التي حلت به، خاصة بفعل نزوح ولجوء ملايين الغرباء، على ممر الوقت، الى أرضه وإحداث الحروب والفتن فيه.


فتسييب الحدود كان الثغرة الأساس لإشعال فتنة العام ١٩٥٨، وحرب العام ١٩٧٥ نتجت عن تدفق الفلسطينيين والمرتزقة من جنسيات مختلفة إلى لبنان مع شحنات الأسلحة اليهم واستباحتهم الحدود، الأمر الذي استغلته سوريا وإسرائيل لاحتلال لبنان.

خلال ثمانينات القرن الماضي، تسرب الآلاف من الحرس الثوري الإيراني إلى لبنان وأسسوا نواة دولتهم فيه دون رقيب ولا حسيب.

ومنذ العام ٢٠١١ يستبيح النازحون السوريون الحدود، وقد تجاوز عددهم في لبنان المليونين ونصف المليون نازح، بقدراتهم العسكرية والاجرامية. كما وأن آخر تجليات الحدود "الفلتانة" كميات الأسلحة التي تدخل يومياً إلى لبنان وتختال بين الناس، تحضيراً لأمر مريب.

المؤسف بالموضوع ان دويلة الحرس الثوري هي المساهم والمستفيد الاول راهناً من تسييب الحدود وإشعالها الى تحريك الفصائل الفلسطينية لانتهاكها، وكل ذلك بهدف المتاجرة بها.


لا قيامة للبنان سيد حر ومستقل إلا بترسيم حدوده وضبطها بشكل كامل وشامل والا فسيبقى لبنان مجرد مساحة للحروب والفتن والموت والاحتلال.

والمؤسف كيف يمكن، بعد كل هذه التجارب، أن يدعي زعيم أو مسؤول لبناني الكرامة الوطنية ويسكت عن هذه الفجوة القاتلة؟