التايمز- تعاطف ايرلندا مع فلسطين قد يكلف بايدن خسارة أصوات الايرلنديين الأميركيين

  • شارك هذا الخبر
Thursday, May 23, 2024

نشرت صحيفة”التايمز” تقريرا لمراسلتها في نيويورك جوسي إنسور، قالت فيه إن علاقة التعاطف الأيرلندية تجاه فلسطين، قد تكون مكلفة جدا لجو بايدن في انتخابات الرئاسة المقبلة نهاية الشهر الحالي. وقالت إن الرئيس الكاثوليكي الثاني للولايات المتحدة فخور جدا بأصوله الأيرلندية، لكن دعمه الثابت لإسرائيل في حربها على غزة قد يكلفه كثيرا في الولايات المتأرجحة.

وبدأت الكاتبة تقريرها بالإشارة لمتظاهرين تجمعوا حول رجل كان يعزف الغيتار وهو يغني أغنية أيرلندية تراثية عن المتمردين الذين طردوا المستعمرين الإنكليز في حرب الإستقلال الأيرلندي. وكانوا يلوحون بيد بالعلم الأيرلندي والأخرى بالعلم الفلسطيني وارتدوا الكوفية الملونة بالأخضر والأبيض بدلا من اللون المعروف لها، أسود وأبيض، وخلفهم كانت هناك يافطة كبيرة تحمل “جو الإبادة الجماعية يجب أن يرحل”.

وأكدت أن الأيرلنديين لديهم علاقة تضامن طويلة مع الفلسطينيين حيث رأوا مقارنة بين نضال هؤلاء ضد إسرائيل وكفاحهم ضد الحكم البريطاني.

وفي خطوة منسقة مع إسبانيا والنرويج أعلنت أيرلندا اعترافها الرسمي بفلسطين، مما أدى إلى شجب فوري من إسرائيل.

وبعيدا عن البلد الأم بـ 4,000 ميلا يقوم الأيرلنديون الأمريكيون بتنظيم أنفسهم وبأعداد كبيرة من أجل التعبير عن غضبهم من دعم الرئيس بايدن لإسرائيل في حربها ضد غزة. ويقول البعض في الشتات الأيرلندي والذين منحوا أصواتهم للرئيس المعتز بجذوره الأيرلندية إن موقفه من الحرب تركهم في وضع صعب.

ونقلت الصحيفة عن استاذة الفن من فيرجينيا نات كيرتين (25 عاما) قولها: “تستخدم إسرائيل التجويع مثلما استخدمه البريطانيون في أيرلندا أثناء الجوع العظيم”.

وصوتت كيرتين التي ينتمي والدها إلى ليمريك ووالدتها من كورك، لصالح بايدن في عام 2022، لكنها لا تستطيع أن تفعل هذا في تشرين الثاني/نوفمبر: “أن يقوم بايدن بالمساعدة على ما يحدث اليوم يظهر أنه لا يفهم تاريخه”.

وأخبر بايدن في حفل لجمع التبرعات نظم قبل فترة في واشنطن، مجموعة من الأيرلنديين الأمريكيين “أيها الرجال أنتم من جلبني للرقص عام 2020″، في إشارة للانتخابات التي فاز بها ضد دونالد ترامب. وقال إن انتخابات عام 2024 هي “للحفاظ على الشرف واللياقة والكرامة والمساواة” فـ “الأيرلنديون الأمريكيون طالما صعدوا من النضال، وهذا هو من نحن”.

وجعل بايدن من أصوله الأيرلندية وأكثر من أي رئيس منذ جي أف كيندي، الكاثوليكي الآخر، جزءا لا يتجزأ من هويته.

وطالما أشار إليها مستشهدا بالشاعر ييتس وهيني وتحدث عن “الفينغانيين من كاونتي لاوت وبيلويتيين من كاونتي مايو الذين ركبوا سفن الأكفان عبر الأطلنطي قبل 165 عاما”. وترى كوين أرسيم- أومالي التي تعود أصول عائلتها ولخمسة أجيال إلى كاونتي مايو، نفاقا في خطابات بايدن فهو “يقوم وبشكل دائم بالإشارة إلى تراثه وبنفس الطريقة التي يلوح فيها بدعمه لإسرائيل، وهذه مسخرة”.

وقالت المحامية البالغة من العمر 32 عاما من بوسطن “من الواضح أنه لا يعرف وبشكل جيد جذورنا”. وأرسيم- أومالي، هي عضو في مجموعة “أيرلنديون أمريكيون من أجل فلسطين” (إياب) والتي زاد عددها منذ حرب غزة، ولديها 100 فرع وآلاف الأعضاء في نيويورك وفيرجينيا وواشنطن وفي أنحاء نيو إنكلاند. ويؤكد هذا هؤلاء أنها حركة احتجاجهم نابعة من أسلافهم في الوطن الأم.

وكانت أيرلندا ولعقود من أكبر الداعمين لفلسطين في الغرب وكان النواب فيها أول من طالب بوقف الأعمال العدائية بعدما شنت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر.ويقوم أعضاء “إياب” الذين قال بعضهم إن الأحداث في غزة دفعتهم نحو البحث في تاريخهم وبشكل أعمق، بعقد صلات مع الداعمين لفلسطين في بلفاست لإنشاء حركة عالمية.

وهاجر أجداد الأيرلنديين الأمريكيين إلى الولايات المتحدة قبل ثلاثة أجيال، وعلى خلاف السكان الآخرين، فمن الصعب تسجيل مواقفهم واستطلاعها. ومن بين 333 مليون نسمة في الولايات المتحدة هناك 30 مليون يقولون إن أصولهم من أيرلندا، وهم ليسوا كتلة متماسكة في الانتخابات، إلا أن أصواتهم مهمة. ويقول بران أوديور، نائب رئيس الديمقراطيين الأيرلنديين الأمريكيين: “هم واحدة من الأصوات المتأرجحة المتبقية في الولايات المتحدة”، ويرى “أن من عادتهم دعم الفائزين”.

ومن الرهانات الكبيرة في انتخابات عام 2024 هي تأمين كل من ولايات نيوهامبشير ومين وبنسلفانيا حيث يمثل الأيرلنديون الأمريكيون ما بين 10 -17% من السكان. وتعد نيوهامبشير “الأكثر أيرلندية” بنسبة 20% من السكان يزعمون أن أصولهم من أيرلندا.

وقامت اتحادات العمال في شمال- شرق البلاد والتي سيطر عليها تاريخيا الأيرلنديون، بخطوات غير عادية وأصدرت بيانات داعمة للقضية الفلسطينية. واستجاب المئات لدعوة من نقابة العمال الفلسطينيين ووقعوا على مطالب تدعو لوقف إطلاق النار، حتى تلك النقابات التي دعمت قياداتها من الناحية التاريخية إسرائيل.

ويعول الرئيس بايدن الذي يعتبر من أكثر من المدافعين عن النقابات في تاريخ أمريكا على دعمها. وقد ساعدته على الفوز ضد ترامب فيما يعرف بحزام الصدأ مثل ميتشغان وبنسلفانيا بعدما وقفت مع ترامب ضد هيلاري كلينتون في عام 2016. وتراجع دعم بايدن وسط النقابات المهمة بنسبة 50-56%، حسب آخر استطلاع نظمته شبكة “أن بي سي” نيوز. وليست السياسة الخارجية التي أدت لتراجع دعم بايدن. فبالنسبة للطبقة العاملة أو أصحاب الياقات الزرق (كما يسمون)، فالقرار قد يتعلق بالتضخم والاقتصاد. ولا يرى الكثيرون أن أوضاعهم تغيرت خلال أربعة أعوام من حكم بايدن.

والتقى شين أوبراين، الرئيس المؤثر لنقابة الأخوة الدولية لسائقي الشاحنات، بشكل خاص مع المرشح الجمهوري المفترض ترامب بداية العام الحالي، مما أثار اسئلة حول من ستدعمه أكبر نقابة في الولايات المتحدة بانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وقال أوبراين بعد لقائه مع ترامب أن الأخير أكد له أنه “داعم للعمال وخلق فرص عمل جديدة”. ويرى أيرلنديون- أمريكيون تحدثت معهم الصحيفة أن الأمر يتعلق بالخلاف الجيلي، وبخاصة فيما يتعلق بقضايا أساسية مثل دعم أمريكا لإسرائيل والاقتصاد وحقوق الإنجاب. ويدعم بايدن (81 عاما) وهو أكبر عمرا من إسرائيل، ومثل غيره من جيل ما بعد الحرب إسرائيل وخلافا للجيل الجديد أو جيل زي (Z) كما يسمى، من الأيرلنديين الأمريكيين الذين يعرفون عن الوضع في غزة من خلال هواتفهم الذكية. وقالت كيرتين إنها ناقشت الإنتخابات مع والديها، بما في ذلك من ينتخبون، لكنهم مختلفون “تم تصنيف والدي في المطارات البريطانية في السابق وعانى من التمييز” و “لكنه انتقل إلى هنا وتشبع بكل الخطاب عن حرب الإرهاب بعد 9/11 وأصبح يرى في المقاومة إرهابا”.

وتظهر الإستطلاعات أن الجيل الشاب ميال لليبرالية وأكثر معرفة بالأمور الدولية من الجيل الذي سبقه، ويمكن ملاحقة هذا الميل إلى الأيرلنديين الأمريكيين. وقالت أرسيم- أومالي إن مواقفها السياسية مختلفة عن مواقف والديها “لا يرون الأمور بالطريقة التي أراها”. ويقول باتريك سوليفان، 59 عاما ومدير شركة إنشاءات وصل جده روبرت إلى إليس أيلاند من كاونتي كيري بداية القرن العشرين إنه لا يوافق مع النقابات والتعبير عن مواقف من النزاع أو موضوع التصويت. ويعتبر سوليفان من بيتسبرغ أنه تعافى من الجمهوريين ولم يكن أبدا من أنصار ترامب، وصوت لبايدن في الانتخابات الأخيرة وسيفعل هذا العام. وقال “يعرف من أن جاء ولديه مبادئ خلافا لترامب، وهو رجل شريف يعمل بجهد ولا أعتقد ان على الناس استبعاده بسبب السياسة الخارجية. فالسياسة يمكن أن تتغير بدقيقة ولا تزال مع الرجل الذي يقف وراءها”.

ولا تزال أرسيم- اومالي مترددة أما كيرتين فقد قالت إنها لن تصوت لا للجمهوريين أو الديمقراطيين وهي ليست ملتزمة، وهو تكتيك شجعته حركة الإحتجاج المؤيدة لغزة. لأن الكثيرين منهم من الديمقراطيين فحجم الإحتجاج قد يترك أثره على بايدن. ووصفت كيرتين التصويت الإحتجاجي بأنه “وسيلة للمقاومة” و”لا استطيع التصويت لرجل ساعد وحرض على الإبادة مهما كان الثمن” وحتى لو فاز ترامب.


القدس العربي