فايننشال تايمز- وفاة رئيسي تضع وحدة المتشددين على المحك

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 22, 2024

قبل الوفاة المفاجئة لإبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، كان الرئيس الإيراني يعد مرشحاً لولاية ثانية، على أن تجرى الانتخابات في الربيع المقبل.

وتشير مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" في طهران نجمة بوزرجومهر إلى أن كل رئيس إيراني خدم منذ سنة 1981 لفترتين كحد أقصى.

وتم تنسيق الانتخابات العامة الأخيرة سنة 2021 بعناية، من أجل ضمان أن يكون لرئيسي، تلميذ المرشد الأعلى علي خامنئي، طريق واضح لتحقيق النصر.

لكن مع إلزام الدستور إيران بإجراء انتخابات طارئة في غضون 50 يوماً، قد تدفع وفاة رئيسي التنافس السياسي المحتدّ بين الموالين للنظام الثيوقراطي إلى مستوى جديد، وفي أقل من شهرين للتحضير، ستكون الانتخابات أيضاً اختباراً لوحدة المتشددين في النظام وهم يقررون المرشح الذي سيدعمونه.

من هم المرشحون المحتملون؟
قال محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي: "من المرجح أن يبحث المتشددون عن مرشح قادر على تحقيق التوازن لدى فصيلهم في أعقاب التوترات السياسية الأخيرة".

وأضاف "من غير المرتقب حدوث أزمات كبيرة حتى موعد الانتخابات الرئاسية التي من المتوقع أن تتبع شكلاً مماثلاً للانتخابات السابقة".

ومن المرجح أن يكون من بين المرشحين المحتملين محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان المتشدد الذي يعتبر مقرباً من الحرس الثوري، فخلال ثلاث حملات رئاسية غير ناجحة، سعى إلى تصوير نفسه على أنه سياسي ينجز الأمور، مستشهداً بتجاربه كرئيس سابق للشرطة وعمدة طهران.


من بين الأشخاص الآخرين الذين قد ينضمون إلى الحلبة علي لاريجاني، وهو متشدد من عائلة دينية بارزة ومفاوض نووي سابق.

ومع ذلك، تم منعه من الترشح سنة 2021 ضمن ما اعتبر جهوداً من القيادة لفتح المجال أمام رئيسي.

وسيترأس النائب الأول للرئيس محمد مخبر السلطة التنفيذية خلال الفترة الانتقالية التي تسبق الانتخابات. وهو متشدد مقرب من خامنئي، إذ سبق أن أدار الشؤون التجارية لمكتب المرشد الأعلى. مخبر هو أيضاً مرشح محتمل آخر.

رئيسي والثوريون الخارقون
عندما انتُخب رئيسي سنة 2021، كان فوزه ترسيخاً لسيطرة المتشددين في النظام على جميع أجهزة الدولة وتهميشاً للمعتدلين والإصلاحيين.

وشابت الانتخابات أدنى نسبة إقبال على الانتخابات الرئاسية منذ ثورة 1979، إذ امتنع أكثر من نصف الناخبين المؤهلين في البلاد عن التصويت، معتقدين أن النتيجة محسومة، وقد عبروا عن خيبة أملهم في قادتهم.

مع ذلك، اعتُبر نجاح رئيسي أمراً حيوياً للتحضيرات التي تجريها القيادة لخلافة المرشد الأعلى في نهاية المطاف، وهو صانع القرار النهائي في الجمهورية. لكن في الأشهر الأخيرة، ظهر الاقتتال السياسي في معسكر المتشددين إلى العلن مع مطالبة شخصيات أكثر تطرفاً بسياسات أكثر صرامة، مثل فرض قيود أكبر على حرية التعبير بل حتى تطبيق أكثر صرامة لقواعد اللباس الإسلامي الإلزامي للمرأة.

ويعتقد بعض المحللين الإيرانيين أن رئيسي، وهو رجل دين متشدد ورئيس سابق للسلطة القضائية، ليّن موقفه بشأن القضايا الاجتماعية منذ أن أصبح رئيساً، في محاولة لتعزيز شعبيته إذ وُصف بأنه خليفة محتمل لخامنئي.

مع ذلك، يعتقد آخرون أن رئيسي يقف بهدوء إلى جانب العناصر الأكثر تشدداً، فضلاً عن الجيل الناشئ من الآيديولوجيين الذين تحدوا المدرسة المحافظة القديمة.

وقد برز هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم "الثوريين الخارقين" إلى الواجهة هذه السنة في انتخابات البرلمان ومجلس الخبراء، وهو الهيئة التي ستختار المرشد الأعلى المقبل.

أكبر التحديات
واجه رئيسي أيضاً أحد أكبر التحديات الداخلية منذ عقود بعد اندلاع الاحتجاجات الحاشدة عقب وفاة مهسا أميني في حجز الشرطة.

وتم القبض على الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً في طهران بزعم عدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح، وأدى موتها إلى اندلاع المظاهرات الأكثر ديمومة على مستوى البلاد ضد النظام منذ سنوات.
وشنت السلطات حملة قمع لسحق الاحتجاجات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص بحسب منظمة العفو الدولية.

لكن النظام غض الطرف إلى حد كبير عن النساء اللواتي رفضن ارتداء الحجاب، في خطوة عملية تهدف إلى تخفيف التوترات الاجتماعية.

ومع ذلك، شعر بعض المتشددين بأن الحكومة كانت متساهلة للغاية، وفي الأسابيع الأخيرة كانت هناك حملات قمع جديدة ضد اللواتي لا يغطين رؤوسهن بالحجاب.

يجب ألا نتفاجأ
أضاف التقرير أن الحرس الثوري الذي زادت هيمنته على شؤون الدولة بعد تولي رئيسي الرئاسة، سيؤثر على النقاش السياسي داخل معسكر المتشددين.

ويعتقد بعض المحللين الإيرانيين أن الرئيس المقبل سيكون أيضاً قريباً من تلك القوة النخبوية التي تشرف على المصالح التجارية المترامية الأطراف، بالإضافة إلى كونها أقوى قوة أمنية في الدولة ومخلصة أيديولوجياً للمرشد الأعلى.

وقال المحلل الإصلاحي سعيد ليلاز: "يجب ألا نتفاجأ إذا كان الرئيس القادم شخصية عسكرية أو ذا خلفية عسكرية".

وأضاف "يمكن أن تكون وفاة رئيسي نقطة تحول في السياسة الإيرانية، وقد تدفع البلاد نحو مرحلة جديدة تصبح فيها السياسة أكثر تصلباً".

تضامن وطني.. ما أبعاده؟
لقد وضع موالو النظام ممن يعتبرون إصلاحيين خلافاتهم مع المتشددين جانباً للتعبير عن تعازيهم لعائلة رئيسي والقيادة، في حين أشادوا بشخصيته، حيث أدت وفاة الرئيس المفاجئة إلى جمع المنافسين داخل النظام الثيوقراطي.
لكن قلة من الإيرانيين تتوقع أي مساحة سياسية كبيرة لها في الانتخابات المقبلة. قال أبطحي، نائب الرئيس الإصلاحي السابق: "أشك في أن هذا التضامن الوطني سيترجم إلى أي انفتاح سياسي بالنسبة إلى القوى المؤيدة للإصلاح".


24.AE