المسيحيّون والدولة: نحو الطلاق؟ - بقلم سينتيا سركيس

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 22, 2024

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

كما تعاملُني... أعاملك. قد تكون القاعدة التي يرتكز عليها المسيحيون في ابتعادهم عن الدولة ووظائفها. فالارقام لا تزال على تراجعها والإقبال لا يزال خجولا إلى حدّ كبير رغم كل الحملات الإعلامية والجهود التي تقوم بها مؤسسة "لابورا" لتشجيعهم على الانخراط في القطاع العام.

يؤكد رئيس مؤسسة "لابورا" الأب طوني خضرا أن الإقبال المسيحي على وظائف الدولة لم يشهد تحسّنا في الفترة الاخيرة رغم كل المبادرات والحملات، مشيرا على سبيل المثال إلى الإعلان الذي نُشر عن دورة قوى الأمن الداخلي حيث كانت هناك حاجة إلى 400 دركي، وقد انتهت المهلة يوم الجمعة الماضي في 17 أيار من دون أن يتقدّم أكثر من 240 مسيحي مقابل عددٍ هائل من المسلمين.

ودعا خضرا، في حديث لموقع mtv الالكتروني، الأحزاب المسيحية إلى تحمّل مسؤوليتها في هذا الإطار لتشجيع الشباب المسيحي، مشيرا في المقابل إلى ان عددا كبيرا من المسيحيين الذين كانوا انضموا إلى مؤسسات الدولة عادوا وخرجوا منها، حتى أن كثرا غادروا من دون أن يُقدّموا استقالاتهم أو يعطوا علما بالموضوع، واصفا ما يحصل بـ"الفوضى العارمة".

ولكن ما سبب ابتعاد المسيحيين عن الدولة؟
حتى العام 1990 كانت نسبة المسيحيين الذين يُقبلون على وظائف القطاع العام تناهز الـ48 في المئة، أي النصف، لتعود وتتراجع في السنوات اللاحقة بفعل الإحباط الذي عاشوه أو بفعل منعهم من الانخراط خلال فترة الاحتلال السوري، فدخل التوظيف في مسار عشوائي إلى ان وصلت النسبة إلى 13،5 في المئة عام 2008. هذه النسبة عادت وارتفعت لاحقا لتلامس الـ30 في المئة بفضل التوجيه والدعايات التي نُظّمت في تلك الفترة لتشجيع المسيحيين على التوجه إلى القطاع العام. فعاد المسيحيون نسبيا إلى الدولة، وقد لعبت سلسلة الرتب والرواتب حينها دورا مهما في استقطاب عددٍ كبير، بفعل رفع قيمة الرواتب.

كلّ ذلك تبخّر في العام 2019، بفعل الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة العملة الوطنية وهجرة قسم كبير من اللبنانيين والغالبية منهم كانوا من المسيحيين، وهنا كان القطاع العام أوّل الضحايا، لنعود إلى النقطة الصفر.

عامل الاستقرار أساسي في أي مهنة كان أو مؤسسة لجذب من يرغب بأي وظيفة، وهو أمر مفقودٌ حاليا في مؤسسات الدولة، فرغم التحسّن النسبي الذي نشهده اليوم في لبنان على مستوى الرواتب إلا أن الفوضى الكبيرة التي تحكم القطاع العام تجعله آخر ما قد يرغب أي كان في الانخراط فيه، وخصوصا المسيحيون منهم الذين كانوا هم من الرائدين في القطاع الخاص.


MTV