يو إس إي توداي- مخاوف أميركية من تداعيات حظر تيك توك

  • شارك هذا الخبر
Saturday, March 23, 2024

استمعت المحكمة العليا الأمريكية مطلع الأسبوع إلى مرافعات في قضية حرية التعبير عن الرأي التي تُسلِّط الضوء على مخاطر تدخل الحكومة في خطاب عموم المواطنين، وهو أمر مرفوض تماماً بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي.

وتلقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن صفعةً من محاكم أدنى درجة رداً على جهودها الرامية إلى إجبار شركات التواصل الاجتماعي العملاقة، مثل شركة إكس (تويتر سابقاً)، على إسكات مستخدميها أو التقليل من أهمية الخطاب الدائر على المنصة بوصفه "معلومات مضللة" أو "معلومات مغلوطة".
ومَسَّ جزء من هذا الخطاب النقاشات المحتدمة حول جائحة كوفيد-19، بداية من أصولها وحتى الإغلاق الكامل وارتداء أقنعة الوجه وتلقي اللقاحات. فقد أرادت الحكومة السيطرة على النقاش في الوقت الذي كان فيه الجمهور بحاجة إلى مزيد من المعلومات لا أكثر ولا أقل.
والخطاب الذي لم يَرُق لإدارة بايدن لم يقتصر على الجائحة وحسب. فقد أرادت الإدارة أيضاً تخفيف حدة النقاشات الدائرة حول نجل الرئيس بو بايدن وقضايا أخرى للإدارة الأمريكية مصلحة فيها.

وتتزامن هذه القضية أمام المحكمة العليا في الوقت الذي يروِّج فيه الكونغرس الأمريكي لتشريع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يستهدف تيك توك.
وفي هذا الإطار، قالت أنغريد جاك، كاتبة عمود في صحيفة "يو إس إي توداي" إن جهود إدارة بايدن الرامية إلى التأثير على إدارة الشركات الخاصة للمحتوى هي بمنزلة ناقوس خطر يحذر من تدخل الحكومة في أي من هذه المنصات.

هل الأمر يتعلق بالصين؟
وأضافت الكاتبة في مقالها بالصحيفة الأمريكية "يشعر الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء بالقلق حيال الآثار المترتبة على الأمن القومي من استخدام 170 مليون أمريكي لتطبيق تيك توك، وهو تطبيق مملوك لشركة ByteDance الصينية، وخاضع لسيطرة الحزب الشيوعي الصيني".
وأشارت الكاتبة إلى أن الغرض من التشريع الجديد إما إجبار شركة ByteDance على بيع تطبيق تيك توك وإما حظره في الولايات المتحدة إذا لم تَستجِب الشركة وتبيع تطبيقها في غضون إطار زمني محدد. وأقرَّ مجلس النواب الأمريكي هذا التشريع الأسبوع الماضي، وقال بايدن إنه سيُوقِّع عليه إذا وصل إلى مكتبه.
وأدّت هذه الجهود إلى إقامة تحالفات غريبة. على سبيل المثال، تؤيد رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وهي ديمقراطية عتيدة، وعضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو مشروع القانون.
وانحاز الرئيس السابق دونالد ترامب إلى النائبتين التقدميتين إلهان عمر وألكسندريا أوكاسيو كورتيز في معارضتهما للمشروع.
حالة من الإرباك بسبب آراء ترامب وبايدن
وتابعت الكاتبة "يزداد الموقف إرباكاً عندما يفكر المرء في تحولات آراء ترامب وبايدن بشأن هذه القضية. فعندما كان ترامب رئيساً وقَّعَ أمراً تنفيذياً الغرض منه حظر تطبيق تيك توك، غير أن المحاكم أبطلته. وتخلى بايدن عن الأمر التنفيذي بالكامل عندما أمسى رئيساً. أما الآن، فيكره ترامب الفكرة وينحاز إليها بايدن (على الرغم من أن حملة بايدن قد أنشأت حساباً لها على تيك توك ليتواصل الزعيم البالغ من العمر 81 عاماً مع الشباب).

وقالت الكاتبة: "لا مبررات كبيرة لهذه المواقف المتغيرة سوى أنها تبدو مفيدة سياسياً للأطراف المعنية ليس إلا. إنني أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الصين تمثل تهديداً لنا. ولهذا السبب، لم يغرني من قبل قط تحميل تطبيق تيك توك على هاتفي المحمول. غير أن الملايين من الأمريكيين أقْدَموا على هذه المخاطر، ويستخدم كثيرون منهم المنصة لتعزيز أعمالهم والتعبير عن أنفسهم بطرائق متنوعة. وينبغي أن يُكفَل لهم هذا الحق".
وأضافت أن إشراك الحكومة في تحديد المنصات التي "لا بأس" باستخدامها يبدو أشبه إلى حد كبير بما تفعله الصين نفسها مع مواطنيها، إذ تحجب عنهم قطاعات كبيرة من شبكة الإنترنت. وإذا أمسى مشروع القانون هذا قانوناً رسمياً، فمن شبه المؤكد أنه سيواجه تحديات قانونية جسيمة، بالضبط كما فعل ترامب، إذ حاول حظر تطبيق تيك توك. ففي العام الماضي، حاولت ولاية مونتانا منع سكانها من استخدام التطبيق، واصطدمت محاولاتها التشريعية بعوائق قانونية أيضاً.

مخاوف جادة
ونقلت الكاتبة عن جينيفر هدلستون، وهي باحثة في سياسة التقنية في معهد كاتو: "ستكون هناك مخاوف جادة بشأن تأثير ذلك على حرية التعبير بين مستخدمي تيك توك. فمن المحتمل أن تكون لدينا حالة تُمثِّل حجب الحكومة لمنفذ للتعبير عن الرأي".
وقالت هدلستون إنه إذا كانت الحكومة ستقيد حرية التعبير بهذه الطريقة الفظة، فعليها أن تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن مخاوفها المتعلقة بالأمن القومي صحيحة وأن هذه هي الوسيلة الأقل تقييداً على الإطلاق لحرية التعبير.
وأضافت هدلستون "عليك أن تُثبت أنه لا يوجد سبيل آخر يمكن أن يبدد مخاوف الأمن القومي هذه، حتى لو كانت صحيحة، ويكون له تأثير أقل على حرية التعبير".
صيغ التشريع صياغة غامضة، مما يمنح إدارة بايدن – والإدارات التي ستليه – مجالاً كبيراً لتقييد التطبيقات الأخرى التي لها علاقة بأي خصم للولايات المتحدة.

تطورات مزعجة
ورأت الكاتبة أن هذه التطورات تصيب الجميع بالانزعاج الشديد. فهي ببساطة تمنح الحكومة سلطة أكبر مما تستحق لتقييد خطابنا.
ورأت الكاتبة أن المسار الأفضل هو أن تحذر الحكومة المواطنين من المخاطر المحتملة لاستخدام تطبيق تيك توك أو غيره من التطبيقات، على غرار إصدار تحذيرات السفر إلى بلدان أخرى.
وكما أثبت بايدن وإدارته، لا يمكنك أن تثق في أن تتصرف الحكومة بما يصب في صالح المواطنين. فهي لا تتصرف إلا على النحو الذي يصب في صالحها.


24.AE