خاص- إدارات التشبيح والتشليح- بقلم المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, March 23, 2024

خاص - الكلمة أونلاين

المحامي فؤاد الأسمر

ينص الدستور، وهو القانون المؤسس للدولة والأسمى فيها، على أنه لا يجوز احداث أية ضريبة وجبايتها الا بموجب قانون تُطَبَّق احكامه على جميع الاراضي اللبنانية.
بالمقابل يعاقب قانون العقوبات كل موظف رسمي إلتمس أو قَبِلَ أية منفعة ليقوم بعمل، سواء كان شرعياً أو غير شرعي، من أعمال وظيفته، باعتبار أن هذه المنفعة هي من قبيل الرشوة واستغلال الوظيفة.


وبالتالي ان اي مبلغ او رسم تفرضه الادارات الرسمية على المواطنين يجب أن يكون مشرّعاً قانوناً وإلا فنحن أمام "خوّة" غير مستحقة ترتب العقوبات الجرمية على الموظفين والمسؤولين الذين يتقاضونها.


والواقع ان ادارات وأجهزة الدولة نشطت مؤخراً باستيفاء مبالغ جزافية، تُخَصص لها ولموظفيها مباشرة، مقابل كل معاملة تجريها، مناقضةً بذلك مبادئ وأصول إحداث وتحصيل الضرائب، الأمر الذي يجعل من فعلها جرم جزائي معاقب عليه، والأخطر من ذلك انعدام الرقابة والضوابط على هذه المبالغ.


لا أحد يناقش حق موظفي الدولة برواتب محترمة توفر لهم ولعائلاتهم الحياة الكريمة، انما اعتماد سلوكيات الرسوم والتكاليف غير المشروعة يجعل منهم خارجين عن القانون ويعيد إلى الأذهان خوات الميليشيات خلال الحرب بعد ان فقدت الدولة سلطتها وهيبتها وعجزت عن توفير الأمن للمواطنين.


ان الحلّ يكمن باحترام "مبدأ الشرعية" أي توفير الحقوق والضمانات للإدارات والموظفين من خلال الأصول والأطر القانونية وعدم ترك الموضوع "سوقاً سائبة وحارة كل مين ايدو إلو".


ومن غير المقبول أن يبقى المواطن "حرفاً ساقطاً" تنهش به الموازنات المجرمة دون مقابل، ويستقوي عليه الموظفون ويستغلون حاجاته دون اي سند او قانون يحميه الأمر الذي قد يفضي لعصيان مدني.


ومن المشين أن يعمد المسؤولون والموظفون المؤتمنون على الادارة العامة والأجهزة إلى تدميرها عبر عملية التشبيح والتشليح هذه التي وُلِدَت، وللأسف، من رحم المؤسسة المفترض أنها حصن القانون.


فمتى ستنتفض ثقافة المواطنية والحقوق والموجبات وتنتصر على غريزة القطيع المتعبّد للجلاد؟