خاص - علّة لبنان "المركزية" - بقلم المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 24, 2024

خاص الكلمة أونلاين
المحامي فؤاد الأسمر


في الديمقراطيات الحضارية تتولى الحكم القوى التي تفوز بالأغلبية النيابية، فتعمد إلى تنفيذ الأهداف والمشاريع التي تطرحها، بالمقابل، تتولى الأقلية دور المعارضة التي تراقب وتنتقد وتطرح المشاريع والرؤية البديلة.



المؤسف ان هذا المبدأ معطل في لبنان بفعل نظام الدولة المركزية الجامد المكبّل بقيود "الميثاقية".
فالنظام اللبناني يحصر بالسلطة المركزية مختلف المهام والمسؤوليات العامة، وفي الوقت ذاته يقيّدها بشرط الميثاقية والذي يفرض ان تتألف الحكومة واداراتها من جميع المذاهب والقوى والأحزاب الممثلة في البرلمان باختلافاتها وتناقضاتها كافة.
ينتج عن ذلك صراعات عقيمة، وشلل في عمل الحكومة، وتعزيز الفساد والمحاصصة، بحيث لا يمكن تنفيذ اي مشروع يطرحه أي فريق إلا بمقايضته بمشاريع لباقي الفرقاء، ولا تتحقق اية تعيينات إلا ضمن بازار تقاسم مغانم ومواقع السلطة.



والتعطيل ينسحب إلى عمل البرلمان الذي انتهى مجرد اداة "تبصم" للحكومة بدلاً من مراقبتها ومحاسبتها.
علاوة على ذلك، تحتكر الحكومة التعيينات القضائية والرقابية والأمنية والإدارية كافة، الأمر الذي عطّل هذه المؤسسات وجعلها تابعة للسلطة الحاكمة.
تجربة طويلة ومأساوية عنوانها التعطيل والفساد مقرونة بالفتن والحروب، ناتجة بشكل أساسي عن النظام المركزي المقيّد بميثاقية سطحية، وهو نظام غير قابل للحياة، مما يوجب لزوماً البحث عن نظام ينهض بالوطن ويحافظ على كيانه ونهائيته ويحمي غناه الحضاري.




ان اعتماد النظام الفيديرالي الذي يحترم التعددية الثقافية القائمة ويمنع تصادمها انما يرسي ادارة Management جديدة للدولة ويعيد توزيع الصلاحيات بين السلطات، فتتولى الحكومة الاتحادية المهام السيادية فيما تتولى الحكومات المحلية الصلاحيات الادارية والتنظيمية والتشريعية الخاصة بها، ويضمن انتظام وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية والقانونية، ويوطد ثقافة المراقبة والمحاسبة، ويعزز الثقة بلبنان وباقتصاده.
ويبقى الحوار الوطني الجامع هو الاساس لاعادة بناء وطننا المنشود. فلماذا التخوين والتخويف من البحث بايجابية وموضوعية عن حل إنقاذي؟ وهل يجب ان نقف مكتوفي الايدي امام خطر الزوال المحدق بلبنان؟