خاص - الاغتيال الذي اعاد طائفة إلى الخيار اللبناني - بقلم المحامي فؤاد الأسمر
شارك هذا الخبر
Saturday, February 10, 2024
خاص الكلمة أونلاين المحامي فؤاد الأسمر
قام الميثاق الوطني على أساس قبول جناحيّ الوطن بالكيان اللبناني، فتنازل المسيحيون عن المطالبة بالضمانات الأجنبية، بالمقابل تنازل المسلمون عن المطالبة بالوحدة العربية. في خمسينيات القرن الماضي استلم الرئيس كميل نمر شمعون دولة فقيرة معدمة فرفعها إلى مصاف أرقى دول العالم وأقواها حضوراً وأغناها اقتصاداً. تقاطعت مصالح خارجية وداخلية على اسقاط عهده وإعادة لبنان إلى زمن التخلف، فاستُعيدت العصبيات الطائفية، وتم الدفع بقسم من اللبنانيين، بغالبيتهم المسلمة، لتبني الخطاب الناصري، وعلى وقع شعار تحرير القدس جرى ارسال آلاف المقاتلين بأسلحتهم من الدول المجاورة الى لبنان لاحداث فتنة العام ١٩٥٨.
في ستينيات القرن الماضي، ورث ابو عمار الموقع الناصري واكتسب دعم العروبيين، ما أدى إلى تسليح الفلسطينيين وتمددهم، وسرّع بانفجار العام ١٩٧٥. أثبتت الاحداث الدور والتآمر السوري الإسرائيلي بإثارة العصبيات والفتن واستغلالها لاشعال الحرب وتقاسم لبنان وتحقيق مصالح العدو بالأمن وبثروات بلدنا.
في مطلع التسعينات، استلم الرئيس رفيق الحريري زمام السلطة في دولة مدمرة ومنهارة، فنجح باستعادة زمن العز والبحبوحة ونَهَضَ بلبنان وأعاد الثقة به وباقتصاده. ومن جديد تآمرت مصالح خارجية وداخلية على اغتياله واعادة لبنان إلى زمن التخلف، فاستُعيد الخطاب المذهبي، وتم الدفع بقسم من اللبنانيين للمناداة بسلطة الولي الفقيه، وعلى وقع شعار تحرير القدس تعززت ترسانة الحزب الالهي العسكرية وتم تدمير البلد والتهشيم به وفَتح الباب أمام العدو لتحقيق مصالحه بالأمن وبثروات لبنان. فضح اغتيال الشهيد الرئيس الحريري خبث المؤامرة الدولية المتمادية والمتكررة والتي لا تهدف إلا لتحقيق مصالح العدو المتواطئ مع محور الممانعة.
طائفة واسعة كريمة وَعَت ضرورة تمسكها بلبنان القوي السيد والمستقل ونبذ العصبيات، فتبنت الخيار السيادي ووقفت سدّاً منيعاً بوجه وضع اليد عليه واستتباعه والمتاجرة به فباتت عرضة لحرب تفتيت وتهميش ضروس ولمصادرة قرارها. فهل من وعي ومشروع يكسران اجترار المؤامرة الخبيثة ذاتها؟