بلا حرب.. "هآرتس" تتحدث عن الصفقة الممكنة بين إسرائيل و"الحزب"

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 7, 2023

تناول الكاتب الإسرائيلي في صحيفة هآرتس تسفي برئيل التحديات الإسرائيلية على الحدود مع لبنان، وما يطرح عن إقامة منطقة أمنية في ضوء ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي.
يقول برئيل في مقالته: تصريح وزير الدفاع يوآف غالانت أمام السلطات المحلية في الشمال: "ما دام حزب الله لم يبتعد إلى ما وراء نهر الليطاني، لن يعود السكان الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم"، حظيَ حتى قبل وروده بردّ من حزب الله: "حزب الله لن يسمح قط لإسرائيل بتحقيق أي إنجاز، وفق أي معادلة إسرائيلية جديدة تكون على حساب السيادة اللبنانية. من حق اللبنانيين التواجد والتنقل في أراضيهم في الجنوب اللبناني، وهذا له علاقة بالسيادة والكرامة الوطنية اللبنانية". هذا ما صرّح به نبيل قاووق عضو المجلس المركزي في حزب الله، والمسؤول عن منطقة الجنوب اللبناني، كأنه تنبأ بما قال غالانت.

فشل اليونيفيل
واعتبر برئيل أن المعادلة التي أشار إليها قاووق، هي المطالبة الإسرائيلية التي تؤيدها الإدارة الأميركية، بإدخال تعديلات على القرار 1701، العائد إلى سنة 2006، والذي نصّ على عدم انتشار قوات حزب الله جنوبي نهر الليطاني، وعلى سيطرة الجيش اللبناني على الأراضي اللبنانية كلها، حتى الحدود مع إسرائيل، ونزع سلاح حزب الله. التفاصيل الدقيقة للمطلب الإسرائيلي لا تزال غامضة، لكن في لبنان، يقولون إن المقصود ليس فقط إبعاد قوات حزب الله إلى غربي نهر الليطاني، بل أيضاً إخلاء عدد من القرى على طول الحدود، من أجل إقامة منطقة عازلة بين الدولتين. لافتاً إلى أن: "عودة الحرارة إلى الجبهة اللبنانية من جديد، بعد تجدُّد إطلاق النار وانتهاء الهدنة مع "حماس"، تضع القرار 1701 في وسط الجهد الدبلوماسي كقناة محتملة لتحييد التهديد عن سكان شمال إسرائيل، من أجل العودة إلى منازلهم. لكن الواقع الناشىء خلال الـ17 عاماً الماضية، منذ قبول انتشار حزب الله في الجنوب اللبناني وعجز قوات اليونيفيل، التي اكتفت حتى الآن بالقيام بدوريات وتقديم تقارير بشأن الانتهاكات، وفشلنا في منع قوة الرضوان، وهي قوة النخبة في حزب الله، من إقامة قواعد في الجنوب اللبناني وخيمة على الحدود، أمور كلها تطرح تساؤلات عن جدوى تنفيذ القرار وقدرة القوات الدولية على تنفيذه. الدولة التي أخذت على عاتقها مسؤولية الدفع قدماً بتنفيذ القرار هي فرنسا التي تعتبر نفسها الحامية التاريخية للبنان والمسؤولة عن إنقاذه من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يعانيها منذ سنة 2019".

الدور الفرنسي
وقال إنه "يوجد فرق شاسع بين تطلُّع فرنسا إلى التأثير، فضلاً عن تغيير الوضع الراهن العنيف على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وبين قدرتها على تحقيق هذه الطموحات. في الأسبوع الماضي، زار لبنان، للمرة الرابعة في الأشهر الأخيرة، إيف لو دريان الوزير الفرنسي السابق، وحالياً، الموفد الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون، من أجل الدفع قدماً بثلاث قضايا أساسية في الأزمة اللبنانية: الإصلاح الاقتصادي، وانتخاب رئيس جمهورية، والقرار 1701. ويبدو أنه لم يوفّق في هذه القضايا الثلاث. على سبيل المثال، اجتماعه بجبران باسيل، القطب السياسي الصعب، وزعيم التيار الوطني الحر الذي يعتبر نفسه مرشحاً لرئاسة الجمهورية، انتهى بغضب بعد عشر دقائق، بعد أن طلب لودريان من باسيل سحب معارضته التمديد لقائد الجيش اللبناني جوزف عون، الذي تنتهي ولايته هذا الشهر. رفض باسيل الطلب بطريقة وُصفت بأنها "غير دبلوماسية". في هذه الأثناء، أعلن حزب الله في الأمس أنه يؤيد تمديد ولاية عون، ليس بسبب طلب لودريان، بل لاعتبارات سياسية..".
على الرغم من هذا التشدد وفشل المحادثات، وصل هذا الأسبوع إلى لبنان وفد فرنسي آخر برئاسة وزير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنارد إيميه. هذه المرة، كانت اللهجة الفرنسية أكثر صرامة. وحسب التقارير من لبنان، إيميه سيزور إسرائيل أيضاً، وعرض على اللبنانيين خيارَين: أن يطبّقوا بأنفسهم القرار 1701 كاملاً، أو المخاطرة بتدخّل دولي لتفعيل القرار.

يبدو أن غالانت لمّح إلى ذلك في الأمس، عندما قال: "إذا لم يبتعد حزب الله ضمن إطار اتفاق سياسي، فستعمل إسرائيل على إبعاده بكل الوسائل التي لديها". الطريقة التي استُقبلت فيها المبادرة الدبلوماسية الفرنسية مؤشر سلبي إلى هذه المبادرة، لكن أيضاً استخدام "كل الوسائل التي لدى إسرائيل"، لا تضمن حلاً، بل من الممكن أن تعرّض إسرائيل كلها لرشقات صاروخية بعيدة المدى من طرف حزب الله، وربما تجرّ الولايات المتحدة إلى تدخُّل مباشر، ومن هنا، تصبح الطريق قصيرة لانضمام قوات إقليمية أُخرى.

المصالح الاقتصادية
ليست فرنسا فقط مَن لا يملك أوراق مقايضة في مواجهة البنية السياسية المعقدة في لبنان التي تحكمها، نظرياً، حكومة تصريف أعمال موقتة وغير قادرة على اتخاذ قرارات في أي مجال تقريباً، ولا حتى في مسائل أساسية، مثل الدفاع عن حدودها. في الجبهة الدبلوماسية، تعمل مجموعة الدول الخمس - الولايات المتحدة، وفرنسا، والسعودية، وقطر، ومصر - التي أخذت على عاتقها، قبل عدة أشهر، القيام بمساعٍ من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. بعض هذه الدول، مثل قطر وفرنسا والولايات المتحدة، لا يزال يعمل من دون تنسيق فعلي، من أجل بناء مخطط يسمح بتطبيق القرار 1701.

لقد تحولت قطر، منذ فترة، إلى صراف آلي للحكومة اللبنانية، وفي الأساس للجيش اللبناني، الذي تساعده بعشرات الملايين من الدولارات من أجل دفع رواتب الجنود والضباط، ومن المحتمل أن يكون لديها أيضاً تأثير في حزب الله، من خلال علاقتها بإيران. لقد نجحت واشنطن في التوصل إلى توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في تشرين الأول 2022، وموفدها الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين مقرّب جداً من صنّاع القرار في لبنان، لكن أدوات تأثير الولايات المتحدة في لبنان محدودة.

لو كان في لبنان حكومة حقيقية تتصرف وفق اعتبارات سياسية - اقتصادية، وليس سياسية- طائفية، لكان من الممكن إيجاد مخطط يضمن إنقاذ لبنان من الأزمة الاقتصادية، في مقابل التطبيق الكامل للقرار 1701. لقد أثبت حزب الله نفسه، عندما وافق على اتفاق الحدود البحرية الذي سمح بالتنقيب عن الغاز في حقل قانا، أن المصالح الاقتصادية ليست غريبة عنه. هناك قناة أُخرى لها علاقة بمسألة ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. في آب، وعلى خلفية "أزمة الخيمتَين" اللتين نصبهما حزب الله على الحدود مع إسرائيل، زار هوكشتاين لبنان، بهدف تحريك عملية ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. يومها، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن لبنان مستعد للبدء فوراً بهذه العملية المعقدة التي يتعين على الطرفين تحديد موقفيهما من 7 نقاط مختلَف عليها على خط الحدود. في غضون ذلك، مرت أربعة أشهر، و"فوراً" أصبحت "لاحقاً". هذه العملية، إذا بدأت، يمكن أن يكون لها تأثير كبير في تطبيق القرار 1701.

حزب الله صرّح، من جهته، بأن "ترسيم الحدود البرية هو مسألة تعود إلى الحكومة اللبنانية"، وهذه إشارة إلى أنه لا يعارض ذلك، لكنه أوضح أن مثل هذه العملية يمكن أن يبدأ بعد انتهاء الحرب في غزة. طبعاً، هذا ليس بمثابة حُكم لا عودة عنه، لكن إذا بدأت هذه العملية، فإنها تتطلب وقتاً طويلاً، ثمة شك في أن يستطيع سكان شمال إسرائيل تحمُّل ذلك.


المدن