منير الربيع- أزعور حاور برّي والحزب مسبقاً: "غرابة" مواجهة الأكثرية المسيحية

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 10, 2023

يستدعي استنفار حزب الله وحلفائه تجاه المعركة الرئاسية وترشيح قوى المعارضة جهاد أزعور للرئاسة الكثير من الاستغراب. من غير المفهوم حتى الآن السبب وراء كل هذا التوتر وتوصيف الرجل بأنه مرشح مواجهة، علماً أنه لم يقل يوماً أنه كذلك. ثانياً، كان قد انفتح على نقاش موسع وصريح مع الطرفين، مع رئيس المجلس نبيه برّي كما مع الحزب. وهذا قبل أشهر عديدة على الوصول إلى الاستحقاق الرئاسي أو تبني ترشيحه. كل الحملات التي يتعرّض لها الرجل بشكل عشوائي، لا تبدو في سياق منطقي، سواء باعتباره كان وزيراً أو اتهامه بتجاوزات. ولو كان الرجل كذلك لما عيّن في منصب رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد الدولي. قد يجوز الاختلاف مع الرجل فكرياً أو سياسياً أو حتى بالتوجهات الاقتصادية. ولكن هذا لا يمكن أن يكون مبرراً لتهشيم صورته.

مسار أزعور المفتوح
بداية، وردت فكرة ترشيح أزعور لهذا المنصب لدى قوى متعددة في الداخل والخارج. في وقت كان لبنان بأمس الحاجة للذهاب إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. وبالتالي، فإن الرجل من خلفية اقتصادية وسياسية أيضاً، ويتمتع بعلاقات داخلية وخارجية جيدة، تخوله أن يلعب مثل هذا الدور. طرح وليد جنبلاط اسمه بداية، خلال لقائه مع وفد حزب الله. وكان ذلك ضمن التداول في أسماء مرشحين توافقيين للرئاسة. استكمل أزعور الأمر بالتأكيد أمام من فاتحوه بذلك، بأنه يحرص على التوافق وعلى التواصل مع الجميع. في المقابل، أقدم الثنائي الشيعي على إعلان ترشيح سليمان فرنجية، على وقع عملية كبيرة من الضخ الإعلامي بأن الرجل قادر على تحصيل أكثر من 65 صوتاً، وحاول الثنائي رمي الكرة في ملعب المعارضة التي لم تتفق على مرشح.
استمر الثنائي بالضغط على المعارضة، من خلال تبني ترشيح فرنجية والدعوة إلى الحوار. وصلت القوى المعارضة إلى الاتفاق على أزعور، فبدأت الهجمات على الرجل، على قاعدة أن الحوار يفترض أن يحصل فقط على فرنجية. في لغة الأرقام، وبالنظر إلى التحالف الذي أيد ترشيح أزعور، أصبح الرجل قادراً على تحصيل عدد أصوات أكبر من الأصوات التي سينالها فرنجية، كما أنه يمكنه مقاربة الـ65 صوتاً، وهو ما يخوله بالفوز في الدورة الثانية. ولكن وفق المعايير اللبنانية لا يمكن تجاوز أي طائفة أو مكون، خصوصاً ان الثنائي الشيعي يمتلك 27 نائباً شيعياً من أصل 27. كما أن الاستحقاقات الرئاسية في لبنان لا تنجز بلغة الأرقام والمعارك، إنما بالذهاب إلى تسوية واتفاق. ارتفاع نسبة أصوات أزعور ومقاربته الـ65 صوتاً، يفترض أن يكون كافياً لجعله أكثر من مرشح جدّي، ولكن هو ما يفترض أن يستكمل بمسار التحاور مع الطرف الآخر، مدعوماً بهذه الأصوات، وبالغطاء المسيحي الذي يحظى به، ليس سياسياً فقط إنما من البطريركية المارونية، بالإضافة إلى علاقاته الجيدة خارجياً. وهناك مسارات مفتوحة مسبقاً لهذا الحوار والنقاش.

تشتيت الأصوات
قبيل أيام من جلسة الإنتخابات، تُمارس ضغوط كثيرة على عدد من النواب في سبيل تخفيض أصوات أزعور. كما أن هناك محاولات أكبر لإدخال قوى التغيير وبعض المستقلين والمعارضين في حالة من الانقسام على الذات، عبر تشتيت أصواتهم وطرح مرشح ثالث، وفق طريقة توهمهم بأنهم سيتمكنون من فرض هذا الخيار الثالث. علماً أن رد الفعل على ذلك سيكون إنعدام التأثير، وإظهارهم بأنهم غير قادرين على الاتفاق فيما بينهم. في موازاة هذه الضغوط، هناك معيار أساسي لا بد لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن يقف أمامه، لا سيما أنه كان دوماً حريصاً على مسألة العلاقة مع كل المكونات في البلاد ولا سيما مع المسيحيين. ما يطرح تساؤلات عديدة إذا ما كان برّي وحزب الله سيستمران في حالة المواجهة مع الأكثرية المسيحية.

في البيان الصادر عن اللقاء الديمقراطي، وردت إشارات أساسية حول رفض المواجهة والتحدي، والتشديد على مسألة الحوار. وعليه، فبغض النظر عن مآلات جلسة 14 حزيران، وإذا كانت ستعقد أم سيتم تعطيل نصابها قبل انعقادها، أم تعطيل الدورة الثانية. فذلك سيشكل محطة أساسية أمام إطلاق جولة جديدة من التحاور، يمكن أن يتولاها ثلاثة أطراف هم البطريركية المارونية، نبيه برّي ووليد جنبلاط، لتخفيض منسوب التوتر، وابتكار آليات جديدة للتحاور في سبيل الوصول إلى تفاهم، لتخفيف حدّة الانقسام الذي يأخذ طابعاً طائفياً أو مذهبياً.