خاص- لعنة المسيحي التائه- المحامي فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 20, 2023

كم تشبه مأساة المسيحيين اليوم أسطورة اليهودي التائه الذي ارتكب معصية التعدّي على السيد المسيح فعوقب بلعنة التشرد في الأرض الى الأبد يبحث عن الموت خلاصاً له من هذا العقاب ولا يجده.
في العام ١٩٧٥ انضوى المسيحيون في ميليشيات تقاتل على مئات الجبهات حماية لوجودهم من عملية إبادة شُنَّت ضدهم دون أي ذنب منهم. تحالفوا مع سوريا فاذ بها تجنح لإستعبادهم، استنجدوا باسرائيل فكانت اول من دق مسمار نعشهم، غرقوا في حروب داخلية وارتكبوا المعاصي والمجازر بحق بعضهم، ليصحوا على واقع أن أمنهم وكرامتهم لا تصونهما الا الدولة ومؤسساتها الشرعية وعلى رأسها الجيش.
آمنوا بشعارات العماد ميشال عون وأطلقوا مقولة "الجنرال بيمون" ليقعوا مجدداً بمعصية التقاتل وانتهاك المقدسات فسقطوا بلعنة ١٣ تشرين.
طيلة عقد ونصف من الزمن انتظروا مخلصاً يخرجهم من لعنة الاحتلال وجددوا الثقة بالجنرال وشعاراته ورفعوه الى سدة الرئاسة الأولى، فإذ به يسخّرها لخدمة حليفه النظام السوري ولتغطية السلاح غير الشرعي وتسييب الحدود وتجارة الموت والكبتاغون، وذلك ضمن بازار غايته فقط تأمين مستقبل الصهر. دخل المسيحيون مجدداً بمعصية التشرذم، تناسوا مجازر الغريب بحقهم وسامحوها ووقفوا على قارعة التاريخ يتامى متروكين لقدرهم اللعين يجترون الكراهية والأحقاد تجاه بعضهم البعض.
لا قيامة من عقود الخيبة إلا بالعودة لفكر الكبار وعلى رأسهم كميل نمر شمعون عبر نبذ الانانيات وارساء مصالحة مسيحية ووطنية حقيقية شاملة وتكريس الثقة بهذه الارض وبجذورنا وبتعايشنا الحرّ فيها، واقامة بنى وطنية متينة من قضاء ومؤسسات رقابية وادارة نزيهة عصرية وفاعلة، مع تثبيت الأمن والنظام، واعادة تفعيل العلاقات مع الاشقاء العرب ومع دول العالم كافة واستعادة الثقة بلبنان كعاصمة حضارية انسانية واقتصادية جامعة. فماذا يختار المسيحيون خاصة واللبنانيون عامة غير التذمر العقيم؟