د.هشام الأعور- فيدرالية “التوقيت الطائفي“

  • شارك هذا الخبر
Sunday, March 26, 2023

وكأن الذل الذي يعيشه المواطن يوميا امام الافران والمصارف ومحطات الوقود والمتاجر لم يعد يكفي طموحات حكام البلد والمسؤولين الذين ادخلوا البلد في حرب من نوع آخر حول قضية يعتبرونها “وجودية ” تتعلق بتأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي والتي سرعان ما اتخذت شكل من اشكال الحرب الاهلية.

ان فشل الطبقة الحاكمة التي لم تبلغ حتى الساعة مرحلة سن الرشد السياسي في الوصول الى تسوية وعدم العمل على صيغة تقتضي اعادة تكوين السلطة والجلوس على الطاولة والحديث بجدية بحثاً عن مخرج لانتخاب رئيس للجمهورية جعلت الخلاف الداخلي يذهب الى مزيد من الانفلات والتشرذم الذي قد يؤدي الى انفجارات اجتماعية او انفجارات مذهبية وطائفية.

هناك حقيقة واضحة لا يمكن لأحد القفز فوقها وهو ان كلا الطرفين غير قادرين على ايصال مرشحيهما الى رئاسة الجمهورية وكلاهما قادران على التعطيل والمشكلة الأكبر ايضا عند المراهنين من اللبنانيين الذين اوقفوا الزمن على توقيت التقارب الايراني -السعودي الذين استبشروا به خيرا لتصفير المشاكل واعتماد سياسة عدم الانحياز واستيلاد رئيس جمهورية من رحم هذا التقارب وابعاد لبنان عن كل الصراعات القابلة للانفجار ولا يريدون ان يكون بلدهم مقراً او مستقرا لاي حرب اقليمية او دولية.
وبالعودة الى “التوقيت الصيفي” الذي سرعان ما تحول الى قضية تشغل عقول الغيارى على الحقوق الطائفية والحريصين على التوازنات الداخلية بعد قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأجيل تقديم التوقيت المحلي استثنائياً لهذا العام بهدف التخفيف عن الصائم التعب والارهاق وتقديم فكرة تريحه نفسياً، إنهالت موجة من ردود الفعل بين الكتل المسيحية الرافضة لقرار “النجيب”معتبرة أن هذا التوجه جعلها خارج دائرة القرار ولا يجوز السكوت عنه الى حد التفكير بالطعن فيه او عصيانه واصفة القرار بالخطير وغير المقبول وتحديداً نتيجة تداعياته السيئة على الهواتف والأجهزة الذكية وصولاً الى دوامات العمل، معتبرة أن هناك تحايلاً على الدين في هذا الشهر الفضيل. وأكدت أنهم جزء من هذا العالم وتوقيته ودورانه ويجب الرجوع عن الخطأ لأنه فضيلة، ويتوجب على الحكومة استشارة مجلس الوزراء قبل أي قرار مصيري في البلد.

ان انقسام اللبنانيين الذي وصل الى خطوط عقارب الساعة انما يعكس مدى هشاشة مبدأ العيش المشترك الذي لم يعد واحدا وانما تحول الى المساحة الحرة التي تقاس وفق راحة او مصلحة الجماعات في لبنان وعكست النوايا الضمنية على ضفتي الازمة التي باتت شبه واضحة كما كشفت ايضا سحر الطائفية التي تحرك اللاعبين السياسيين على الساحة الداخلية .وبصرف النظر ما اذا كان هذا التوقيت سيؤثر من الناحية السياسية على الصائم اوسيقلل من مدة الصوم الا انه من الناحية الدينية لا مخالفة في مدة الصيام ولا وجود لمخالفة أوموانع على الاطلاق في مدة الصيام المتوجبة على الصائم وان فترة الصيام هي نفسها سواء تم تقديم الساعة أو تأخيرها لأن الامساك عن الطعام يبدأ مع صلاة الفجر والافطار مع غروب الشمس سواء كانت الساعة السادسة أو الثامنة مساءً”.

هناك الكثير من الدول العربية ألغت تقديم الساعة وتأخيرها كسوريا ومصر والاردن في حين لايزال لبنان متمسكا بهذا التوقيت الذي من المفترض الغاؤه كلياً في كل أيام السنة وليس في رمضان وحسب، ليبقى هناك توقيت واحد للسنة يلتف من حوله اللبنانيين على مختلف طقوسهم ومناسباتهم الدينية والوطنية .ان هذا القرار للرئيس “النجيب” كشف عن حجم التباعد بين اللبنانيين واذا كان هذا الموضوع عليه تناقض كبير فكيف الحال في المواضيع والاستحقاقات الحساسة في البلد والمتعلقة بصورة مباشرة بالاستحقاقات الدستورية وبحياة المواطن ووضعه المعيشي الصعب جداً .
أن الاعتراض على تأجيل التوقيت الصيفي لا دخل له بالدين ولا بالشرع وانما يرتبط بالجدلية القائمة بين فكرة مركزية الدولة مقابل اللامركزية السياسة او الفيدرالية والتي اصبحت مهيمنة على الفكر اللبناني .
ان التوقيت الوهمي لا يبني الاوطان وحمى لبنان من لعنة الساعة.