محكمة التمييز تضع المصارف في طريق الافلاس... وتضيّع أموال المودعين- سارة بعقليني

  • شارك هذا الخبر
Monday, February 6, 2023


كتبت سارة بعقليني:
أن تجبر محكمة التمييز "فرنسبنك" على دفع وديعة بالدولار "الكاش" لصالح مودع دون بقية المودعين، هو التمييز بعينه. بل هو محاولة التفاف على القوانين المرعية الاجراء، ومحاولة غير مفهومة لإطلاق شرارة أزمة نقدية جديدة بغطاء عنوانه: "حماية أموال المودعين".

بهذا القرار، بدت محكمة التمييز في عالم آخر. وكأنها غير موجودة على الأراضي اللبنانية، أو ربّما ترفض الاعتراف بأنّ الأزمة عامة وليست خاصة.

أما إقفال فروع "فرنسبنك" اعتراضاً على قرار "رفض الشيك" كوسيلة إيفاء للدفع، جاء ليعبر صراحة عن حال الاستنسابية التي اعتمدتها محكمة التمييز بقبول الطعنين التمييزيين المقدّمين ضدّه، تحت طائلة عرض جميع ممتلكات المصرف للبيع بالمزاد العلني.

بجرّة قلم حوّلت المحكمة الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد نقدي، ومهّدت لتعليق التداول بالشيكات المصرفية التي لم تَعد توفي دَيناً! أغفلت المحكمة أزمة القروض، ولم ترَ أن المصارف تتقاضى قروضها بواسطة الشيكات، أو بدفعات متأخرة على السعر الرسسي القديم 1500 ليرة طوال سنوات الأزمة... وكأن ما للمودع "حلال" وما للمصرف "حرام".

من هذا المنطلق ومن باب المساواة، فهل توافق المحكمة على أنّ يطالب المصرف مودعيه بدفع قروضهم بالدولار "الكاش"؟

فات المحكمة أنه يستحيل على أي مصرف لبناني دفع 100 ألف دولار نقداً دفعة واحدة... فكيف بقرار قضائي يطلب منها هذا؟ لم تأخذ المحكمة في الاعتبار تلك "السابقة" التي أرستها لجهة اسقاط الشيك المصرفي كوسيلة دفع، ومع ما سيرتبه ذلك من محاذير. هذا الحكم قد ترتكز عليه دعاوى مماثلة مستقبلاً، وسيجعل من حالة خاصة تتحول الى حالة عامة مغطاة بـ"القانون". كما أنّه سيصعّب عملية مكافحة تبييض الاموال والتهريب.

هذه العشوائية التي يتم فيها التعامل مع الازمة المصرفية تحت عنوان "الدفاع عن اموال المودعين" قد تتوسع، وربّما تتجه نحو تفجير أزمة جديدة، خصوصاً في ظلّ تأخر السلطة السياسية بإقرار قانون "الكابيتال كونترول".

إلزام المصارف بتغطية الديون المستحقة عليها تجاه زبائنها بالعملة "الكاش"، سيؤدي حتما إلى اعلان افلاسها... وهذا قطعاً لن يكون في مصلحة جميع المودعين.