نيويورك تايمز- جيران وأصدقاء روسيا يساعدون على تجنب العقوبات واقتصادها استعاد عافيته

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 1, 2023

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته آنا سوانسون قالت فيه إن روسيا تتغلب على العقوبات الغربية بمساعدات من أصدقائها. وقالت إن أمرا غريبا حدث للهواتف الذكية في أرمينيا، الصيف الماضي، فقد بدأت شحنات الهواتف تزداد عشرة أضعاف لهذا البلد الصغير في الاتحاد السوفييتي السابق، وأكثر من الكميات المسجلة في الأشهر السابقة. وفي نفس الوقت زادت صادرات البلد من الهواتف النقالة إلى روسيا المحاصرة. ونفس الأمر تكرر في الغسالات ورقائق الكمبيوتر والمنتجات الأخرى في عدد من دول آسيا، العام الماضي.

وتكشف البيانات الأخيرة عن تصاعد في التجارة بين روسيا وجيرانها وحلفائها بشكل يظهر أن دولا مثل تركيا والصين وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان تقدمت لتزويد روسيا بما تحتاجه من بضائع حاولت الدول الغربية قطعها كعقوبة بسبب غزوها أوكرانيا.

وتضيف الصحيفة أن القيود على البنوك الروسية الكبرى إلى جانب محدودية مبيعات التكنولوجيا، التي يمكن أن تستخدم للأغراض العسكرية، هما ما منع وصول عدد من المنتجات. وتشير التقارير الراشحة من روسيا إلى غضب المستهلكين من زيادة أسعار البضائع أو تلك المشبوهة والتي تتراوح من الحليب إلى الأدوات المنزلية وبرمجيات الكمبيوتر والأدوية، كما تقول ماريا سنيغوفايا، الزميلة في الشؤون الروسية بمعهد أوراسيا للدراسات الدولية والاستراتيجية.

ومع كل هذا، يبدو أن التجارة الروسية عادت للمستويات التي كانت عليها قبل الغزو في شباط/فبراير. ويقدر المحللون إن الواردات الروسية ربما تعافت إلى مرحلة ما قبل الحرب أو ربما ستتعافى قريبا، وهذا يعتمد على النماذج المستخدمة. ويعود ذلك، في جزء منه، إلى أن بعض الدول وجدت صعوبة في التخلي عن روسيا، فقد أظهرت الأبحاث الأخيرة أن أقل من 9% من الشركات، التي تتخذ من دول الاتحاد الأوروبي أو مجموعة الدول السبع مقرا لها، قامت بتحويل واحدة من شركاتها الروسية التابعة لها.

كما وسجلت شركات الشحن البحري زيادة في النشاطات التي تقوم فيها أساطيل الشحن بنقل الصادرات إلى روسيا، وتتحايل على العقوبات الأوروبية، على ما يبدو. وفي الوقت الذي لم تمنع فيه الدول الغربية تصدير البضائع الاستهلاكية مثل الهواتف الذكية والغسلات إلى روسيا، هناك عقوبات مشددة من المتوقع أن تطال اقتصادها. وتضم حدا أعلى للسعر الذي يمكن لروسيا بيع نفطها فيه وكذا تقييد حصولها على المقود الآلي والتكنولوجيا الأخرى التي تحتاج إليها. وأوقفت بعض الشركات مثل “أتش اند ام” و”أي بي أم” و”فولكسفاغن” و”مارسك” عملياتها في روسيا بعد الغزو، بناء على أسباب أخلاقية ولوجيستية. إلا أن الاقتصاد الروسي أثبت قدرة على التحمل والتصميم، مما أثار أسئلة حول فعالية العقوبات الغربية. ووجدت عدة دول صعوبة في تخفيف اعتمادها على روسيا في مجال الطاقة والبضائع الأخرى، في وقت استطاع المصرف المركزي الروسي دفع قيمة الروبل وجعل الأسواق مستقرة.

وقال صندوق النقد الدولي يوم الإثنين إنه يتوقع نمو الإقتصاد الروسي بنسبة 0.3% هذا العام وهو تحسن واضح عن الإنكماش السابق بنسبة 2.3%. وقال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع من أن يكون تصدير النفط الروسي الخام قويا في ظل السعر المفروض عليه حاليا إلى جانب توجيه التجارة الروسية للدول التي لم تطبق العقوبات. وتوقفت معظم سفن الحاويات عن نقل بضائع مع الهواتف النقالة والغسالات وقطع غيار السيارات إلى ميناء سانت بطرسبرغ، وبدلا من ذلك تنقل هذه البضائع في الشاحنات والقطارات من بيلاروسيا، الصين وكازاخستان. وأضافت مشغل النقل الروسية فيسكو خط شحن بحري جديد لموانئ جديدة تتوقف في طريقها لتركيا والتي تحمل البضائع الصناعية الروسية والأدوات الأجنبية والإلكترونيات بين فوروسيسك واسطنبول.

وقال سيرغي إليسشيتكو، نائب وزير المالية الروسي السابق، في مناسبة الشهر الماضي، إن 2023 سيكون “عاما مختلفا” بالنسبة للاقتصاد الروسي، و”لن تكون هناك كارثة أو انهيار”. إلا أنه قال إن أجزاء من الاقتصاد الروسي لا تزال تعاني، مشيرا لمصانع السيارات التي أغلقت أبوابها بعدما لم تكن قادرة على تأمين قطع غيار من ألمانيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية. إلا أن النفقات الدفاعية وأسعار الطاقة العالية ساعدت على دفعه العام الماضي. وقال “ربما لا نستطيع القول إن الاقتصاد الروسي مهلهل وإنه مدمر وإن بوتين ليست لديه الأموال لمواصلة الحرب”، “لا هذا ليس صحيحا”.

وتوقفت روسيا عن نشر البيانات التجارية بعد الغزو، لكن المحللين والاقتصاديين استطاعوا التوصل لنتائج حول أشكال التجارة من خلال إضافة بيانات التجارة التي تنشرها الدول الأخرى مع روسيا. ويقول ماثيو كلاين، الاقتصادي ومؤلف كتاب مشترك بعنوان “حروب التجارة هي حرب طبقات”، وهو واحد من الأشخاص الذين توصلوا لنتائج حول حجم التجارة الروسية في السوق العالمي. وبحسب الحسبة التي قام بها، فإن قيمة الصادرات العالمية لروسيا في تشرين الثاني/نوفمبر كانت حوالي 15% وأقل من معدل الصادرات قبل الغزو. وربما تعافت الصادرات العالمية لروسيا في كانون الأول/ديسمبر وبشكل كامل، رغم أن الكثير من الدول لم تنشر بعد البيانات عن ذلك الشهر، كما قال. وأضاف أن “معظم التعافي تم بالمجمل من خلال الصين وتركيا”. ولا يعرف حجم التجارة التي خرقت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا إلا أن الأشكال “مثيرة للشبهة” كما يقول كلاين، و”هي متناسبة مع الفكرة التي تقول إن هناك طرقا للتحايل على العقوبات”.

ونشرت سيلفرادو بوليسي أكسيليتر، وهي منظمة غير ربحية في واشنطن، نفس التحليل وقدرت أن صادرات روسيا من بقية العالم تفوقت على مستوياتها قبل الحرب حتى أيلول/سبتمبر. وواحدة من الحالات المدروسة في التقرير هي مبيعات أرمينيا للهواتف النقالة. وقال مدير سيلفرادو، أندرو أس ديفيد، إن الأشكال تعكس الطريقة التي تحولت فيه سلاسل الإمداد لكي تواصل تقديم روسيا بالبضائع. وقررت شركتا أبل وسامسونغ، اللتان كانتا من أهم مزودي السوق الروسية، تعليق تعاونها مع موسكو بعد الغزو.

وتراجعت صادرات شعبية للهواتف الصينية مثل جياومي وريلم وأونر بداية نظرا لعدم معرفة الشركات التعامل مع العقوبات الجديدة والتكنولوجيا المباعة لروسيا باستخدام المدفوعات العالمية. وبعد “فترة تكيف” بدأت الماركات الصينية بالظهور في روسيا كما يقول ديفيد. ووصلت صادرات الصين لروسيا في كانون الأول/ديسمبر لمستويات عالية، وهو ما ساعد على تخفيف أثر تراجع التعامل التجاري مع أوروبا. ويبدو أن هواتف أبل وسامسونغ بدأت بالعودة لروسيا عبر طرق أخرى ومن الدول الجارة الصديقة. وقال ديفيد “أرمينيا بالتأكيد ليست الوحيدة وهناك الكثير القادم عبر وسط آسيا الغربية، تركيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة”.

وتعافت الصادرات لروسيا من عربات الركاب، وزادت الصين من صادراتها للمحركات الآلية إلى روسيا مع أن صادراتها من الرقائق لا تزال أقل مستويات ما قبل الحرب. والسؤال المطروح هو عن فعالية وضع حد أعلى لبيع النفط الروسي وأثره على وارداتها هذا العام. ويسمح لروسيا ببيع نفطها وشحنه عبر شركات الملاحة الدولية وشركات التأمين طالما لم يتجاوز سعر البرميل 60 دولارا، والحد هو بالضرورة استثناء للعقوبات الغربية ويهدف لاستمرار تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية وفي الوقت نفسه خفض موارد الحكومة الروسية.

ويرى بعض المحللين الاقتصاديين إن روسيا وجدت طرقا للتحايل على هذا عبر استخدام السفن التي لا تعود للشركات الغربية ولا تتعامل مع شركات تأمين أوروبية. وقال أمي دانيال، المدير التنفيذي لشركة “ويندوورد” للبيانات البحرية، إنه لاحظ مئات من الأمثلة التي قام بها أشخاص من دول مثل الإمارات وإندونيسيا وباكستان والصين وماليزيا بشراء سفن لبناء شبكة تجارة غير غربية لروسيا. و”بشكل أساسي كانت روسيا تتحرك نحو تطوير قدرة للتجارة خارج القانون”. وقال إنه لاحظ عددا من الممارسات التي تهدف لخرق العقوبات الأوروبية بما فيها نقل النفط الروسي بين السفن في البحر والمياه الدولية، التي لا تخضع لاختصاص أي بحرية دولة ومحاولات السفن للتستر على حركتها من خلال إغلاق أجهزة التتبع الفضائية، والتي تقوم بتحديد مواقعها أو نشر موجهات زائفة. وقال دانيال إن معظم النشاطات كانت تحدث وسط المحيط الأطلنطي ولكنها انتقلت للمياه في غرب أفريقيا.


القدس العربي