لهذا... "استقرار" لبنان مصلحة للجميع

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 31, 2023

تتسابق أحداث المنطقة بين التصعيد والتهدئة. على مسارين مختلفين، تتحرك إيقاعات الدول. لبنان يقف على حافة الانتظار والترقب. تصعيد إسرائيلي متسارع من الداخل الفلسطيني إلى سوريا باستهداف الحدود السورية العراقية، مروراً باستئناف العملية الأمنية والعسكرية الإسرائيلية للداخل الإيراني، من خلال استهداف مواقع عسكرية أساسية للحرس الثوري. هذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تسعى إلى إشعال الجبهة مع إيران، أو استدراجها إلى الاشتباك.

ضربة بضربة
في المقابل، يحاول الإيرانيون تجنّب التصعيد المباشر أو الدخول في معارك، فتلجأ إلى آليتين، الأولى، محاولة التخفيف من حجم الضربة وما حققته، بالإشارة إلى أنها فشلت في تحقيق هدفها. والثانية، الاستعداد إلى الردّ بعملية أمنية معينة، قد تكون مجدداً في كردستان أو في أذربيجان أو في أماكن أخرى، والغاية من ذلك عدم الذهاب إلى معركة مباشرة.

كذلك لا تريد طهران خوض معركة مفتوحة مع اسرائيل في ساحات أخرى كلبنان أو العراق أو سوريا. إنما هناك استمرار لمعادلة ضربة مقابل ضربة. وهذا كله "ضرب تحت الحزام" وفق الأسلوب الأمني المتبع منذ سنوات.

في موازاة مؤشرات التصعيد هذه، المعطوفة على أزمة سياسية إسرائيلية داخلية، فإن حكومة نتنياهو ستكون بحاجة إلى الالتفاف على كل أزماتها الداخلية، باللجوء إلى رفع منسوب التوتر لإعادة بعض الاتحاد حولها. هنا لا يمكن إغفال العمليات الفلسطينية في الداخل والتي تؤذي الإسرائيليين وتؤلمهم، فيما هم سيبحثون في آليات الردّ بوتيرة تصاعدية.

الهمّ الأميركي والدور القطري
إلى جانب هذا المشهد القابل للاشتعال، هناك حرص أميركي على تكريس الاستقرار في المنطقة. حسب ما يقول مسؤولون أميركيون، فإن همّ واشنطن في هذه المرحلة هو تكريس التهدئة والاستقرار في المنطقة، وعدم تفجّر ساحاتها، لأن لا أحد في العالم يريد تصعيداً أو حرباً في ظل الحرب الروسية الأوكرانية. بناء عليه، يسعى الأميركيون إلى تكريس التهدئة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الدور الذي تقوم به دولة قطر، وهو على ما يبدو أنه يتسارع. بداية مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه بولي العهد محمد سلمان. في اليوم التالي، جاءت زيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى إيران، والتي انطوت على عناصر التهدئة ومنع التصعيد. وهذا ما تجلى في كلام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي أشار إلى التقدم على خط الحوار الإيراني السعودي.. لحفظ الاستقرار في منطقة الخليج، وتكريس التهدئة في اليمن. بينما كان وزير خارجية قطر واضحاً في نقل رسالة إلى طهران حول استئناف مفاوضات الاتفاق النووي.

استقرار لبنان؟
على وقع هذه التطورات، فإن ملفات المنطقة ككل كانت حاضرة في لقاء وزيري خارجية قطر وطهران، لا سيما أن اللقاء يأتي على مسافة أيام من لقاء باريس، والذي سيبحث في الملف اللبناني، خصوصاً أن الدول التي ستشارك في الاجتماع تعلم أن نجاح التسوية يرتبط أيضاً بموافقة طهران. لذلك فإنه لا بد للبنان أن يتأثر، سواء بالجو العام في المنطقة، أو من خلال انتظار نتائج مؤتمر باريس. خصوصاً أن غالبية القوى المحلية والخارجية حريصة على الاستقرار في لبنان. وهنا لا بد من قراءة مؤشرات توقيع اتفاقية التنقيب عن الغاز في البلوك رقم 9، كمؤشر أساسي على تكريس الاستقرار في الجنوب وتجنيب لبنان أي تداعيات تصعيدية. في المقابل، فإن أجواء حزب الله لا تزال تركز على ضرورة إنجاز تسوية وتوافق، خصوصاً أن الحزب لا يريد تصعيداً لا في الداخل ولا مع الخارج. وهو لا يزال يحاول السعي للتوافق على مرشحه لرئاسة الجمهورية، أي سليمان فرنجية.
وفي حال انعكس التصعيد توتراً سياسياً في الداخل، فإن الحزب سيتشدد بموقفه ويتمسك بفرنجية أكثر. أما بحال تطورت أجواء التهدئة وتحقق تقدم في المفاوضات الإقليمية والدولية حول لبنان، فحينها يمكن للحزب أن يكون منفتحاً على خيارات أخرى.

منير الربيع
المدن