إيكونوميست- المعارضة التركية في وضعها الحالي لا تستطيع هزيمة أردوغان

  • شارك هذا الخبر
Saturday, January 21, 2023

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا أشارت فيه للمعوقات التي تقف أمام المعارضة التركية للفوز في الانتخابات المقبلة، مشيرة إلى أنها لا تزال بلا دفة.

وقالت المجلة “على الورق، حققت المعارضة شيئا، وفي وثائق السياسة لديها كتلة يترأسها حزب الشعب الجمهوري، وحزب السعادة، الذي أنشأه منشقون عن حزب الحركة القومية ولديهم جميعا خططا لمرحلة ما بعد أردوغان”.

وأضافت أن هؤلاء “سيجرون تعديلات دستورية ستفكك الرئاسة التنفيذية لأردوغان، وتعيد السلطات مرة أخرى إلى البرلمان، كما سيعيدون منصب رئيس الوزراء، ويحررون المحاكم من تأثير السياسة، ويخفضون درجة التمثيل السياسي من 7% إلى 3%، والذي يحرم الأحزاب الصغيرة من المشاركة في العملية السياسية”.

وتأمل المعارضة بتدفق الاستثمارات من جديد عبر إعادة السياسة المالية للمصرف المركزي وتخفيض التضخم.

ويقول بيلج يلماز، رئيس الفريق الاقتصادي في حزب السعادة، “ستكون تركيا هدفا لتجارة تحدث مرة واحدة في عقد”. ويمكن لعناصر حزب العدالة والأتراك، الذين لم يعجبهم النظام الرئاسي ولا حتى وضع الاقتصاد، دعم برنامج كهذا، لكن المعارضة فقدت الزخم قبل انتخابات الصيف المقبل، وترى أن الفجوة بينها وبين حزب العدالة تضيق.

وتواجه أحزاب المعارضة ثلاث عقبات كبرى. الأولى هي الإعلام، ذلك أن معظم القنوات التلفازية الكبرى، وبخاصة القنوات العامة، تحولت إلى وكالات علاقات عامة للحكومة. ولم يعد الإعلام قادرا على محاسبة رجب طيب أردوغان، نظرا للرقابة والخوف من التجريم والمحاكمة ووضع بعض المعلقين والصحافيين على القوائم السوداء.

أما العقبة الثانية، فهي الزعيم التركي نفسه، والذي لديه تاريخ في استخدام المصرف المركزي والخزانة لتحسين وضع الاقتصاد قبل الانتخابات، وكذا المحاكم لمضايقة المعارضين. ولن يتردد عن استخدامها مرة ثانية.

أما العقبة الثالثة، فهي المعارضة نفسها، فعلى بعد أشهر من الانتخابات، لم يتوصل “التحالف الوطني”، كما يطلق على نفسه، لتحديد مرشح متفق عليه لمنصب الرئيس. ويريد زعيم حزب الشعب، كمال كيلشدار أوغلو، الترشح ولكنه يواجه معارضة من زعيمة حزب السعادة، ميرال أكشنار، حيث بدأت التصدعات داخل التحالف بالظهور.

ويعتبر كيلشدار أوغلو مديرا جيدا وينسب إليه الفضل في انتخابات عام 2019 المحلية، التي خسر فيها حزب العدالة رئاسة البلديات في المدن التركية الكبرى، لكنه كخطيب عام لا يماثل قدرة أردوغان الخطابية، فحملات الرئيس التركي تشبه مزاج حفلات موسيقى الروك. ويبدو كيلشدار مثل من يلقي محاضرة حول المدفأة. كما أنه ينتمي للطائفة العلوية، التي تعاني من مواقف متحيزة من السنة المحافظين والمتشددين في اليمين.

وتقترح الاستطلاعات شخصيتين أفضل من زعيم حزب الشعب وهما أكرم إمام أوغلو عمدة اسطنبول، ومنصور يافاش عمدة أنقرة. ومن أجل الترشح فعلى كل منهما الاستقالة وتسليم إدارة البلديتين لحزب العدالة والتنمية، الذي يسيطر على مجلسي المدينتين. وتراجع نجم إمام أوغلو منذ فوزه المفاجئ في عام 2019، وتعرض لحظر من ممارسة السياسة مع أنه سيستأنف على القرار. أما يافاش، القومي المتطرف، فربما لن يكون مستساغا للناخبين الأكراد.

وترى المجلة أن تحالف المعارضة يواجه مشكلة أوسع. ومع أنه يجب عليها التصويت لأكراد تركيا لو أرادت الإطاحة بأردوغان، إلا أنها لم تلتفت لحزب الشعوب الكردية وهو ثالث كتلة في البرلمان.

ويحاول حزب الشعب الجمهوري التقرب من الحزب الكردي لكن حزب السعادة يتعامل معه كأنه فرع للجماعة الانفصالية بي كي كي ويرفض الجلوس معه على نفس الطاولة. ولا يحب حزب الشعوب الكردية بناخبيه الـ 6 ملايين وشهد اعتقال عدد من نواب ورؤساء البلديات التي يديرها منذ عام 2016 أردوغان. ولكنه يشعر بخيبة الأمل لأن التحالف الوطني يتردد في الحديث عن الحقوق الكردية.

ويقول بيرفين بولدان، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الكردية، “عندما يتعلق الأمر بحل المشكلة الكردية، فإنهم يتصرفون بخجل وضعف”، مضيفا “لو كانوا يعتقدون أنهم مختلفون عن حزب العدالة، فعليهم الوضوح وإلا لما اختلفوا عن الحكومة”.
ويقول حزب الشعوب الكردية إنه سيدعم مرشحا للرئاسة خاصا به.

وترى المجلة أن التعرف على ما تريده المعارضة في مجال السياسة الخارجية أمر صعب. ويزعم حزب الشعب والسعادة أنهما يريدان لملمة العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، وإعادة تركيا لبلد تابع يعتمد على الناتو، وتقليل التهديدات، وتخفيف الاعتماد على روسيا. ومع ذلك فهم يعترفون أن تركيا كبيرة ومستقلة جدا وتقع في جوار صعب لكي تستمر كبلد تابع لشركائه الغربيين. ومن هنا فالخلافات حول دعم أمريكا لقوات حماية الشعب أو واي بي جي والموقف الأوروبي من بي كي كي والعقوبات على روسيا ستظل قائمة.

وتضيف المجلة أن حزب الشعب الجمهوري دعم أردوغان في سياسته بشرق المتوسط وضرب المتمردين الأكراد في سوريا والتدخل في ليبيا والتقارب مع روسيا وحتى الشراء الكارثي لمنظومة الدفاع الروسية أس-400.

وتتابع أنه كلما استحضر أردوغان الأمن القومي تتبعه المعارضة. وتذكر ما قاله نائب في حزب الشعب “كلما كان هناك انتقاد لسياسة أو غيرها، تتهم الحكومة المعارضة بالوقوف مع الإرهاب”، “لا يمكنك التعبير عن مواقفك أو رأيك بدون أن تحشر في الزاوية”. ولأن أردوغان يعتبر أي خلاف في شؤون الأمن القومي هو خيانة، فالتردد لانتقاده فيها مفهوم، لكن هذا لا يعطي ثقة بالمعارضة.

وتساءل سولي أوزيل، الباحث في جامعة قادر خاص باسطنبول “ما هو الشيء المختلف الذي سيقدمونه؟”، “إما أنهم بدون شجاعة لدعم قناعاتهم أو ليس لديهم قناعات”، وبدلا من رسم سياسة انتصار، تتنظر المعارضة خسارة أردوغان وحزب العدالة، وربما لم يكن هذا كافيا.


القدس العربي