جمرة" الرئاسة تُرمى على بكركي...

  • شارك هذا الخبر
Saturday, December 10, 2022

إنها اللحظة التي تتحرك فيها البطريركية المارونية على خطّ الاستحقاق الرئاسي. بكركي أكثر المعنيين بهذا الاستحقاق، رمزياً ووجدانياً. لم تبرز التجربة دوماً التواؤم بين موقف البطريركية وآلية إنجاز استحقاقات رئاسية سابقة. وفي محطات كثيرة كان هناك اختلاف كبير وواسع في وجهات النظر بينها وبين عدد من رؤساء الجمهورية، منذ الخلاف الشهير والكبير بين البطريرك المعوشي والرئيس الراحل كميل شمعون. كذلك بالنسبة إلى الاختلاف بين البطريرك نصر الله صفير والرئيس إميل لحود. ولكن على الرغم من ذلك، رفض فكرة إسقاط لحود في الشارع، حفاظاً على رمزية الموقع. وهذا أيضاً ما انطبق على مسار العلاقة بين البطريرك بشارة الراعي والرئيس ميشال عون. إذ على الرغم من الخلاف الكبير بينهما والذي حصل إبان اندلاع ثورة 17 تشرين، إلا أن الراعي استمر بوضع خط أحمر حول مسألة إسقاط الرئيس في الشارع أو المطالبة باستقالته.

إشكالية "الحوار"
حالياً، تعصف الخلافات السياسية بين القوى المختلفة، بين حزب الله والتيار الوطني، بالإضافة إلى الخلافات داخل الساحة المسيحية. كل هذه الخلافات تلقي بأثقالها على البطريركية المارونية. وحسب مصادر قريبة منها، لا يريد الراعي تكرار تجربة عقد لقاءات للزعماء المسيحيين الأربعة في بكركي، وتكريس مبدأ الرئيس القوي فيما بينهم، كما حصل قبل الوصول إلى انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية. في تلك الفترة احتضنت بكركي أكثر من جلسة حوارية. في إحداها جمعت كل النواب المسيحيين والوزراء أيضاً، للبحث في الاستحقاق الرئاسي وفي معالجة الشغور. وعن هذا الاجتماع تفرّع اجتماع الزعماء المسيحيين الأربعة برعاية البطريرك، والذين أقدموا فيه على وضع معادلة ترشيح واحد من بينهم. ومن تتوفر له فرص الوصول، على الآخرين الإلتزام بدعمه. ولكن هذا لم يحصل. إذ حين برزت مقومات التوافق على فرنجية تخلّف ميشال عون وسمير جعجع وسامي الجميل عن ذلك، فيما ذهب جعجع إلى دعم عون لاحقاً، بينما بقي الجميل معارضاً وفرنجية كذلك، على الرغم من تخليه عن الترشح.

معادلة بكركي
قبل فترة، وضع الراعي معادلة واضحة لرئاسة الجمهورية. وهي انتخاب رئيس مقبول من الداخل والخارج، وقادر على استعادة علاقات لبنان العربية والدولية، وأن لا يكون محسوباً على محور. فُهم الموقف بأنه اعتراض واضح من الراعي على فرنجية، إلا أن هذا الأمر جرى توضيحه خلال زيارة قام بها رئيس تيار المردة إلى الديمان، والتقى فيها الراعي، الذي أبلغه بأن لا مشكلة لديه معه. حالياً وفي ظل الخلافات الآخذة في الاتساع مسيحياً، خصوصاً بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وبين جبران باسيل وسليمان فرنجية، وبين باسيل وقائد الجيش حتى، تبدو بكركي أكثر المهتمين في السعي إلى إعادة ترتيب البيت المسيحي الداخلي، بالإضافة إلى مساع لترتيب البيت "الوطني"، من خلال التوافق على انتخاب رئيس.

تقاطع مع برّي أم تعارض؟
كل هذه الوقائع وعلى رأسها الإختلاف القائم بين باسيل وحزب الله، دفعت برئيس التيار الوطني الحرّ وبرئيس الجمهورية السابق ميشال عون إلى زيارة البطريرك للتنسيق والتشاور. يأتي ذلك في ضوء استعداد الرئيس نبيه برّي لتوجيه دعوة للكتل النيابية للحوار، بعد جلسة انتخاب الرئيس يوم الخميس المقبل. ولا يزال برّي يبحث في إمكانية إنضاج هذه الفكرة بعدما رُفضت من قبل بكركي ومن قبل الكتل المسيحية. زيارة عون وباسيل إلى الراعي هدفها إعادة تكوين موقف مسيحي جامع، يرفض شطب رئيس الجمهورية من المعادلة. لكن الأهم في تلك الزيارة هو فتح الآفاق من قبلهما للبحث عن تسوية رئاسية.

حسب ما تقول مصادر متابعة لمجريات اللقاء، فإن باسيل أبلغ البطريرك بأنه ليس لديه أي اسم أو مرشح لرئاسة الجمهورية، وطلب من الراعي إذا كان لديه أسماء لمناقشتها، مبدياً الاستعداد لذلك مع القوى المسيحية الأخرى. وطلب من الراعي العمل على إجراء حوارات ثنائية أو جماعية لمناقشة هذا الاستحقاق. ومما قاله باسيل للراعي أيضاً، حسب ما تنقل المصادر: "أنا لن أرفض فرض سليمان فرنجية علي من الداخل، ولا أرضى بأن يفرض عليّ قائد الجيش جوزيف عون من الخارج، إنما هناك خيارات أخرى يمكن التفاهم حولها، والطاقات المارونية لم تنضب". وحسب المصادر، فإن الراعي كان مستمعاً، ولكنه لم يعط أي تعليق على هذا الأمر، سوى أنه جاهز لمناقشة هذا الأمر والحوارات سواءً كانت ثنائية أو جماعية. بينما تقول مصادر قريبة من بكركي إن الراعي لا يزال يرفض تكرار تجربة تقديم أسماء من قبله، وفيما بعد لا يتم الإلتزام بها.


منير الربيع
المدن