"الحزب" سيحاذر قيام تفاهم "عوني - قواتي"

  • شارك هذا الخبر
Thursday, December 8, 2022

جاء في النهار

مَن يتأمل الصورة التي تصدّرت "النهار" امس لا بد من ان يستوقفه كيف بدا رئيس "التيار الوطني الحر" ضاحكا، متوسطا الأمين العام لحزب الطاشناق آغوب بقرادونيان الذي ظهر عابسا، ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب وهو في حالة وجوم. وهنا يأتي السؤال الذي تفرضه هذه الصورة: لماذا يضحك النائب باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير حيث عبّر عن الغضب من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، ولو لم يسمِّه مباشرة، بسبب دعم الأخير لانعقاد الجلسة الأخيرة لحكومة تصريف الاعمال، على رغم كل الجهد الذي بذله باسيل كي لا تنعقد الجلسة من خلال غياب "الثلث المعطّل" من أعضاء الحكومة؟

ربما يكون الجواب عن هذا السؤال سؤالاً آخر: هل قرأ احد يوما تصريحا لباسيل او سمع صوته او شاهد صورته يذكر إسم السيد نصرالله وينتقده مباشرة؟ بالتأكيد لم تكن هناك مرة واحدة فعل باسيل ذلك. في المقابل، كان الأخير مرتاحا بالأمس بالكامل وهو ينتقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مستعيدا أسلوب رئيس "التيار" الرئيس السابق ميشال عون الذي حفل تاريخه بالهجوم على الطائفة السنيّة ورموزها الى درجة انه تجرأ بكلام السوء على الرئيس رفيق الحريري بعد استشهاده.

لم يكن ليضحك باسيل في ذروة غضبه على "حزب الله"، لو لم يكن يعلم ان هناك حدودا يجب ان يلتزمها في مخاطبة زعيم الحزب. وهذا يفسّر مجددا ما قاله مسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا، وهو المسؤول المباشر عن ملف العلاقات بين التيار والحزب، "ان باسيل ينظر الى السيد نصرالله على أنه من القديسين". وأضاف صفا في حديث الى موقع "العهد" الالكتروني التابع لـ"حزب الله" لمناسبة الذكرى السنوية لـ"تفاهم مار مخايل" في شباط 2019، "إن علاقة صداقة قوية تربط رئيس التيار مع الأمين العام للحزب، والمميّز أيضاً يكمن في كميّة الحب التي يختزنها باسيل للسيد نصرالله". وأوضح صفا أنّ رئيس التيار "شقفة" من الرئيس ميشال عون لجهة المشاعر الجيّاشة التي يُكنّها للسيد نصرالله، و"كما هو معروف أن الرئيس عون لا يستطيع إخفاء بريق عينيه في أي لقاء يجمعه بالسيد."

كان هذا قبل أكثر من خمسة أعوام، فهل طرأ متغيّر ما على نظرة باسيل الى نصرالله على انه من "القديسين"؟

في معلومات "النهار" ان أجواء "حزب الله" حيال حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" هي العمل على احتواء باسيل مهما بلغت العلاقات بينهما من تشنج. وعليه، فإن اجتماعا طارئا لقيادة الحزب إنعقد امس كانت الغاية منه، وفق مصادر إعلامية، العمل على خفض منسوب التوتر في موقف باسيل على قاعدة ان ورقة "التيار" وما تمثله على المستوى الداخلي المسيحي ما زالت صالحة بيد الحزب الذي يواجه تحديات على اكثر من مستوى في لبنان. وثمة "خشية"، على حد تعبير هذه المصادر، من أن يتجه الوضع المسيحي اللبناني الى التفاهم والتوحد على رغم التباينات بين اركانه، إذا ثابر الحزب على عدم الاكتراث بمشاعر المسيحيين عموما والموارنة خصوصا في ما يتصل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي هذا السياق، كان واضحا ان "القوات اللبنانية" بدت كأنها منسجمة مع مواقف "التيار الوطني الحر"، لاسيما بما يتصل بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية على ما عداها من أمور وآخرها عقد جلسة إستثنائية لحكومة تصريف الاعمال. لذا، تقول المصادر نفسها ان جُلّ ما يريد ان يركّز عليه "حزب الله" حاليا، هو عدم قيام تحالف او تفاهم بين التكتلين الكبيرين "القوات" و"التيار"، والأخير لن يخرج عن رغبة الحزب هذه.

أول الغيث، إذا صحّ التعبير، ان باسيل، ووفق ما ورد إعلاميا غداة "غضبته" من فشل محاولته تعطيل انعقاد جلسة الحكومة، "قال ما عنده وعلينا الآن انتظار كيفية تفاعل حزب الله مع كلامه".

إذاً، ينتظر باسيل كيف سيعود مجددا الى موقعه الأساسي في التحالف مع "حزب الله"، ما يعني ان اتصالا سيتلقاه النائب باسيل من السيد صفا، ممهدا بذلك لزيارة يقوم بها رئيس "التيار" الى الضاحية الجنوبية لبيروت كي يلتقي زعيم الحزب.

وما يُذكر ان باسيل اعتاد في الآونة الأخيرة تكرار اللقاءات مع نصرالله، كما حصل قبل فترة كي يقدم مطالعة مفصلة أمامه، وفيها "أن باسيل لن يقبل باختيار سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية".

بعد أن يذوب ثلج "الغضب" من انعقاد جلسة الحكومة ويظهر "مرج" العلاقات العميقة بين حارة حريك وميرنا الشالوحي، هناك موضوع توارى عن الأنظار في معمعة جلسة الحكومة هو ملف الاتصالات الذي كان سيكون امس على مشرحة جلسة الهيئة العامة التي كان دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي جلسة كانت ستناقش العريضة الاتهامية في حق ثلاثة وزراء سابقين للاتصالات. وفي المعلومات، ان "التيار" كان سيكون في واجهة الاتهام له في هذه العريضة الى درجة ان وزير "التيار" الوارد في هذه العريضة كان يمر بفترة حرجة في الأسابيع الماضية وسط توقعات ان وزراء آخرين لـ"التيار" كانوا على مشارف الاتهام لهم. فهل أدت جلسة الحكومة الأخيرة الى تطيير ملف الاتصالات بما يمثل خدمة لـ"التيار" ولو بدا انه "غاضب"؟

عندما تكون علاقة "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" قد توغلت الى أبعد الحدود منذ "تفاهم مار مخايل" في شباط 2006، فهل ثمة مبالغة في القول ان لسان زعيم الحزب يلهج قائلا: "باسيل وين بدّو يروح"؟!