جلسة الحكومة 2: ترقيات "دورة عون" وأخواتها.. بلا عون؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, December 7, 2022

كتبت ملاك عقيل في أساس ميديا:

كُسِر المحظور في جلسة تصريف الأعمال الوزارية في "عهد الشغور".

ثمّة محور متكامل، من ضمنه حزب الله، كرّس مشروعية انعقاد حكومة "بحكم المستقيلة" في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، تحت عنوان "الضرورة"، في مواجهة "فريق" النائب جبران باسيل والقوات اللبنانية ولو أنّها غير ممثلة في الحكومة.

لذلك ستكون الجلسة الثانية على الأبواب، بعد أيام من عودة رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي من الرياض إثر مشاركته في القمّة السعودية – الصينية التي تنعقد في 9 كانون الأول الجاري. لكن كلام باسيل أمس أوحى بجنوح أزمة التئام الحكومة نحو مزيد من التصعيد والتوتر إلى حدّ احتمال تقديم طعن أمام المجلس الدستوري في المراسيم الصادرة عن الحكومة.

وفق معلومات "أساس" وُجّهت دعوة لجميع الوزراء إلى اجتماع تشاوري يوم الإثنين المقبل في السراي للاستماع إلى المعترضين والتنسيق في جدول الأعمال المقبل.

تقول مصادر قريبة من رئاسة الحكومة لـ "أساس": "النصاب سيكون نفسه وربّما يرتفع العدد أكثر، إذ ستشارك الكتل الكبيرة، إضافة إلى الوزراء الذين أكملوا نصاب جلسة 5 كانون الأول، ومن بينهم وزير الصناعة جورج بوشكيان، وقد نشهد مشاركة لوزراء من فريق المقاطعين. فوزير السياحة وليد نصّار مثلاً ربط قرار المشاركة بـ "كلّ جلسة بجلستها". مع العلم أنّ نصار وبوشكيان صارا "خبيئة" ميقاتي في الحكومة.

تؤكّد المصادر عينها "حسم آليّة اتّخاذ القرارات التي لا عودة عنها بعدما اعتُمدت في جلسة الحكومة الإثنين".

في هذا السياق، صَدر تعميم عن رئيس الحكومة موجّه إلى الإدارات والمؤسّسات العامّة يتضمّن الآتي:

- ذكر عبارة "إنّ مجلس الوزراء" (بدلاً من "إنّ رئيس الجمهورية") في مستهلّ بناءات المشروع.

- إضافة عبارة "لا سيّما المادّة 62 منه" بعد عبارة "بناءً على الدستور". (المادّة 62 التي تنصّ على أنّه في حال خلوّ سدّة الرئاسة لأيّ علّة كانت تُناط صلاحيّات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء).

- إضافة حيثيّة تكون الأخيرة على المشاريع كافّة تبنيها على "موافقة مجلس الوزراء".

- وَضع عبارة "صَدَرَ عن مجلس الوزراء" و"بيروت في" (بدلاً من "بعبدا في") في خانة التوقيع.

- إضافة خانة لتوقيع ثانٍ لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى توقيعه المُعتمد!

لقد تبيّن أنّ بنود جدول أعمال يوم الإثنين الـ25 أُقرّت جميعها إضافة إلى بنود أخرى من خارج جدول الأعمال اكتسبت طابع الضرورة.

بند الترقيات

البند الأوّل والأهمّ على جدول الأعمال المرتقب هو بند ترقيات الضبّاط العالق منذ ثلاث سنوات، إضافة إلى تجديد عقود المتعاقدين في القطاع العامّ وبنود أخرى ستُدرج تحت خانة "الضرورة".

وفق معلومات "أساس" لن تشهد الجلسات الحكومية المقبلة، قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، إقرار أيّ تعيينات، حتّى تلك المرتبطة بملء الشغور حالياً في مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي أو ربطاً بالشغور المقبل في المجلس العسكري في قيادة الجيش، بل إنّ الأمر يتعلّق حصراً بإقرار بند الترقيات الذي شكّل عنوان خلاف كبير بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي ربطاً بملفّ الأقدميّات التي منحها عون لضبّاط 1994.

حتّى الساعة لا شيء مؤكّد، خصوصاً أنّ انعقاد جلسة ثانية لمجلس الوزراء سيؤدّي إلى رفع منسوب التوتّر.

يرجّح مطّلعون أنّ "ملفّ الضبّاط العالق منذ عام 2019 سيُبَتّ نهاية العام الحالي"، فتوقيع وزير المال، من علي حسن خليل إلى غازي وزني إلى يوسف خليل، المحجوب بأوامر من عين التينة، قد يُفكّ أسره لأكثر من سبب.

في السياسة انتهت الولاية الرئاسية لميشال عون الذي حَجَب توقيعه عن مراسيم الضبّاط ردّاً على حجب وزير المال توقيعه عن مرسوم ترقيات الضبّاط في الجيش من رتبة عقيد إلى عميد في مقابل توقيع ترقيات الضبّاط في الأسلاك الأخرى.

تُضاف إلى ذلك الفجوة الكبيرة التي كانت تباعد بين بعبدا وعين التينة وحوّلت ملفّ الضبّاط إلى كرة يتقاذفها الطرفان. أمّا اليوم فثمّة حكومة مستقيلة تصرِّف أعمالها وأعمال رئاسة الجمهورية الشاغرة، وهي جاهزة لبتّ الترقيات (بالثلثين) بعد توقيع وزير المال، مع العلم أنّ هذا المطلب كان عونيّاً بامتياز.

في المنحى العسكري يؤكّد متابعون للملفّ أنّ "اعتراض الرئيس نبيه برّي الأساسي على مرسوم ترقية "ضبّاط 94" (المعروفة بـ"دورة عون") منذ عام 2019، الذي تمحور حول الخلل الطائفي (كان يشمل المرسوم ترقية 126 ضابطاً يتوزّعون بين 28 ضابطاً مسلماً و98 ضابطاً مسيحياً من رتبة عقيد إلى رتبة عميد)، قد زال اليوم بسبب عودة التوازن الطائفي الذي حقّقته دورات 95 و96 بعدما استحقّ ضبّاط هاتين الدورتين ترقيتهم إلى رتبة عميد".

إذاً لبّ الموضوع هو فكّ أسر "التوقيع الشيعي" على المرسوم ليسلك المرسوم مَساره في الحكومة في عهد الشغور، فيوافق مجلس الوزراء على الترقيات نيابة عن رئاسة الجمهورية، فيما يجب أن يوقّع على مراسيم الترقية رئيس الحكومة (مرّتين) ووزير الدفاع ووزير الداخلية. فهل يفعلها نبيه برّي؟ وهل "يقطع" في مجلس الوزراء؟

مع وضدّ

مع ذلك ثمّة منطقان يتواجهان:

- الأوّل يتحدّث عن حقّ مكتسب وبديهي لهؤلاء الضبّاط الذين عاينوا عن قرب دخول حقوقهم في بازار "البيع والشراء" على أساس صفقة تعيينات رُبطت بشروط وابتزاز متبادل، وعن ذيول الأزمة الماليّة التي حوّلت راتب العميد إلى "بون" يَصرفه بزيارة واحدة للسوبرماركت، وتعويض نهاية خدمته إلى قسط شهري لسيارة عاديّة. يجزم هذا الفريق أنّ الترقيات المجمّدة لا ترتّب أعباء ماليّة على الدولة، ولا تُرهق الكادر بتخمة عمداء بعد إحالة ضباط دورتَيْ 85 و86 في الجيش إلى التقاعد. وفي قوى الأمن الداخلي ملاك العمداء غير كبير، والحقوق الماليّة لهؤلاء الضبّاط تمّت جدولتها مسبقاً في الموازنة، وأموالها موجودة.

- الثاني يتحدّث عن عين دولية "مفتّحة" على الإصلاحات وترفض إجراءات من هذا النوع داخل الأسلاك العسكرية لأنّها تتعارض مع مبدأ الترشيق والإصلاح. هذا مع العلم أنّ المجتمع الدولي نفسه تفرّج على جرائم "مشهودة" تجلّت في الفشل المتعمّد في إقرار قانون "الكابيتال كونترول" وقوانين إصلاحية أساسية أهمّ بكثير من "خطأ" منح ضابط رتبة لم يعد مردودها المالي يكفي أكثر من جلسة غداء في مطعم. والأهمّ أنّ المعارضة المسيحية، الباسيليّة تحديداً، قد تتّخذ مساراً سيحاول أن يصعّب إمرار أيّ جلسة وزارية مقبلة.

هل يوقّع وزير الدفاع؟

في هذا السياق، يجدر التساؤل في حال وصول مرسوم الترقيات المتراكمة منذ ثلاث سنوات إلى وزير الدفاع موريس سليم المقاطِع للجلسات: هل يوقّعه أو هل يحضر أصلاً جلسة إقراره؟



السؤال نفسه يُطرح ربطاً بجلسة يوم الإثنين التي وافق فيها مجلس الوزراء على عدّة بنود مرتبطة بمستحقّات أساسية للعسكر، منها مرسوم تعديل تعويض النقل الشهري المقطوع للعسكريين، وطلب توفير مستلزمات وحاجات الجيش لعام 2023، ومرسوم احتساب الزيادة للعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين على أساس الراتب الأساسي مع متمّماته، وجميع هذه المراسيم أُرسلت أمس من رئاسة الحكومة إلى وزارة الدفاع وباقي الوزارات "المقاطِعة".