د. طلال حمود- صرخةٌ مدوِّية لإنقاذ الجامعة الوطنية

  • شارك هذا الخبر
Sunday, December 4, 2022




إذا كان كلٌّ مِنَ الرَّئيسِ، والوزيرِ ، والنَّائِبِ، وغَيرِهمْ مِنَ المسؤولينَ يَفخَرُ بما وَصَلَ إِليه، فالأَوْلى بالمُعلِّمِ أَنْ يَفخَرَ صَباحَ مَساء أَنَّه عَلَّمَ كُلَّ هؤُلاء ...
لذا، إذا أردت أن تدمِّر وطناً فليس عليك أن تشن عليه الحرب، ولا عليك أن تغرقه بالمخدِّرات، ولا أن تطلق عليه فيروسات سامَّة، إِنَّما كل ما عليك هو أن تدمِّر المُعلِّمَ والتَّعليم فيه.
يقول أحد المستشرقين: "إذا أردت أن تهدم حضارة أمَّة فهناك وسائل ثلاث هي:
1/ هدم الأسرة
2/ هدم التعليم.
3/ إسقاط القدوات والمرجعيات...".

ولكي تهدم التعليم: عليك بـ (المعلم)، لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلِّل من مكانته حتى يحتقره طلابه...
فإذا اختفى المعلم وسقطت القدوة والمرجعية، فمن يربي الأَجيالَ على القيَم؟
فهل يَعلَمُ المسؤولون في وطننا هذه الحقيقة؟ وهل من ضميرٍ حيٍّ يستمع إلى معاناة المعلمين والأساتذة الجامعيين؟
لقد أَسمعتَ لو نادَيتَ حَيًّا ...
وإليكم صرخة مدوِّيةٌ من الأستاذ الجامعي المتعاقد نسيب حطيط المحترم، يطلقها باسم أمثاله المستضعفين لمن يعنيهم الأمر، فهل من مغيث؟
واليكم هذه القصة التي انتشرت على كل وسائل التواصل الإجتماعي مثل النار في الهشيم على لسان الصديق د. نسيب حطيط وهي بعنوان:

#ناطور البناية والأستاذ الجامعي#.

قبل أيام زارني في الجامعة أحد الزملاء وقدَّم استقالته من التعليم الجامعي، والحزن والغصة تغلّف ورقة استقالته وكلماته الضعيفة.
بعد أكثر من عشر سنوات في التعليم الجامعي وشهادة دكتوراه، وجد نفسه هامشيًّا في مجتمعه، ودون كرامة أو تقدير لعلمه، فهو يتقاضى مبلغ 60 ألف ليرة عن الساعة، ويقبضها بعد سنة أو سنتين ! ويتحمل نفقات التنقل التي تزيد عن ما يقبضه، ومن دون ضمان صِحي!
حاولت إقناعه بالتراجع، وأنّ الأزمة ستمرّ إن شاء الله، وستعود الأمور إلى مسارها الحسن، ودوام الحال من المحال، فأصر وبحدة قائلًا :
قررت أن أعمل ناطورًا للبناية حيث أسكن؟
فسألته: لماذا ؟
فقال : أمس قدّم الناطور استقالته، وأبلغنا أنه لا يستطيع الاستمرار بالراتب القديم (مع العلم أنّ سكَنه والكهرباء والماء على حساب سكان البناية) وطلب راتب ستة ملايين ليرة !
وبما أنني سأدفع له ما يساوي ما أقبضه من الجامعة، طلبت من الجيران التمهل، ودرست الموضوع طَوال الليل فوجدت أنّ المناسب والأكثر ربحًا لي أن أعمل ناطورًا للبناية، فأقبض 6 ملايين (دون ضريبة)، وآخذ الكهرباء والماء والسكن مجانًا، وأرسل عائلتي إلى الضيعة، وأوفر أجرة النقل (3 أيام في الأسبوع حضوريًّا ) ما يوفّر مليوني ليرة ونصف، فيصبح مجموع راتبي 8.5 ملايين ليرة ، ولا أعود مضطرًا لشراء بدلة صيفية وشتوية تليق بالتعليم (توفير 200 دولار ما يساوي 8 ملايين، فيصبح الراتب 9 ملايين ليرة.
حاولت إقناعه بضرورة التضحية وحماية الجامعة الوطنية ، فكان ردّه: إِن أولادي أولى بأن أقدِّم لهم، حتى لا يموتوا جوعًا..
قبل مغادرته أدار وجهه ونظر إليّ قائلًا : إنا على استعداد لإعطاء الدروس (أونلاين مجانًا) لحفظ الجامعة واستقبال الطلاب (تطوّعًا) في غرفة الناطور !
أجبته سيبقى اسمك على برنامج الدروس، ولن أمحوه ...


هُنا، وبعد إنتهاء كلام الدكتور حطيط وصرخته المدوّية... وعلى ضوء هذا الخبر المُحزن،
لا بد لنا من القول: ألف تحية للصديق الدكتور نسيب حطيط الموجود بيننا في في مجموعات ملتقى حوار وعطاء بلا حدود، وايضاً إلى كل المجموعة الكبيرة جدًّا من أساتذة الجامعة الوطنية اللبنانية الموجودين بيننا في الملتقى، وهم من معظم الاختصاصات...
فنحن إلى جانبكم في نضالكم لإنقاذ هذه الجامعة العريقة التي لا يجب في أي ظرف من الظروف، وتحت أَيّ مبرّرات كانت، تدميرمها وتفريغها من الطاقات والهامات الوطنية التي تناضل للبقاء فيها خدمة للأجيال، ولإنقاذ وطننا الحبيب لبنان مما يتخبّط به.
نحن معكم والى جانبكم في كل مطالبكم المُحقّة انتم وكل المعلمين في كل قطاعات التعليم، ونتمنى على كل السياسيين والصديقات والأصدقاء: الوزراء والنواب الحاليين والسابقين الموجودين معنا في مجموعات الملتقى وخارجه ممن سيقرأ هذا النداء عدم السماح بتدمير هذا الصرح الوطني الكبير، والعمل بكل الوسائل لإنقاذه.
لا بد من دعم المدارس الوطنية .. والعمل بموجب نشيدنا الوطني سيفنا والقلم ..



# *أنقذوا الجامعة اللبنانية؛ لأنها "جامعة شباب" هذا الوطن من الفقراء ومتوسطّي الدَّخل، وشعلته المتوقّدة التي يجب أن تستمرّ بأي ثمن!* #

د طلال حمود- منسق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود-جمعية ودائعنا حقّنا