أضرار استمرار الشغور الرئاسي وانعكاساته مسيحيّاً-مجد بو مجاهد

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 28, 2022

كتب مجد بو مجاهد في النهار:

ترتسم ملامح الاستياء من مسلسل الشغور الرئاسي الذي بدأ عرض الجزء الثالث منه توالياً عام 2022 بعد محطتي 2007 و2014. وتتصاعد هواجس أوساط مسيحية من الوصول إلى المزيد من الاهتراء في الوضع اللبناني الداخلي، وسط "بروفا" تعطيلية مستعادة في الاستحقاق الرئاسي بواسطة ورقة "حزب الله" التي لم تمنح الإشارة المرورية لأي من تكتلات المحور "الممانع" بتزكية مرشّح معيّن لاعتبارات تُقرَأ أنها مرتبطة بعدم توافر التوافق بين جناحي حليفيه من جهة، وغياب المعطى الإقليمي إيرانياً المحفّز على المضيّ بتحريك الانتخابات الرئاسية.


وهناك تعبير عن محاذير من ارتدادات التعطيل لناحية استمرار الإجهاز على الدور المسيحي مستقبلاً وسط تكرار حالة "بلاد بلا رأس" للمرة الثالثة على امتداد ثلاث محطات رئاسية. وهنا، تلتمس القوى السيادية محاولة لإفراغ وثيقة الوفاق الوطني من مضمونها للوصول إلى الزعم بالحاجة الى صيغة جديدة، مع قراءة أن هذا المطلب لا يزال يعبّر عنه في مواقف شخصيات "ممانِعة" تستمر بانتقادها للمعادلة التي نشأت مع البطريرك الياس الحويك، وذلك بعدما كان "حزب الله" طرح فكرة المؤتمر التأسيسي قبل أن يفرمل طرح مماثلاً. وثمة من ينتقد على صعيد القوى السيادية المسيحية حماسة بعض الناشطين المسيحيين الذي يحثّون للانتقال إلى مناقشة المفاصل التي يقوم عليها النظام اللبناني وتعديله، بما يعني تعزيز تقدّم "حزب الله" بالنقاط في كونه الفريق الوحيد المتمتّع بكامل الجهوزية والقوّة التنظيمية سياسياً وطائفياً لطرح مقاربته التي ستؤدي إلى معادلة المثالثة بما يعني انتفاء الركيزة اللبنانية القائمة على المناصفة وانعكاس النتائج على المسيحيين بصورة خاصة وإعادة رسم توازنات غير مألوفة منذ الاستقلال.


إلى ذلك، تلفت معطيات "النهار" إلى أنّ مداولات حصلت في الكواليس لمحاولة "جسّ النبض" حول مجموعة شخصيات مقترحة للرئاسة أو طرح نماذج جديدة واستطلاع رأي بكركي حولها، في وقت عُلم أنّ الصرح البطريركي يستفسر عن أسماء أو يتوقّف مستمعاً حول أسماء طُرحَت أمامه لكنّه لم يسبق أن أبدى تقويماً أو أعطى آراءً. ولن يقبل أن يوضع في خانة المرجّح لمرشحين لكن دوره يقوم على الدفع باتجاه الوصول إلى رئيس جديد للجمهورية وحضّ المجلس النيابي على القيام بواجباته الدستورية. والجدير ذكره، أن بكركي لم تتلقّف نوايا جديّة حتى اللحظة لإنضاج الاستحقاق المنتظر، مع ملاحظات تبديها مراجع كنسية بأنّ الوضع لا يبدو قابلاً للتطور قريباً بما يدفع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى التركيز أكثر على فكرة المؤتمر الدولي. ويردّد مستطلعون مقربون من البطريرك الماروني أنه بات متيقّناً بأن ثمة من لا يريد الوصول إلى انتخابات رئاسية راهناً، وأن المسألة ليست متعلّقة بقبول مرشح معيّن أو رفضه أو تعزيز فرص أحد الأسماء أو فرضها، بل العمل على "تجليد" استحقاق رئاسة الجمهورية كمعطى بذاته حالياً.


وكذلك، عُلم أنّ هناك مجموعة أسماء للرئاسة كانت نوقشَت على صعيد مجالس سياسية حديثاً في غضون الأيام الماضية، كنماذج بعيدة عن الوجوه السياسية الرئيسية الطامحة للعبور الى سدّة الرئاسة ومع طرح علامات استفهام حول إذا كانت قادرة على حشد التأييد. وقد شملت هذه النقاشات كلاً من إسم الوزير السابق زياد بارود الذي بدأ إسمه يظهر بوتيرة ثابتة وإن خجولة في الجلسات الرئاسية الماضية، إضافة إلى مدير المخابرات سابقاً جورج خوري الذي سُمع اقتراح إسمه أيضاً في كواليس سياسية على سبيل طرح الامثلة. ويأتي ذلك في المرحلة التالية للرفض المطلق الذي يعبّر عنه "التيار الوطني الحرّ" لاحتمال دعم إسم رئيس تيار "المرده" الوزير السابق سليمان فرنجية للوصول إلى القصر الجمهوري. ولكن، لا تلقى هذه المقترحات أو سواها أذناً صاغية حتى اللحظة، بما يؤشر بوضوح إلى إصرار بعض التكتلات النيابية "الممانعة" ونيتها الاستمرار في ورقة فرنجية على الرغم من تأجيل تنقيح إسمه في أوراق الأصوات الرئاسية حتى أجلٍ غير واضح زمنياً والاستعاضة عن ذلك بالورقة البيضاء التي ستتكرّر في الجلسات الرئاسية المقبلة التي باتت أشبه بسيناريو مستعاد أسبوعياً.

أما الإسم الوحيد الثابت الذي يتداول على نطاق أحزاب متنوعة نيابياً فهو قائد الجيش جوزف عون، حيث تقول أجواء نائب سيادي بارز إنه يمكن أن يستقطب أصواتاً تشمل تكتلات محسوبة على القوى السيادية كما فريق 8 آذار على حدّ السواء عندما تأتي اللحظة المؤاتية التي سينبثق عنها انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، مع اشارته إلى أن ترجمة الاستحقاق تبدو بحاجة الى وقت على المستوى الزمني وأنه من الصعوبة الكبرى تظهّر أي مستجدات رئاسية في غضون الشهرين المقبلين أقلّه واللذين تدخل خلالهما البلاد فترة الأعياد بما يعني تأجيل السباق الرئاسي إلى مرحلة لاحقة. وفي غضون ذلك، لا يعرب بعض النواب عن حماسة مشجعة للاستمرار بحضور الجلسات الشهر المقبل طالما أنها تنتهي بطريقة تعطيلية. ولا تخفت المحاذير من تبعات الفراغ ما بين المرحلة الفاصلة بين الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد، وإمكان أن تشهد مفاعيل سلبية أكبر على الصعد الاقتصادية والاجتماعية، كما لجهة معاني أن تستمر البلاد شهوراً أو سنوات بلا رئيس للجمهورية وانعكاسات هذه الحالة على الواقعين المسيحي خصوصاً والوطني عموماً.