لا "خليّة رئاسية" عند قائد الجيش و"القرار في البرلمان"

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 28, 2022

كتب رضوان عقيل في النهار:
يحضر اسم قائد الجيش العماد جوزف عون في الكتابات والمتابعات الصحافية اليومية منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وزاد الحديث أكثر بعد دخول البلد في مرحلة شغور رئاسي يبدو انها مفتوحة على أيام أطول اذا بقيت الكتل النيابية على مواقفها ولم تجرِ أي تبديل في خياراتها الانتخابية عند أنصار الورقة البيضاء والجهات التي تستمر في الاقتراع للنائب ميشال معوض.

ويبقى النواب " التغييريون" والمستقلون من دون تأثير لهم في ساحة النجمة سوى مشاركتهم في تأمين النصاب المطلوب في هذه المشهدية. وكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن ان قائد الجيش شكّل خلية من سياسيين ومستشارين واعلاميين لتسويق اسمه في الداخل والخارج، لكن الوقائع لا تثبت ذلك. ولا يعني هذا الكلام ان لا نية لدى الرجل في الترشح الى سدة الرئاسة الاولى. ولدى مفاتحته بهذا الموضوع امام زوار يأتي رده على الفور بأنه ما زال على رأس المؤسسة العسكرية التي لن يبخل في تأمين حمايتها واستمرارها في تأدية الواجبات الوطنية المطلوبة منها، ولا سيما في هذه الظروف الصعبة.

ويعتمد عون في هذا الصدد على شبكة من الصداقات تأمل في وصوله الى رئاسة الجمهورية وتعمل على مساعدته إذ ترى فيه الشخصية المناسبة والمؤهلة لجملة من الاعتبارات ليحل في هذا المنصب. ولا يقوم الراغبون في انتخابه بأي عمل او تنسيق مشترك. وعندما يستقبل زواره في اليرزة لا يدخل معهم في تفاصيل استعداده للترشح او وضعه برنامجاً لهذه المهمة. وهو يتلقى بالفعل اسئلة عدة من ديبلوماسيين عن استعداده للترشح من دون ان يدخل في تفاصيل معهم وسط تشديده على الحفاظ على المؤسسة العسكرية. ويتّبع الأمر نفسه هنا وفي زياراته الى الخارج. وعند طلب الحصول على جواب منه في الملف الرئاسي يكتفي بالقول ان الجهة المعنية بهذا الاستحقاق تتمثل في مجلس النواب.

وكانت زيارة المسؤول عن جهاز الارتباط والتنسيق في "#حزب الله" وفيق صفا لقائد الجيش قد اطلقت الكثير من الاسئلة والاستفسارات في الفضاء الاعلامي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وصولًا الى صالونات السياسيين والكتل النيابية لمعرفة حقيقة ما دار بين الرجلين. ولم يكن الملف الرئاسي حاضرا في هذه
الجلسة من الباب الواسع بدليل حضور مدير المخابرات طوني قهوجي هذا اللقاء حيث جرى التركيز على النقاط الآتية:
- كيفية التعاون بين الجيش و"المقاومة" في منطقة الـ 1701 في الجنوب، ولا سيما بعد اعلان الاخيرة على لسان السيد حسن نصرالله فك استنفار وحداتها بعد توقيع اتفاق الترسيم البحري مع اسرائيل. ولا تخفي قيادة الجيش هنا التركيز على حفظ تطبيق الاتفاق، ولا سيما بعد التعديل الذي تم في الامم المتحدة والذي تمثل في توسيع صلاحيات "اليونيفيل" حيث يحرص عون على عدم حصول احتكاكات بين القوة الدولية والاهالي، لأن اي تطور سلبي على الأرض لا يصب في مصلحة الطرفين. ولذلك لا بد من التواصل المفتوح بين قيادة "حزب الله" وقائد الجيش عبر صفا والتنسيق بين الطرفين.
- الموضوع الثاني في اللقاء كان متابعة تطورات أحداث خلدة التي يعمل عليها الجيش باشراف قهوجي بغية التوصل الى مصالحة حقيقية، وتواكب دار الفتوى هذا الملف بهدف عدم تكرار تلك الاحداث في نقطة حساسة مثل خلدة.

أما على مستوى الداخل حيال ترشيح قائد الجيش، فالكل في انتظار الظرف الذي سيؤدي الى اتمام عملية الانتخاب، ودرجت العادة في كل الولايات الرئاسية ان يتقدم الظرف السياسي المحلي والخارجي على مواصفات المرشحين. ويواصل الفرنسيون عملية خلق الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس للجمهورية من خلال تواصلهم مع واشنطن والرياض، وهم يملكون امتيازاً هنا مستفيدين من علاقاتهم وقدرتهم على الحديث مع مختلف الافرقاء والعواصم المعنية وصولا الى "حزب الله" الذي تشكل له باريس البوابة الوحيدة الى الغرب. وثمة وجهة نظر عند الفرنسيين، بحسب ما خرجت به شخصية على تواصل مع ديبلوماسية الاليزيه، انهم وصلوا الى معادلة صعبة التحقق حتى الآن لدى الجبهتين النيابيتين، بين من ينادي بترشيح معوض والفريق المقابل الذي يقترع بالورقة البيضاء ويؤيد سليمان فرنجية، ما عدا اصوات النواب العونيين. ولا تغيب عن الفرنسيين محاولة البحث في اسم ثالث من دون تبنّي أي مرشح الى اليوم.

وتفيد المعلومات ان باريس لم تدخل في كل ما جرى تناقله من نوع الاتيان بفرنجية رئيساً للجمهورية والسفير نواف سلام رئيساً للحكومة، وهي لا تدخل في اي مقايضات هنا بل تفصل بين الموقعين بحيث ان الاولوية يجب ان تكون لانتخاب رئيس الجمهورية وترك رئاسة الحكومة للاستشارات النيابية. ويفضل الفرنسيون ان يتلازم انتخاب رئيس للبلاد مع وضع برنامج اقتصادي- اصلاحي حقيقي لا يكون على غرار مؤتمرات سابقة. وتحتاج هذه المساعي لاجراء اتصالات مع السعودية من دون الدخول في اي حديث عن اجراء تعديلات في اتفاق الطائف. وثمة مسلّمة عند باريس والعواصم المعنية بغضّ النظر عن وصول اي اسم للرئاسة سواء كان فرنجية او قائد الجيش اوغيرهما، فإن كل هذه الدول لن تساهم في تقديم أي مساعدات مالية من دون المرور بقطار اصلاحات حقيقية طلبها صندوق النقد والمجتمع الدولي. وعلى سبيل المثل ان قانون "الكابيتال كونترول" وسواه من القوانين الاصلاحية يجب ألّا تكون حبراً على ورق وفارغة من مضمون ترجمة خطة اصلاحية جدية، وان الغربيين في النهاية، فضلاً عن الدول الخليجية، لن يكرروا تقديم اي مساعدات مالية للبنان من دون ضمان وصولها الى المواقع الصحيحة والتدقيق في إنفاقها.