عهد المقامرة والرهانات الخائبة- فؤاد الأسمر

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 24, 2022

كتب المحامي فؤاد الأسمر:

إن أساسيات نجاح أي عهد يتمثل بجملة عوامل أهمها التجرد، أي نبذ المصالح الفردية وتغليب المصلحة العامة، وكذلك تحلّي الرئيس بالحكمة والنزاهة والوطنية والرؤية الثاقبة، ووجود نُخَب تحيط به وتوّجه خطواته.
إن إغفال هذه القواعد يعني مصير أي عهد الفشل.
وليست مبررات "ما خلوه" و "ما خبروه" و"فشّلوه" و"شو خصّو؟" و"ما عندو صلاحيات" الا تمويه لحقيقة واحدة وهي أن العهد فشل فشلاً ذريعاً بفعل الخطايا والآثام المميتة التي ارتكبها.
وأخطر هذه الخطايا التسوية التي أرساها مع فريق الممانعة وقوامها :"الفساد مقابل السلاح".
بموجب هذه التسوية المجرمة غطى الحزب منظومة الفساد والنهب التي انخرط العهد وأركانه بها وبات جزءًا رئيساً منها وشريكاً كاملاً فيها، وليست العقوبات الدولية الصادرة بحق هؤلاء الأركان، الذين امتنعوا عن الطعن بها، الا دليلاً قاطعاً على ذلك.
بالمقابل سلّم العهد قرار السلم والحرب والسياسة الدفاعية للبنان واستراتيجيته الأمنية للحزب الالهي، وغطى ترسانته العسكرية المتعاظمة وتمَدُدَه عبر الحدود من سوريا الى العراق الى البحرين الى اليمين الى تهديد أمن المنطقة بأسرها.
والواقع أن تسوية "الفساد مقابل السلاح" أدت الى إفلاس الدولة وجرت الحصار على لبنان فكانت الكارثة التي نعيشها اليوم.
والمؤسف أن العهد، بتبنيه المعادلة المذكورة، إنما "قامر" وأقدم على رهانات خاسرة مدفوعاً بطمع السلطة ومغانمها.
فقد راهن العهد على التنقيب عن النفط والغاز وبأنه سيحل الأزمة ويوفر المداخيل لتغطية المديونية الناتجة أساساً عن الفساد.
فكانت الصعقة الكبرى بتوقف عملية التنقيب هذه لأسباب مختلفة أهمها الرفض الدولي لسيطرة الحزب الالهي على مصادر الطاقة في لبنان، ما ادى الى سقوط وخيّبة هذا الرهان.
كما راهن العهد على مباحثات فيينا وعلى تسوية اميركية غربية متوقعة مع ايران "تعوّم" الحزب وتعزز مواقعه السلطوية في لبنان، ليقطف العهد ووليّه فتات هذه التسوية، فكانت الخيّبة أن الاتفاق المنتظر لم يتحقق لا بل وصل الى حائط مسدود، فتكبد لبنان واللبنانيون الثمن الباهظ عبر الحصار الدولي الخانق المفروض على الحزب وعلى الدولة ككل.
والأخطر أن طبول الحرب تقرع وأصداء الأخبار عن ضربة وشيكة للبنان تتردد بظل عجز واستسلام كلي لأقزام السياسة عن قراءة المتحولات في المنطقة ومواكبتها وعن إجتراح أي حل أو مخرج أو البحث عن وساطة دولية تقي لبنان مرّ الكأس.
فهل من مرتجى باستفاقة متأخرة جداً تقلب الطاولة وتنبذ الرهانات الخائبة وتبحث جدياً وبإخلاص عن مصلحة هذا الوطن وشعبه؟ أم أن الخنوع للأحلام المستحيلة سيدة القصر؟