في زحمة الترشيحات... هذا الشرط الأساسي للوصول إلى بعبدا

  • شارك هذا الخبر
Friday, September 23, 2022

مع بدء العد العكسي لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية المفترضة قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول، برزت على الساحة زحمة مرشحين تقليديين وغير تقليديين.

في الأول من سبتمبر/أيلول بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من جانب أعضاء مجلس النواب وتنتهي في 31 أكتوبر/تشرين الأول.

وعليه، يتحضر لبنان لإجراء الاستحقاق الدستوري الذي يجب أن يُجرى قبل انتهاء ولاية الرئيس الحاليّ ميشال عون، الذي أمضى 6 سنوات في الحكم منذ العام 2016، كانت حافلة بالأزمات على كافة الصعد.

ضوابط الدستور

ووفق المتبع في لبنان، تدوم فترة ولاية الرئيس 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، علماً أن هذه القاعدة تمّ اختراقها في حالتين، في عهد الرئيسين الأسبقين إلياس الهراوي (1989-1998) والعماد إميل لحّود (1998-2007).

ورغم أن الدستور اللبناني لا يميّز بين المواطنين لتولّي المناصب، إلا أن النظام السياسي المتبّع منذ عقود يقضي بتقاسم السلطات والمناصب العليا وفقاً للانتماءات الدينية والطائفية.

وبناءً على ذلك، يكون رئيس الجمهورية مسيحياً مارونياً، ورئيس البرلمان شيعياً، ورئيس الحكومة سُنياً، ويمتد العرف إلى مناصب أخرى كأن يكون قائد الجيش مارونياً، وقائد الدرك سنّياً ومدير الأمن العام شيعياً، وحاكم مصرف لبنان مارونياً.

بحسب الدستور، يُنتخب الرئيس بالاقتراع السرّي بغالبية ثلثَي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، بينما تكفي الغالبية المطلقة (النصف+1) لانتخابه في دورات الاقتراع التي تلي ذلك.

الدستور لا يلزم الراغبين بخوض معركة الرئاسة بتقديم ترشيحات مسبقة، فأعضاء مجلس النواب الـ128 هم الذين ينتخبون الرئيس، أي يمكن لكل نائب أن ينتخب أي لبناني مارونيّ يختاره، شرط أن لا يكون ما يمنع أو يتعارض مع الشروط الأساسية مثل العمر والسجل العدلي.

زحمة ترشيحات

حتى اللحظة، برزت 5 ترشيحات فردية، لكن يمكن القول إنها لا تلقى أي دعم من الأحزاب السياسية البارزة في البلاد.

رئيس منظمة جوستيسيا القانونية بول مرقص، قال للأناضول، إنه "لا لزوم لأي مرشح أن يعلن ترشحه للرئاسة، وإنما يجب على المنتخَب أن يكون متمتعاً بالشروط التي تؤهله للنيابة (البرلمان) بما فيه شرط الجنسية".

من جهته، قال الصحفي والمحلل السياسي منير الربيع إنه "رغم كثرة المرشحين، إلا أنه وفق الواقع السياسي غالباً ما يكون المرشحون التقليديون (من الوسط السياسي) أقرب من غيرهم لاختيارهم للرئاسة".

ولفت إلى أن "المرشح التقليدي بحاجة إلى صفقة سياسية ما وتسوية"؛ كي يحصل على الأصوات اللازمة لوصوله إلى كرسي الرئاسة.

وأشار إلى أنه "في الوقت الحالي لا أحد من التقليديين قادرٌ على الوصول إلى الرئاسة، لأنه لا خيار إلا بالاتفاق على شخصيةٍ من داخل الدولة كقائد الجيش العماد جوزيف عون، كخيار توافقيّ للقوى السياسية التي يتشكل منها البرلمان".

وتابع: "كما يمكن الاتفاق على شخصية من خارج النادي السياسي لها اهتماماتٌ مالية واقتصادية قادرة على وضع خطة بالتعاون مع القوى الداخلية والخارجية، لتأتي إلى رئاسة الجمهورية".


محددات موعد الجلسة

هذه الأيام، تتجه الأنظار نحو الموعد الذي سيدعو فيه رئيس البرلمان نبيه بري، إلى جلسة انتخاب الرئيس، التي ربطَها في تصريحٍ سابقٍ، بأن "يقرّ المجلس النيابي إصلاحات تمثل شروطاً مسبقة لبرنامج إنقاذ مقدّمٍ من صندوق النقد الدولي".

فيما يربط مصدر سياسيّ الموعد بحصول اتفاقٍ مسبق بين القوى الرئيسية على اسم الرئيس، وهو اتفاق قد يطول انتظاره بالنظر إلى كثرة المرشحين غير الرسميين، وعدم وجود أكثريات (في البرلمان) صريحة متحالفة قادرة على إيصال مرشحها بشكلٍ محسوم.

يعود السبب في ذلك إلى أن الانتخابات النيابية التي جرت في مايو/أيار 2022، أفرزت كتلاً برلمانية عدّة متفرقة، أبرزها:


كتلة "الجمهورية القوية" (19 نائباً وتمثل حزب القوات اللبنانية) و"تكتل لبنان القوي" برئاسة النائب باسيل (17 نائباً)، و"التنمية والتحرير" برئاسة نبيه برّي (15 نائباً) و"الوفاء للمقاومة" (15 نائباً، تمثل حزب الله).

بالإضافة إلى "اللقاء الديمقراطي" (8 نواب، يمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط)، وكتلة التغييريين (13 نائباً)، وحزب "الكتائب اللبنانية" برئاسة سامي الجميّل (4 نواب)، فضلاً عن الكتل الصغيرة التي تضم مستقلين، وأخرى تضمّ معارضين.

غير أن مسألة التوافق المسبق على اسم الرئيس ما زال مستعصياً بالنظر إلى تباعد وجهات النظر المتواصل بين الفرقاء، وبالتالي، يتخوّف متابعون من أن يتعذّر انتخاب الرئيس من الجلسة الأولى، وأن يكون الفراغ الرئاسي هو ما ينتظر لبنان، كما كان الحال قبلها لمدة 29 شهراً نتيجة التجاذبات السياسية.

ويشير محللون إلى أن التوافق على اسم الرئيس لم يكن شرطاً داخلياً فقط، بل يتأثر أيضاً بالمناخات والتوجهات الإقليمية والدولية، وفي مقدمها إيران والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة.


وكالة أنباء الأناضول التركية