خاص- ميقاتي الحاكم بأمره: يتهم الناس بسرقة الدولة ويبدّي السياحة على التشكيل!- بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 18, 2022

خاص- الكلمة أونلاين
بولا أسطيح



بالفم الملآن قالها رئيس حكومة تصريف الأعمال، ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي الذي استمات "الثنائي الشيعي" لتكليفه من جديد:"البقاء على دولار الـ1500 ليرة يعني ان الناس تسرقنا". لم يقلها ميقاتي في مكتبه لوزير المال، لم يكن يشتكي لفريق عمله، هو قالها من على منبر المجلس النيابي خلال نقل تلفزيوني مباشر اي انه مؤمن ومقتنع تماما بما يقول بأن الناس سرقت وتسرق الدولة. ميقاتي الذي تصدر وشقيقه قبل أيام قائمة فوربس لـ"أغنى العرب في العالم 2022" لا يعرف على الأرجح أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين تتقاضى رواتبها بالليرة اللبنانية اي ان قيمة هذه الرواتب أصبحت لا تساوي الحد الأدنى للأجور في أفقر دول العالم الثالث. رئيس السلطة التنفيذية في البلاد منذ تموز 2021 على الأغلب لا يعي ان راتب الجندي في الجيش اللبناني والذي كان يساوي بالأمس 800 دولار أميركي لم يعد يساوي اليوم أكثر من 33 دولارا. ميقاتي نفسه نسي او غاب عن باله ان الدولة والمصارف هي من سرقت ودائع اللبنانيين وجنى عمرهم وأنهم هم من تحولوا منذ 3 سنوات لشحاذين لأموالهم على أبواب البنوك. اللبنانيون الذين يتهمهم ميقاتي بسرقة الدولة يموتون بمنازلهم بالأمراض المستعصية وكل أنواع الامراض الاخرى لانهم غير قادرين على تكبد مصاريف المستشفى ولعدم توافر الدواء...من دون ان يرف له جفن وقف رئيس الحكومة بقامته الطويلة ليواجه اللبنانيين عبر الكاميرات لاتهامهم بالسرقة ولدعوة النواب للتصدي لهذه السرقة باقرار الموازنة والسعي لرفع سعر الدولار الجمركي وانطلاقا منه السعر الصرف الرسمي.

ويا ليت رئيس الحكومة العزيز اكتفى بذلك، بل واصل باستفزاز الناس قائلا:" "الست باولا (النائبة بولا يعقوبيان) قالتلي انو الأشرفية الها جمعة بلا كهرباء وانا بقلّك يا ست باولا انو مدينتي طرابلس صرلها شهر بلا مي وبلا كهرباء"..فبات رئيس السلطة التنفيذية يشتكي كما اي نائب في البرلمان لا بل كأي مواطن من انقطاع الكهرباء...حقيقة ابداع حكامنا لا يقتصر عند الخطابات والمواقف التي تجعل منهم جميعا قوى معارضة، لا بل وصل بهم لحد تصوير أنفسهم جزءا من الناس يشكون حكامهم!

حكومة ميقاتي التي أعدت موازنة أقل ما يقال عنها انها ترقيعية، لا تزال تتخبط بوضع خطة تعاف كان يتوجب دراستها واقرارها قبل الموازنة كي تكون هذه الاخيرة آلية تطبيقية للخطة. لكن وكما هو متعارف عليه لا شيء منطقي في آداء الطبقة الحاكمة منذ التسعينات وحتى اليوم. هي حولت النصوص الدستورية لنصوص غب الطلب تفسرها كما ترتأي وبما يخدم مصالحها، فباتت تقر الموازنات، هذا ان فعلت، بنهاية العام المالي وليس في بدايته، وتبدع في صف أرقام أغلبها لا ينسجم مع واقع الأمور ومع ما هو موجود على أرض الواقع.

كل ما سبق كوم، وما سيأتي كوم آخر. فميقاتي المفترض أن يكون منكبا على تشكيل حكومة جديدة منذ حزيران الماضي، أنهى "صيفيته" من دون انجاز مهمته، وها هو وبعد انفراط عقد جلسة مجلس النواب للتصويت على الموازنة، وبدل ان يتفق ما رئيس المجلس على عقد جلسات متتالية لادخال تعديلات الى مشروع الموازنة ما يسمح بتمريره بأسرع وقت ممكن، يحزم حقائبه للمشاركة بجنازة ملكة بريطانيا الراحلة اليزابيت الثانية. فرئيس حكومتنا حريص جدا على آداء واجب التعزية..كل شيء في البلاد يمكن ان ينتظر حتى اتمام هذا الواجب..الموازنة تنتظر، الخطة المالية تنتظر، تشكيل الحكومة ينتظر..فما انتظرناه لشهور يعتقد ميقاتي انه يمكن انتظاره ايام اضافية أو اسابيع. فمن بريطانيا يطير ميقاتي الى نيويورك لالقاء كلمة لبنان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بعد أن وكله رئيس الجمهورية بالمهمة. بحسب مصادر قريبة من العماد ميشال عون، هو قرر عدم التوجه الى الولايات المتحدة الاميركية منعا لتكبد الخزينة مزيدا من المصاريف والأعباء باعتبار ان الوفد المفترض ان يرافقه لا يقل عدده عن 12 شخصا ما يحتم تخصيص مبلغا كبيرا للطائرة التي ستقله والاقامة في الفندق وللمصاريف الأخرى.

وتشير المصادر الى ان عون كان يعول على القاء كلمة لبنان عبر تقنية الفيديو المباشر، لكنه أبلغ بأن لا ترتيبات لالقاء الكلمات عبر هذه التقنية هذا العام وانها ستكون محصورة بالرئيس الاوكراني نتيجة الأوضاع التي ترزح تحتها بلاده.

أما الكلمة التي سيلقيها ميقاتي في الامم المتحدة، فبحث بحسب المعلومات خطوطها العريضة مع عون خلال لقائهما الاخير في بعبدا، وتتم حاليا عملية صياغتها بخطوط مفتوحة ما بين رئاستي الجمهورية والحكومة ووزارة الخارجية، على ان يتم التوافق على مضمونها قبل وصول ميقاتي الى نيويورك. وكما هو متوقع فان الحيز الأكبر من الكلمة سيكون لملف النازحين السوريين وتلكؤ المجتمع الدولي في معالجته، وهو سينسجم مع الرسالة التي كان قد بعث بها ميقاتي الى الامم المتحدة.

اذا كل شيء معلق ومجمد حتى عودة ميقاتي من جولته الأقرب لتكون الى "سياحية" في مرحلة كالتي يمر بها البلد. وحده سعر صرف الدولار يواصل ارتفاعه الجنوني من دون سقف ومعه تتعاظم المخاوف من فوضى أمنية تطيح بكل ما تبقى من الكيان اللبناني المتداعي.


خاص- ميقاتي الحاكم بأمره: يتهم الناس بسرقة الدولة ويبدّي السياحة على التشكيل!- بولا أسطيح