خاص- خارطـة الطريـق في حالـة شغـور رئاسـة الجمهوريـة- بقلم المحامي الدكتور نقولا فتوش

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, September 14, 2022

خارطـة طريـق الاستحقاقـات الدستورية لاستمراريـة العمـل الحكومـي
وإعـادة إنتخـاب رئيـس للبـلاد في حالـة شغـور رئاسـة الجمهوريـة

كتب المحامي الدكتور نقولا فتوش


سئـل كونفوشيـوس : إذا أصبحـت رئيسـاً للبـلاد، مـا هـو أول عمـل تقـوم بـه ؟

أجـاب : أقـوم بتحديـد الكلمـات.

فالدستـور حـدد الكلمـات بخلـو سـدة الرئاسـة، والشغـور الرئاسـي ولـم يتكلـم عـن فـراغ وحـدد السلطـة التـي تنتقـل إليهـا صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة وهي السلطـة الإجرائيـة.

يقـول الدكتـور زهيـر شكـر أستـاذ القانـون الدستـوري في الجامعـة اللبنانيـة في مؤلفـه الوسيـط في القانـون الدستـوري اللبنانـي – طبعـة 2001 صفحـة 700 مـا حرفيتـه:
"والثنائيـة التنفيذيـة الفعليـة والمتساويـة بيـن رئيـس الجمهوريـة ورئيـس الحكومـة لـم تعـد موجـودة في النظـم البرلمانيـة، باعتبـار أن الحكومـة هي التـي تتحمـل بشخـص رئيسهـا المسؤوليـة السياسيـة أمـام البرلمـان، وهي في الوقـت نفسـه الممثلـة للأكثريـة البرلمانيـة، ولذلـك فإن رئيـس الحكومـة وليـس رئيـس الجمهوريـة هـو الـذي يمـارس السلطـة الإجرائيـة بالتعـاون مع الـوزارة. وهـذا الواقـع الدستـوري يسمـى في نظـم البرلمانيـة الثنائيـة التنفيذيـة اللامتساويـة لصالـح رئيـس الحكومـة.

فالسطـة الإجرائيـة انتقلـت إلى مجلـس الـوزراء الـذي أصبـح مؤسسـة دستوريـة تؤمـن مشاركـة كـل التيـارات والطوائـف في السلطـة التنفيذيـة.

في إستشـارة للفقيـه الدستـوري البروفسـور جـورج فيـدل تاريـخ 31 تشريـن الأول 1989 الى دولـة الرئيـس حسيـن الحسينـي يقـول مـا حرفيتـه:

"وبالفعـل، فـإن تفسيـر الأحكـام والنصـوص التـي تتمتـع بقيمـة دستوريـة، يخضـع لقواعـد خاصـة، تختلـف عن تفسيـر الأحكـام والنصـوص التـي ترعـى فـروع القانـون الأخـرى.



"وإحـدى أسبـاب هـذا الإختـلاف تعـود الى أن غايـة القواعـد الدستوريـة والتـي هـي تنظيـم وتسييـر السلطـات العامـة، لا تختـص بالحقـوق الذاتيـة، ولكـن بالصلاحيـات الموضوعيـة، ففـي حيـن أن ممارسـة الحـق الذاتـي هـو حـرّ وهدفـه يحـدد، بصـورة إستنسابيـة، من قبـل من يتـولاه، بشـرط واحـد، أن لا يكـون هـذا الهـدف منافيـاً للأخـلاق أو غيـر شرعـي، فـإن ممارسـة أيـة صلاحيـة، من قبـل صاحبهـا، ترتبـط بملاحقتـه هدفـاً قـد حُـدد، تقريبـاً بصـورة صريحـة من قبـل القاعـدة التـي أولـت تلـك الصلاحيـة.
"وسبـب آخـر لهـذه الخاصـة التـي يتميّـز بهـا تفسيـر القانـون الدستـوري، بصـورة عامـة، أن النصـوص تكتـب عـادة، لكـي ترعـى إفتراضـات محتملـة الوقـوع، أمـا لمواجهـة ظـروف عاديـة وأمـا لمواجهـة أزمـات من نـوع معيّـن. وعندمـا تخـرج الواقعـة التاريخيـة عـن هـذا الإطـار، فـإن التفسيـر يجـب أن يأخـذ بعيـن الإعتبـار هـذه الظـروف. فالدساتيـر تحـدد بنيانـاً معينـاً، أي مجموعـة من القواعـد المرتبطـة بعضهـا بالبعـض الآخـر. وليـس بالمستطـاع التفكيـر بتفسيـر بعـض النصـوص بمعـزل عن النصـوص الدستوريـة الأخـرى التـي تكشـف عن جوهـر وغايـة المؤسسـات الدستوريـة.

"وإذا كنّـا مخلصيـن لمبـادىء التفسيـر هـذه، نستخلـص أن الطـرح الـذي يقـوم على فكـرة أن مجلـس الـوزراء الموكـل بممارسـة الوظيفـة الرئاسيـة، يمكنـه أن يحـلّ مجلـس النـواب، يصطـدم باعتراضيـن أساسييـن كـلا منهمـا، لوحده، يعتبـر حاسمـاً.

"5- الإعتـراض الأول يقـوم على مبـدأ ان صلاحيـات السلطـة الوكيلـة هـي نفـس صلاحيـات السلطـة التـي استوجـب شغورهـا تحريـك مسألـة الوكالـة.
"صحيـح أنـه في القانـون الفرنسـي، إعتبـر القضـاء الإداري أن الوكيـل لا يقتصـر عملـه فقـط على تصريـف الأعمـال بانتظـار إنتهـاء حالـة الشغـور، إنمـا يتمتّـع بسلطـة القـرار في شـؤون أخـرى.

"ولكـن يقتضـي ربـط هـذا التأكيـد بتأكيـد آخـر، لا يقـل ثباتـاً عن الأول، في الفقـه الفرنسـي، وهـو أن الوكالـة، هـي بطبيعتهـا حـلاً مؤقتـاً، هدفهـا الأساسـي والوحيـد هـو السمـاح بممارسـة صلاحيـات السلطـة التـي شغـرت، لحيـن إنتهـاء هـذا الشغـور. إلا أنـه ليـس للوكيـل السلطـة بـأن يحـدد بنفسـه بـدء تاريـخ ممارستـه لهـذه الوظيفـة، ولا تحـديد مـدّة ممارستـه لوظائفـه.

"فيمـا يعـود الى تاريـخ بـدء ممارسـة الوظيفـة الرئاسيـة، فـإن هـذا التاريـخ يحـدد في وقـت حصـول الشغـور وعنـد تعييـن الوكيـل. وفي الحالـة التـي تشغلنـا، فـإن تاريـخ ممارسـة مجلـس الـوزراء مهمتـه بصفتـه وكيـلاً للسلطـة الإجرائيـة هـو حاصـل في اللحظـة التـي انتهـت فيهـا ولايـة رئيـس الجمهوريـة، بفعـل عـدم إنتخـاب خلـف لـه. وتنتهـي الوكالـة في اللحظـة التـي يتوقـف فيهـا شغـور منصـب رئاسـة الجمهوريـة، أي في اللحظـة التـي يحلـف فيهـا رئيـس الجمهوريـة المنتخـب، أمـام مجلـس النـواب، يميـن الإخـلاص للأمـة اللبنانيـة وللدستـور، والمشـار إليـه في المـادة 50 منـه.

"وكمـا أن السلطـة الوكيلـة لا تستطيـع أن تتدخـل من أجـل تحديـد الوقـت الـذي تبـدأ فيـه الوكالـة، فإنهـا أيضـاً لا تستطيـع أن تتدخـل من أجـل تحديـد الوقـت الـذي تنتهـي فيـه هـذه الوكالـة، وبمعنـى آخـر، أن هـذه السلطـة ليـس لهـا صلاحيـة تخولهـا تحديـد شـروط ممارستهـا صلاحياتهـا الذاتيـة. وهـذا مـا يسهـل فهمـه لأن هنـاك أساسيـن لهـذه القاعـدة:

"الأسـاس الأول قائـم على كـون تحديـد صلاحيـات السلطـات العامـة (وهـو مـا يعبـر عنـه في الفقـه الألمانـي بكلمـة كومبتنـز COMPETENZ) يعـود لإختصـاص الهيئـة التأسيسيـة وحدهـا، وهـي النتيجـة المباشـرة لمبـدأ سمـو الدستـور.

"والأسـاس الثانـي والأكثـر يقينـاً، هـو أن رئيـس الجمهوريـة، والـذي يمـارس مجلـس الـوزراء صلاحياتـه، وكالـة، ليـس لـه تعييـن مـدّة وكالتـه، التـي تنتهـي تلقائيـاً عنـد انتخـاب وحلـف اليميـن من رئيـس الجمهوريـة الجديـد. وبالتالـي، وعلى فـرض أن السلطـة الوكيلـة تمـارس بصـورة كاملـة الصلاحيـات المناطـة برئيـس الجمهوريـة، فهنـاك صلاحيـة واحـدة تستعصـي عليـه لأنهـا غريبـة عن صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة، وهـي تلـك المتعلّقـة بتحديـد مـدّة الوكالـة.

"وكمـا رأينـا، وكمـا سنبرهـن فيمـا بعـد، فـإن حـلّ مجلـس النـواب سيكـون من مفاعيلـه بالضـرورة تأخيـر إنتخـاب رئيـس الجمهوريـة، ومن ثـمّ تحـديـد مـدّة الوكالـة.

"6- ولكـن ألا يواجـه هـذا المنطـق إعتراضـاً مـا؟

"ألا يمكـن أن يؤثـر فيـه منطـق آخـر، على سبيـل القيـاس؟ المشتـرع لـه إمكانيـة تحديـد وكالـة المجلـس الى مـا بعـد التاريـخ المحـدد لانتهـاء وكالتـه الطبيعيـة. ألا يثبـت ذلـك أن لكـل سلطـة الحـق في أن تحـدد سلطاتهـا الخاصـة؟
"يمكننـا الإستنتـاج فـوراً أن مثـل هـذا الإعتـراض لا يستقيـم. وبالفعـل، فـإن الدستـور لا يعيـن مـدّة وكالـة مجلـس النـواب ويتـرك أمـر ذلـك للقانـون العـادي. والمجلـس إذن هـو صاحـب الإختصـاص في تحديـد سلطاتـه الذاتيـة عنـد الضـرورة. فهـو ليـس بأيـة حـال من الأحـوال، سلطـة وكيلـة لأن لـه الإختصـاص لتجنّـب أي فـراغ من شأنـه أن يفتـح مجـالاً لأي وكالـة. أمـا مسألـة وكالـة رئيـس الجمهوريـة فهـي مختلفـة كـل الإختـلاف، لأنـه ليـس بوسـع رئيـس الجمهوريـة، حسـب الدستـور، أن يؤجـل بنفسـه موعـد إفتتـاح الوكالـة، أو، بحجـة أولـى، أن يؤجـل إنتهائهـا.

"وفي مطالعـة للعلامـة رئيـس مجلـس شـورى الدولـة الدكتـور جـوزف شـاوول تاريـخ 30/10/1989 يـورد مـا حرفيتـه:

"أولاً : لا بـد من توضيـح بـادئ ذي بـدء ثـلاث نقـاط قانونيـة:

"1- من المتفـق عليـه علمـاً واجتهـاداً أنـه لا يمكـن أن ينظـر بصـورة منفصلـة إلى القانـون الدستـوري والقانـون الإداري. إن مبـادئ القانونيـن متلازمـة ومتفاعلـة مع بعضهـا البعـض.

« L. Favoreu: Les règlements autonomes n'existent pas R.F.D.A. 1987 «N° 6 p. 871 et s.
« p. 874: Tout d'abord … il est de plus en plus difficile d'envisager «séparement Droit Constitutionnel et Droit Administratif …

"2- وفـق أحكـام المـادة 62 من الدستـور أنـه "في حـال خلـو سـدة الرئاسـة لأيـة علّـة كانـت تنـاط السلطـة الإجرائيـة وكالـة بمجلـس الـوزراء".

"يقتضـي، وفـق روح الدستـور ورأي علمـاء القانـون الدستـوري، إجـراء الإنتخابـات الرئاسيـة في سرعـة لأن مجلـس الـوزراء ليـس مدعـواً لممارسـة السلطـة الإجرائيـة بشكـل مستمـر، بـل الى ممارستهـا فتـرة قصيـرة من الزمـن لأنهـا مناطـة بـه وكالـة".

« Esmein et Nézard: Eléments de Droit Constitutionnel 8ème édition, «Tome II, p. 53.
« … Il ne parait pas, que, le Conseil des ministres soit appelé à «exercer d’une façon durable le pouvoir exécutif: il n'est appelé qu'à «un court intérim.

"3- ولئـن يكـن الوكيـل يمـارس كافـة صلاحيـات الأصيـل غيـر أن الوكالـة، بحـد ذاتهـا وفـق طبيعتهـا القانونيـة، لا يمكـن إلا أن تكـون ألا مؤقتـة ولفتـرة زمنيـة قصيـرة.

« Odent - Contentieux Administratif- Edition 1980 - 1981
« p. 1813 ... L'intérim ne peut être que provisoire. Il n'est possible que «pour une période relativement brève.
« - 2 février 1938 Bienvenue p. 115
« - 6 février 1970 Association des Adm. Civiles du Ministère du Travail «et de la Caisse de Sécurité Sociale des anciens élèves de l'F.N.A. p. 89 «- AJ 1970 p. 506 note V.S.

« En général... il (l'intérimaire) possède l'intégralité des pouvoirs «attachés à la fonction dont il assure l'intérim.
« - Ass. 26 oct. 1945 Mattéi Sirey 1946 - 3 – 1 Concl. Odent - Ass.
« - 6 janvier 1950 Husson p. 6- 29 Janvier 1965 Mollaret p. 61...

"إن مهمـة تلـك الحكومـة تنحصـر بتصريـف الأعمـال الإداريـة العاديـة خـلال الفتـرة الزمنيـة القصيـرة، فـلا يمكنهـا تأجيـل إنعقـاد المجلـس وفـق أحكـام المـادة 59 المعدّلـة من الدستـور ولا يحـق لهـا حـل المجلـس النيابـي بالتالـي تطبيقـاً للمـادة 55 من الدستـور المذكـور.

« Duguit : Traité de Droit Constitutionnel, Tome IV.
« p. 566 : Le Conseil des ministres investi momentanément du pouvoir «exécutif ne pourrait ni clôturer ni ajourner les Chambres, ni a fortiori «dissoudre la Chambre des députés.

بعـد هـذه المقدمـة نعـود إلى النصـوص الدستوريـة التـي ترعـى حالـة شغـور الرئاسـة وإنتقـال الصلاحيـات إلى الحكومـة سـواء كانـت قائمـة أو مستقيلـة

المـادة 17 القديمـة:

"تنـاط السلطـة الاجرائيـة برئيـس الجمهوريـة وهـو يتولاهــا بمعاونـة الـوزراء وفاقـاً "لأحكـام هـذا الدستـور·

المـادة 17 (المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990)
"تنـاط السلطـة الاجرائيـة بمجلـس الـوزراء· وهـو يتولاهـا وفقـاً لأحكـام هـذا الدستـور.

إن المـادة 17 بمـا تضمنتـه من مبـدأ وكأنهـا المدخـل الضروري لجميـع التعديـلات اللاحقـة. فبينمـا كانـت المـادة 17 القديمـة تنـص علـى " تنـاط السلطـة الاجرائيـة برئيـس الجمهوريـة"، أنيطـت هـذه السلطـة بعـد التعديـل بمجلـس الـوزراء. وإذا شئنـا مقارنـة هـذه التعديـلات بمـا جـرى من تعديـلات سنـة 1927، أمكننـا القـول أن تعديـلات 1927 كانـت تسعـى إلى إعطـاء رئيـس الجمهوريـة صلاحيـات إضافيـة، وخصوصـاً بموجـب المـادة 58 من الدستـور. أمـا التعديـلات الأخيـرة فإنهـا نزعـت هـذه الصلاحيـات من رئيـس الجمهوريـة وحصرتهـا وكالـة بمجلـس الـوزراء.

المـــادة 49
(المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927
وبالقانون الدستوري الصادر في 8/5/1929
وبالقانون الدستوري الصادر في 21/1/1947
وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990)

"رئيـس الجمهوريـة هـو رئيـس الدولـة ورمـز وحـدة الوطـن. يسهـر علـى احتـرام الدستـور والمحافظـة علـى استقـلال لبنـان ووحدتـه وسلامـة أراضيـه وفقـاً لأحكـام الدستـور· يرئـس المجلـس الأعلـى للدفـاع، وهـو القائـد الأعلـى للقـوات المسلحـة التـي تخضـع لسلطـة مجلـس الـوزراء·

"ينتخـب رئيـس الجمهوريـة بالاقتـراع السـري بغالبيـة الثلثيـن من مجلـس النـواب في الـدورة الأولـى، ويكتفـي بالغالبيـة المطلقـة في دورات الاقتـراع التـي تلـي. وتـدوم رئاستـه سـت سنـوات ولا تجـوز إعـادة انتخابـه إلا بعـد سـت سنـوات لانتهـاء ولايتـه· ولا يجـوز انتخـاب أحـد لرئاسـة الجمهوريـة مـا لـم يكـن حائـزاً علـى الشـروط التـي تؤهلـه للنيابـة وغيـر المانعـة لأهليـة الترشيـح·

طـرح موضـوع حـال عـدم إنعقـاد جلسـة لإنتخـاب رئيـس الجمهوريـة علـى الدكتـور ادمـون ربـاط فأجـاب بمـا يلـي:

"سيـدي الرئيـس،

"تفضلتـم في كتابكـم المـؤرخ في 28/11/1987، بطـرح علـيّ السـؤال عمـا قـد يحصـل في حـال عـدم إنعقـاد جلسـة لإنتخـاب رئيـس للجمهوريـة في الموعـد المقـرر دستوريـاً ...

"والجديـر بالتذكيـر أن هـذا الإحتمـال كـان قـد قـد أثـاره الرئيس شـارل حلـو، إثـر إجتماعـه بالرئيـس الراحـل اليـاس سركيـس، الـذي كـان وقتئذٍ متوليـاً رئاسـة الجمهوريـة، وذلـك في أوائـل شهـر شبـاط 1982، إذ صـرح عندئـذ بأن في تلـك الحالـة يستمـر رئيـس الجمهوريـة قائمـاً بصلاحيتـه الرئاسيـة، وذلـك عمـلاً بمبـدأ إستمراريـة الدولـة وإستمراريـة مؤسساتهـا وإدارتهـا ومنهـا رئاسـة الجمهوريـة.

"وبالرغـم من الضجـة التـي أيقظهـا هـذا الـرأي، لا يبـدو أنـه قـد صـدر في حينـه أيـة دراسـة أو إستشـارة حـول هـذا الموضـوع الخطيـر.

"أمـا الـرأي الـذي تـودون منـي إبدائـه، فإنمـا يتطلـب البحـث حولـه من جهتيـن، أولاً لجهـة الأًصـول التاريخيـة للمادتيـن 62 و 74 من الدستـور، اللتيـن تلحظـان هـذه الحالـة؛ وثانيـاً لجهـة تطبيقهمـا في الحالـة المشـار إليهـا في سؤالكـم.


نصـت المـادة السابعـة من الدستـور الفرنسـي الصـادر في 25 شبـاط 1875 علـى مـا يلـي:

«En cas de vacance par décès ou pour toute autre cause, les deux Chambres réunies procèdent immédiatement à l'élection du nouveau président. Dans l'intervalle, le Conseil des ministres est investi du pouvoir exécutif ».

كمـا أن المـادة 3 من القانـون الدستـوري الفرنسـي الصـادر في 16 تمـوز 1975 قـد نصّـت في فقرتيهـا الأخيرتيـن على مـا يلـي:

"En cas de décès ou de démission du président de la République, les deux Chambres se réunissent immédiatement et de plein droit. - Dans le cas où, par application de l'article 5 de la loi du 25 février 1875, la Chambre des députés se trouverait dissoute au moment où la présidence de la République deviendrait vacante, les collèges électoraux seraient aussitôt convoqués et le Sénat se réunirait de plein droit".

فمن هذيـن النصيـن يتبيّـن أن الأول قـد تنـاول حالـة شغـور رئاسـة الجمهوريـة "بسبـب الوفـاة أو لأي سبـب آخـر"، في حيـن أن الثانـي قـد رعـى ثانيـة حالـة الوفـاة وكذلـك حالـة الإستقالـة.

هـذا وأن فقهـاء القانـون الدستـوري في فرنسـا وفي عهـد الجمهوريـة الثالثـة كانـوا مجمعيـن على الإعتبـار بـأن النصيـن المشـار إليهمـا إنمـا ينطبقـان في جميـع حـالات شغـور رئاسـة الجمهوريـة، ومنهـم على الأخـص:

Eugène Pierre, traité de Droit Politique..., n◦ 336, p. 358 et s.; A. Esmein, Eléments de Droit Constitutionnel français et comparé, 7e éd., 1921, t. II, p. 51.
3- وهـذان النصـان الفرنسيـان فقـد سبكهمـا واضـع الدستـور اللبنانـي – الفرنسـي بـول سوشيـه – في المـادة 74، كمـا يتضـح من نصهـا الفرنسـي الأصلـي – قبـل أن يأتـي القانـون الدستـوري الصـادر في 17 تشريـن الأول 1927 والقاضـي بإلغـاء مجلـس الشيـوخ لضمـه الى مجلـس النـواب – وهـو التالـي:

"En cas de vacance de la présidence par décès, démission ou pour toute autre cause, les deux Assemblées se réunissent immédiatement et de plein droit pour élire un nouveau président. Si, au moment où se produit la vacance, la Chambre se trouve dissoute, les collèges électoraux sont convoqués sans retard et, aussitôt les élections faites, les Chambres se réunissent de plein droit".

فالفـارق بيـن النصيـن الفرنسييـن المذكوريـن وبيـن النـص اللبنانـي الحالـي تولـد إذن من جـراء إلغـاء مجلـس الشيـوخ، عـام 1927، واعتمـاد حينـذاك نظـام المجلـس الواحـد.

في ضـوء المقارنـة بيـن النصيـن الفرنسييـن المذكوريـن من نحـو وبيـن المادتيـن 62 و 74 من الدستـور اللبنانـي من نحـو آخـر ينبغـي رسـم حـدود المجـال الـذي تنطبـق فيـه المادتـان اللبنانيتـان.

وهنـا نعـود إلى النـص الفرنسـي الأصلـي للمـادة 74، وكذلـك للمـادة 62 من حيـث محتواهـا فقـط، لأن نصهـا، كمـا تقدمـت الملاحظـة، لـم يـرد في القوانيـن الدستوريـة الفرنسيـة.

ففي المـادة 62 نجـد كلمـات " pour quelque raison que ce soit "
المترجمـة : "لأيـة علـة كانـت "

وفي المـادة 74 نجـد كلمـات " ou pour toute autre cause"

ولا حاجـة إلى إجهـاد الفكـر لكـي يأتـي تطبيـق هذيـن النصيـن، وهمـا بمعنـى واحـد، شامـلاً جميـع الحـالات وبـدون إستثنـاء، وذلـك بمقتضـى القاعـدة الشرعيـة، المنطقيـة الشهيـرة القائلـة بـأن :

"المطلـق يجـري على إطلاقـه مـا لـم يقـم دليـل التقيّـد نصـاً أو دلالـة"
(المـادة 64 من مجلـة الأحكـام العدليـة).

وهـذه القاعـدة قـد اعتنقهـا القانـون الرومانـي قبـل الفقـه الإسلامـي، وكـان التعبيـر عنهـا في عـدد من المبـادىء الدارجـة، ومنهـا النصـان الآتيـان:

- Lex est commune praeceptum,

أي أن القانـون إنمـا يؤلـف قاعـدة عامة شاملـة.
- Lex non distinguit,

أي أن القانـون لا يميّـز.

الأمـر الـذي يعنـي بالنتيجـة. تطبيقـاً لنـص كـل من المادتيـن 62 و 74، إذا أحببنـا التقيّـد بالنـص والمنطـق، بـأن مهمـا كـان السبـب لخلـو رئاسـة الجمهوريـة، فـإن صلاحيـة ممارسـة السلطـة التنفيذيـة إنمـا تعـود الى مجلـس الـوزراء، فيتولاهـا الى حيـن إنتخـاب رئيـس جديـد للجمهوريـة.

4- هـذا وقـد بـرزت في أوسـاط بعـض النـواب نظريـة أوردهـا الأستـاذ أميـل خـوري، في عـدد "النهـار" الصـادر في 17 تشريـن الثانـي 1987، تلخيصهـا كمـا يلـي:

"هنـاك المـادة 62 في الدستـور تنـص على الآتـي... وخلـو سـدّة الرئاسـة "لأيـة علّـة كانـت" "تفسـره مـادة أخـرى في الدستـور هـي المـادة 74 التـي يستفـاد منهـا أن خلـو سـدّة الرئاسـة، إنمـا يشتـرط أن يحصـل في أثنـاء ولايـة رئيـس الجمهوريـة لا عنـد إنتهائهـا. فالوكالـة المعطـاة لمجلـس الـوزراء تنحصـر ضمـن نطـاق ولايـة الرئيـس، أي عندمـا تنتهـي هـذه الولايـة قبـل موعدهـا الدستـوري ولأسبـاب تتعلّـق بشخـص الرئيـس....

إن في هـذا الـرأي دليـل على حـدّة التحليـل لـدى صاحبـه، وعلى الرغـم من البراعـة التـي يتحلّـى بهـا في تميّـزه بيـن خلـو الرئاسـة خـلال الولاية وقبـل إنقضائهـا، وبيـن خلـو الرئاسـة لتعـذّر إنتخـاب خلـف للرئيـس السابـق، فـإن هـذا الـرأي لا يلـوح في موقعـه القانونـي والمنطقـي، للأسبـاب التاليـة:

أولا": من الراهـن أن في المادتيـن 62 و 74 قـد ورد شغـور الرئاسـة (أو خلوهـا) معـزوة "لأيـة علّـة كانـت"، "أو سبـب آخـر" – وذلـك بالفرنسيـة بعبارتيـن أشـدّ جزمـاً – الأمـر الـذي يجعـل نفـاذ هاتيـن المادتيـن جاريـاً بشكـل مطلـق وشامـل. وإذ أن "المطلـق يجـرى على إطلاقـه" فـلا يجـوز منطقـاً إهمـال هـذا الإطـلاق، مـا دام أن لا في المـادة 62 ولا في المـادة 74 ولا في سائـر أحكـام الدستـور، قـد وردت أيـة إشـارة الى قيـام "دليـل التقيّـد نصـاً أو دلالـة" (المـادة 64 من المجلـة).

ثانيـاً: وثمّـة قاعـدة قانونيـة لا تقـل شأنـاً عن الأولـى، وهـي التـي تقضـي بـأن تنتهـي مهمـة أي موظـف كـان بانتهـاء ولايتـه المحـددة في القانـون أو الدستـور، وذلـك لأن "خلـو الوظيفـة" (vacance d’emploi) يعنـي:

" ... La situation d'un emploi permanent qui n’a plus de titulaire, par suite de décès, mise à la retraite, mutation, démission ou révocation ... "
- Henri Capitant, Vocabulaire juridique, 1932, Ve, Vacance d'emploi, p.
490.
علمـاً بـأن هـذه القاعـدة لا تتعـارض ونظريـة إستمراريـة الدولـة وإدارتهـا العامـة، التـي كـان الرئيـس شـارل حلـو قـد دفعهـا الى الواجهـة، عـام 1982، كمـا تقدّمـت أعـلاه الإشـارة الى حديثـه بالأمـر، وذلـك لسبـب بديهـي، ألا وهـو أن الدستـور قـد احتـاط لهـذا الفـراغ في مادتيـه 62 و 74، وفي هـذه الحالـة يكـون من التجـاوز في فهـم النصـوص وتفسيرهـا، إهمـال وجودهـا وعـدم الإلتفـات الى إطلاقيتهـا، لكـي يحـل محلهـا رأي لا يمـت بأيـة صلـة الى أحكـام مكتوبـة، جازمـة، ولا يستوحـي من أي أثـر ممـا قـد يكـون الفقـه أو الإجتهـاد قـد توصّـل إليـه.

ثالثـاً: أمـا التـردد في تطبيـق المادتيـن 62 و 74، بحجـة أن الحكومـة التـي قـد تعـود إليهـا ممارسـة الصلاحيـة المحـددة في هذيـن النصيـن، هـي مستقيلـة، كمـا أشـار الى ذلـك كاتـب المقـال المذكـور في "النهـار"، فـلا يبـدو أنـه متوافـق مع المفهـوم الخـاص "بتصريـف الأعمـال الجاريـة" (expédition des affaires courantes)، هـذه الصلاحيـة التـي أجمـع الفقـه والإجتهـاد على إناطتهـا بالـوزارة المستقيلـة.

فمن المتفـق عليـه في القانـون الدستـوري أنـه من المستحيـل عمليـاً رسـم الحـدود التـي تجـري هـذه الممارسـة في مواقعهـا:

Cf. par exemple, Fernand Bouyssou, L'introuvable notion d'affaires courantes, dans la Revue française de Science politique, Année 1970, n◦4, p. 645 et s.

وذلـك لأن هـذه الصلاحيـة تتصـف، جوهريـاً، بالنسبيـة، باعتبـار أنـه يقتضـي على الحكومـة المستقيلـة أن تبـادر، وجوبـاً، الى اتخـاذ جميـع الإجـراءات التـي تتطلبهـا الحالـة القائمـة، مهمـا كـان لهـذه الإجـراءات من ذيـول ونتائـج، وذلـك بشـرط واحـد، وهـو أن تكـون مضطـرة، حفظـاً للمصلحـة العامـة، أن تقـدم على هـذا العمـل الـذي لا بـدّ من إجـرائـه، وهـي القاعـدة السياسيـة المعروفـة لـدى الرومـان، بقولهـم: Salus populi suprema lex esto، أي أنـه يقتضـي أن تكـون سلامـة الشعـب القانـون الأسمـى.

وفي دراسـة للأستـاذ بشـارة منسـى تاريـخ 24/11/1987 المستشـار القانونـي لمجلـس النـواب منشـورة في كتابـه "الدستـور اللبنانـي" صفحـة 219 و220 و221 ورد مـا حرفيتـه:
"في الإجتهـاد
"إن المـادة 62 جـاءت عامـة وغيـر مقيـدة بشـروط إذ نصـت مـا حرفيتـه:
"في حـال خلـو سـدة الرئاسـة لأيـة علّـة كانـت"
"... ويبـو جليـاً أن الخلـو هنـا غيـر مشـروط ومن جرائـه "تنـاط السلطـة الإجرائيـة "وبـدون تأخيـر وكالـة بمجلـس الـوزراء،


إن المـادة 62 في شقيهـا المتعلقيـن أولهمـا بخلـو سـدة الرئاسـة وثانيهمـا بإناطـة السلطـة الإجرائيـة بمجلـس الـوزراء لا تخضـع في الحالتيـن المذكورتيـن أعـلاه، أي الخلـو والإناطـة، لا للإستنسـاب ولا للواقـع الظرفـي فيكفـي الخلـو ليصـار الـى الإناطـة تلقائيـاً. هـذا في النـص العربـي الـذي يعتبـره بعضهـم ترجمـة عـن النـص الفرنسـي، أمـا النـص الفرنسـي فهـو أكثـر صراحـة إذ يقـول:

Article 62. En cas de vacance de la présidence de la République, pour quelque raison que ce soit, le pouvoir exécutif est exercé, à titre intérimaire par le Conseil des Ministres.

وترجمـة كلمـة raison بالفرنسيـة ليـس بالتحديـد "علّـة" بـل "سبـب" وبالمعنـى الشامـل والجامـع للكلمـة. وإن كلمـة "علّـة" في العربيـة قـد جعلـت بعضهـم، ومنهـم المشترعـون أنفسهـم، يستذكـرون المـرض أو الجنـون قبـل غيرهمـا لأن هنـاك سوابـق في الجمهوريـة الفرنسيـة الثالثـة عـن جنـون رئيـس الجمهوريـة بينمـا كلمـة " سبـب" أو quelque raison que ce soit هـي جامعـة وتتجـاوز المـرض والإستقالـة.

وعلـى كـل حـال فـإن المـادة 62 دستـور مقتبسـة بحرفيتهـا عـن المـادة 7 من الدستـور الفرنسـي للجمهوريـة الثالثـة، قانـون 25 شبـاط 1875، والتـي تنـص علـى مـا يلـي:

Article 7. En cas de vacance par décès ou pour toute autre cause, les deux Chambres réunies procèdent immédiatement à l’élection d’un nouveau Président. Dans l’intervalle, le Conseil des Ministres est investi du pouvoir exécutif.

Constitutions et Documents Politiques – Duverger Ed. Thémis Paris 1957, p. 111.

وهـذا النـص الفرنسـي بشموليتـه ينيـط السلطـة الإجرائيـة وكالـة بمجلـس الـوزراء في حـال خلـو سـدة الرئاسـة لأي سبـب كـان.

أمـا القـول بـأن المـادة 62 من الدستـور تقتصـر علـى خلـو سـدة الرئاسـة أثنـاء الولايـة فقـط وليـس في نهايتهـا فهـو مـردود أساسـاً لأن شموليـة النـص لا تتـرك مجـالاً للقـول بأنهـا تتعلـق بخلـو سـدة الرئاسـة أثنـاء الولايـة أو بعـد نهايتهـا. فالمطلـوب هـو معالجـة خلـو سـدة الرئاسـة في أيـة حالـة كانـت، وهـذا مـا حمـل المشتـرع علـى إقـرار المـادة 62.

أمـا إعتمـاد المـادة 74 لتجـاوز مضمـون المـادة 62 فـلا مجـال للأخـذ بـه إذ أن المـادة 74 من الدستـور تنحصـر بإجـراء إنتخابـات نيابيـة في حـال إنتهـاء ولايـة رئيـس الجمهوريـة بينمـا يكـون مجلـس النـواب قـد أكمـل ولايتـه أو كـان منحـلاً.

وهـذا مـا نصـت عليـه حرفيـاً المـادة 74 من الدستـور :

"إذا خلـت سـدة الرئاسـة بسبـب وفـاة الرئيـس أو إستقالتـه أو سبـب آخـر فلأجـل إنتخـاب الخلـف يجتمـع المجلـس فـوراً بحكـم القانـون وإذا إتفـق حصـول خـلاء الرئاسـة حـال وجـود مجلـس النـواب منحـلاً تدعـى الهيئـات الإنتخابيـة دون إبطـاء ويجتمـع المجلـس بحكـم القانـون حـال الفـراغ من الأعمـال الإنتخابيـة".

- إن العـرف قـد أصبـح في عديـد من الظـروف يـوازي أهميـة النـص الدستـوري (توقيـع رئيـس الـوزراء علـى جميـع المراسيـم) أو يتجاوزه أحيانـاً (إنتخـاب موظـف لرئاسـة الجمهوريـة، إقـرار الموازنـة بمـادة وحيـدة) ممـا يجعـل من تجـاوز رئيـس الجمهوريـة للنـص والعـرف مجتمعيـن (نـص المـادة 62 وإناطـة السلطـة التنفيذيـة بمجلـس الـوزراء سنـة 1952) مخالفـة جسيمـة لأبسـط القواعـد الدستوريـة النافـذة.

لجميـع مـا تقـدم

ووفقـاً لنصـوص المـادة 61 و62 الدستـور، بالإضافـة الـى العـرف المتمثـل بإناطـة السلطـة الإجرائيـة وكالـة بمجلـس الـوزراء يـوم إستقالـة الرئيـس بشـارة الخـوري سنـة 1952 وعـدم وجـود أي نـص دستـوري أو عـرف يناقضـان هـذا النـص الصريـح وذاك العـرف المشـار اليـه، فـإن إستمـرار رئيـس الجمهوريـة في تصريـف الأعمـال بعـد نهايـة ولايتـه أيـاً كانـت الأسبـاب والظـروف والدوافـع مخالفـة صريحـة وصارخـة لأبسـط قواعـد العـرف والدستـور مجتمعيـن ومنفصليـن معـاً.
وتفضلـوا، يـا دولـة الرئيـس، بقبـول فائـق الإحتـرام.
بيـروت، في 24/11/1987
المستشـار القانونـي في المجلـس
بشـارة منسـى

وهنـا لا بـد من الإشـارة إلى أن رئيـس ٍالجمهوريـة يقسـم علـى احتـرام القوانيـن. وهـذا مـا نصـت عليـه المـادة 50 من الدستـور.

عندمـا يقبـض رئيـس الجمهوريـة علـى أزمّـة الحكـم عليـه أن يحلـف أمـام البرلمـان يميـن الإخـلاص للأمـة والدستـور بالنـص التالـي:
"أحلـف باللـه العظيـم أنـي أحتـرم دستـور الأمـة اللبنانيـة وقوانينهـا وأحفـظ إستقـلال "الوطـن اللبنانـي وسلامـة أراضيـه".

إن موضـوع صلاحيـة المنتخـب في ممارسـة أعمالـه، إذا لـم يستطـع أن "يحلـف أمـام البرلمـان يميـن الإخـلاص للأمـة والدستـور..." قـد طـرح عندمـا إنتخـب الأستـاذ اليـاس سركيـس رئيسـاً للجمهوريـة في 8 أيـار 1976، قبـل إنتهـاء ولايـة الرئيـس سليمـان فرنجيـه في 23 أيلـول 1976، وقـد أدلـى كـل من الدكتـور إدمـون ربـاط والبروفسـور جـورج فيـدل والأستـاذ إميـل بجانـي والدكتـور أنطـوان بـارود والأستـاذ فـؤاد بطـرس بآرائهـم، وجـاءت الـردود بالإيجـاب، وسنوردهـا في متـن هـذا الكتـاب لأهميتهـا من حيـث الجـدل الدستـوري، وممـا ورد في رأي الدكتـور ربـاط أن هـذه المـادة مأخـوذة من الدستـور المصـري لسنـة 1923.
وقـد نصـت المـادة 60 من الدستـور علـى مـا حرفيتـه:
"لا تبعـة علـى رئيـس الجمهوريـة حـال قيامـه بوظيفتـه إلا عنـد خرقـه الدستـور أو "فـي حـال الخيانـة العظمـى·

نصـت المـادة 62 من الدستـور المعدلـة بالقانـون الدستـوري الصـادر في 21/9/1990 علـى مـا يلـي:
"في حـال خلـوّ سـدة الرئاسـة لأي علّـة كانـت تنـاط صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة "وكالـة بمجلـس الـوزراء·

لا وجـود لكلمـة مجتمعـاً وهـذا الخطـأ المسمـوم يجـب أن يتوقـف كليـاً.

وقـد ورد في مؤلـف الأستـاذ بشـارة منسـى – الدستـور اللبنانـي :

إن المـادة 62 القديمـة كمـا هي في دستـور سنـة 1926 لـم تعـدل إلا سنـة 1990، لكـن هـذا التعديـل كـان في الإنشـاء أكثـر منـه في المضمـون. فبينمـا ورد في المـادة المعدلـة سنـة 1990 أنـه: "في حـال خلـو سـدة الرئاسـة لأي علّـة كانـت تنـاط صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة وكالـة بمجلـس الـوزراء"، فإن المـادة القديمـة كانـت تنـص علـى أنـه "في حـال خلـو سـدة الرئاسـة لأيـة علّـة كانـت تنـاط السلطـة الإجرائيـة وكالـة بمجلـس الـوزراء".

فالتأكيـد في المـادة الجديـدة علـى الصلاحيـات هـو من بـاب لـزوم مـا لا يلـزم، لكـن لهـذا النـص أسبابـه وهي التاليـة:

في أواخـر عهـد الرئيـس أميـن الجميـل سنـة 1988، كانـت الحالـة الأمنيـة متدهـورة إلى حـد أن إنتخـاب رئيـس جديـد للجمهوريـة كـان متعـذراً. وأن رئيـس الجمهوريـة أوصـى بعـض المقربيـن إليـه، بوضـع دراسـات توحـي بأن لرئيـس الجمهوريـة الحـق في البقـاء في سـدة الرئاسـة، إذا تعـذر إجـراء إنتخابـات رئاسيـة جديـدة في موعدهـا المقـرر. وقـد وضـع الدكتـور خالـد قبانـي ومؤلـف هـذا الكتـاب في حينـه، بطلـب من رئيـس المجلـس، تقريريـن أحدهمـا بتاريـخ 24/1/1987، يدحضـان وجهـة النظـر القائلـة باستمراريـة حكـم رئيـس الجمهوريـة، إذا تعـذر إجـراء إنتخابـات رئاسيـة. ولذلـك جـاء هـذا النـص الجديـد للمـادة 62 لتبديـد كـل إشكـال يمكـن أن يحـدث حـول من يتسلـم مهـام رئاسـة الجمهوريـة في حـال خلـو سـدة الرئاسـة.

عرضنـا الأحكـام الدستوريـة المانعـة من الوقـوع في الشغور في سـدة الرئاسـة في النظـام الجمهـوري:

يلحـظ الدستـور الأحكـام المشـددة لتلافـي حصـول أي شغور في سـدة الرئاسـة سـواء في نهايـة مدتهـا المحـددة أو بانتهائهـا قبـل حلـول أجـل نهايتهـا.
ففي حالـة إنتهـاء الولايـة في نهايـة مدتهـا، فإن المـادة 73 من الدستـور تقضـي بأن يجتمـع المجلـس قبـل إنتهائهـا بمـدة شهـر علـى الأقـل أو شهريـن علـى الأكثـر، بنـاءً علـى دعـوة من رئيسـه لانتخـاب الرئيـس الجديـد.

وزيـادة في الحـرص علـى منـع الوقـوع في الشغور، الـذي ينشـأ عـن عـدم توجيـه الدعـوة للإجتمـاع، أوجبـت المـادة علـى المجلـس أن يجتمـع حكمـاً في اليـوم العاشـر الـذي يسبـق أجـل إنتهـاء ولايـة الرئيـس.

وواضـح أن الدستـور، بإلزامـه المجلـس بأن يجتمـع حكمـاً لانتخـاب الرئيـس في حالـة عـدم دعوتـه ضمـن المـدة الدستوريـة، يحتـم عليـه التفـرّغ كليـاً لهـذه المهمـة إلى أن يتوصـل إلى مـلء الشغور بانتخـاب الرئيـس (لم نستعمل كلمة فراغ لأن ليس لها أي مرادف في أي منظومة دستورية وحقوقية، فالدستور هو استمرار ولا "فراغ" فيه).

وفي هـذه الحالـة، يتولـى مجلـس الـوزراء، وكالـة، مهـام السلطـة التنفيذيـة، حتـى انتخـاب الرئيـس الخلـف.

وأهـم مـا في وكالـة مجلـس الـوزراء، بقيامـه بمهـام السلطـة التنفيذيـة وكالـةً، أنهـا تجمـع بيـن صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة غيـر المسؤول سياسياً، مع صلاحيـات رئيـس الحكومـة المسؤولـة أمام مجلـس النـواب.

منعـاً لكـل مـا يـؤدي إلى الإلتبـاس في هـذا الجمـع، ومنعـاً لمـا قـد ينشـأ عنـه من تصـادم بيـن السلطـة التشريعيـة والحكومـة، الجامعـة لصلاحيـات الرئاسـة غيـر المسؤولـة وصلاحيـات الحكومـة المسؤولـة، فإن الحسـم يكـون في إقتصـار مهـام ومـدى صلاحيـات الحكومـة، خـلال الفتـرة الإنتقاليـة، علـى تصريـف الأعمـال العاديـة، إلى أن يتـم مـلء الشغور، وانتخـاب رئيـس الجمهوريـة.

علـى أسـاس مبـدأ التـوازن، الأصيـل في النظـام البرلمانـي الجمهـوري، الـذي يسـري ويفـرض نفسـه، حتـى بـدون نـص، فقـد إرتـأى واضعـو الدستـور الفرنسـي لعـام 1958، إعتمـاد النصـوص بتعييـن الوكيـل لرئيـس الجمهوريـة، وإستثنـاء حـل مجلـس النـواب، وطـرح عمليـة الإستفتـاء، من صلاحيـات الوكيـل.

Dans cette conjoncture… Le gouvernement ne remet pas sa démission au Président intérimaire, fut-ce à titre simplement protocolaire, parce que, l'un comme l'autre, n'ont comme commun mission que d'assurer la continuité de l'État par une simple gestion des affaires courantes.
1) Revue de Droit Public, 1969, p. 459

ويوافقـه العلامـة Duguit بمؤلفـه:

… J'estime cependant, que le Conseil des ministres, investi momentanement de pouvoir exécutif ne pourrait ni clôturer, ni ajourner les Chambres, ni, a fortiori, dissoudre la Chambre des députés, la loi exige que les Chambres se réunissent immédiatement pour procéder à l'élection du président. Le Conseil des ministres ne peut donc faire aucun acte qui retarde cette réunion.
2) Duguit Tome IV, p. 566

والملفـت أن رأي هـذا العلامـة ينبثـق من أحكـام الدستـور الفرنسـي لعـام 1875 وهي مطابقـة في هـذا الموضـوع بالـذات لأحكـام الدستـور اللبنانـي، وأهميتـه أن الحظـر علـى عـدم إمكـان الحكومـة الوكيلـة حـل مجلـس النـواب وعلـى المجلـس عدم إمكانيـة إسقـاط الحكومـة يستنـد إلى المبـادئ التـي تؤكـد إستمراريـة النظـام البرلمانـي وسلطاتـه.

هـل يحـق لمجلـس النـواب القيـام بالأعمـال التشريعيـة، خـلال المـدة المحـددة لانتخـاب رئيـس الجمهوريـة؟

الموضـوع مقـرر بالمـادة 75 من الدستـور التـي تنـص :
"إن المجلـس الملتئـم لانتخـاب رئیـس الجمهوریـة یعتبـر هیئـة انتخابیـة لا هیئـة "اشتراعیـة ویترتـب علیـه الشـروع حـالاً فـي انتخـاب رئیـس الدولـة دون مناقشـة أو "أي عمـل آخـر.

هـذه المـادة كـان لا بـدّ من وضعهـا وكأنهـا تأتـي تنفيـذاً للمادتيـن السابقتيـن73 و 74 المتعلقتيـن:

الأولـى بانتخـاب رئيـس الجمهوريـة قبـل إنتهـاء مـدة ولايتـه بشهـر علـى الأقـل وبشهريـن علـى الأكثـر، بنـاءً علـى دعـوة رئيـس المجلـس، وبأن يجتمـع حكمـاً في اليـوم العاشـر الـذي يسبـق أجـل إنتهـاء ولايـة الرئيـس، في حالـة عـدم دعوتـه خـلال المـدة السابقـة المذكـورة.

أمـا المـادة 74 فتتعلـق بحالـة حـدوث شغور سـدة الرئاسـة قبـل نهايـة الولايـة، فتقتضـي بأن يجتمـع المجلـس فـوراً، بحكـم القانـون، لإجـراء إنتخـاب الرئيـس.

والحـرص في تسريـع إجـراء الإنتخابـات الرئاسيـة يرمـي إلى منـع حصـول شغور في سـدة الرئاسـة، باعتبـار أن الدولـة تعـرف بنظـام الحكـم فيهـا وأن النظـام الجمهـوري البرلمانـي، القائـم علـى مبـدأ فصـل السلطـات وتوزيـع إختصاصـات الحكـم فيمـا بينهـا، وفي مقدمتهـا إختصاصـات رئيـس الجمهوريـة، المعتـرف بـه دوليـاً وداخليـاً بشرعيـة رئاستـه، إذ لا جمهوريـة بـلا رئيـس جمهوريـة، وإلا فيصبـح الحكـم جماعيـاً في حالـة عـدم وجـود الرئيـس، إلى أن ينتخـب، مع مـا ينشـأ عنـه من توقـف عجلـة الحكـم وتعريضـه للضيـاع، وإمكـان تحولـه إلى دكتاتـوري لا رادع لـه في أعمالـه وتصرفاتـه فيمـا لـو استطـال سـد الشغور.

ودرءاً لهـذه الأخطـار والمخاطـر، يحـرص الدستـور علـى إعطـاء الأولويـة لإجـراء الإنتخابـات الرئاسيـة قبـل إنتهـاء الولايـة أو إنتهائهـا في خلالهـا.

وهنـا يأتـي السـؤال، هـل أن مجلـس النـواب المدعـو علـى النحـو المحـدد بالمـواد المذكـورة، يمتنـع عليـه ممارسـة سلطاتـه الأخـرى من تشريعيـة ورقابيـة ؟

إن الـرد بالإيجـاب يـؤدي إلى الإضـرار بالشـؤون العامـة بتجميدهـا أو بمـا يطـرأ عليهـا من عوامـل تهـدد حسـن سيـر العمـل الحكومـي والإداري.

إن المـادة 75 من الدستـور، تحصـر إستبعـاد كـل مناقشـة أو القيـام بعمـل آخـر، للإنصـراف إلـى إجـراء عمليـة الإنتخـاب، وواضـح أن الإستبعـاد ينحصـر في الجلسـة أو الجلسـات التـي تخصـص لاستنفـاذ هـذا الموضـوع.

أمـا الشـؤون العامـة الأخـرى الداخلـة في اختصـاص مجلـس النـواب، فيمكـن عرضهـا في جلسـات أخـرى لطرحهـا ومناقشتهـا واتخـاذ القـرارات بشأنهـا.

En fait, il est inadmissible que les Chambres ne puissant pendant la durée de la vacance, recevoir et voter des propositions. Il peut y avoir là de crises graves, exigeant, le vote de mesures législatives d'une extrême urgence; or l'on ne saurait admettre que les pouvoirs soient en quelque sorte désarmés.
3) Duguit Tome IV, p. 565
والنتيجـــة:

1- إنـه لا يجـوز للحكومـة، بوكالتهـا في ممارسـة السلطـة التنفيذيـة، حـل مجلـس النـواب المضطلـع، بموجـب الدستـور، بصلاحيـة إنتخـاب رئيـس الجمهوريـة، تحـت طائلـة مخالفـة المـواد 73 و 74 و 75 من الدستـور، وفي حالـة إقدامهـا، يكـون عملهـا باطـلاً بطلانـاً أصليـاً وكأنـه لـم يكـن:

Les actes des organes constitutionnels qui violent la Constitution doivent être dépourvus de base juridique et ne doivent en principe, avoir aucune valeur juridique.
4) Barthélemy, p. 196-203



وفي الخلاصـة،

2- إن منـع المجلـس المجتمـع لإنتخـاب الرئيـس، وحصـر عملـه في هـذ الإجـراء، بموجـب المـادة 75 من الدستـور، ينحصـر في جلسـة الإنتخـاب، ولا يحـول دون ممارسـة المجلـس صلاحياتـه الأخـرى في إجتماعـات غيـر مخصصـة للإنتخـاب.

في الخلاصـة الشاملـة :

1) الدستـور واضـح ولا يجـوز التوسـع في تفسيـره؛ إذ يعود هذا التفسيـر للمجلـس الينابـي وحـده؛

2) إستقالـة حكومـة الرئيـس نجيب ميقاتـي جـاءت وفقـاً لنـص دستـوري وليـس لخطـأ أو مسؤوليـة. لقـد جـدد مجلـس النـواب تسميتـه كرئيـس لحكومـة مكلّف فهـو مسلـح بثقتيـن من المجلـس النيابـي الـذي لا تعلـو علـى إرادتـه إرادة.

3) تفسيـر الدستـور ليـس نـزوة Fantaisie.

4) الحديـث عـن "فـراغ" هو هرطقـة قانونيـة فاضحـة، فالدستـور في المـادة 62 أنـاط سلطـة رئاسـة الجمهوريـة عنـد الشغـور لأي علّـة أو سبـب بمجلـس الـوزراء وكالـة. وانـه عنـد استقالـة الحكومـة، فرضـت المـادة 69 من الدستـور انعقـاد المجلـس النيابـي حكمـاً حتـى تأليف حكومـة جديـدة ونيلهـا الثقـة، يعنـي رقابـة المجلـس قائمـة ولا وجـود لأي فـراغ أو شطـط.

5) الدستـور تكلـم عـن حكومـة بصـورة مطلقـة ولـم يميـز بيـن حكومـة قائمـة أو حكومـة مستقيلـة والقانـون عندمـا لا يميّـز يؤخـذ علـى إطلاقـه.

6) إن رئيـس الجمهوريـة أقسـم وفـق المـادة 50 من الدستـور علـى احتـرام أحكـام الدستـور. وأحكامـه واضحـة وكـل مخالفـة لأحكـام الدستـور ولا سيمـا حنـث اليميـن تعتبـر بمثابـة الخيانـة العظمـى، كمـا أنهـا تعرضـه للملاحقـة بجـرم الخيانـة العظمـى والجزائيـة وفـق المـادة 306 من قانـون العقوبـات.

7) رئيـس الجمهوريـة الـذي يحنـث بيمينـه يلاحـق بجـرم الخيانـة العظمـى.


كـل من يقـول انـه لـن يسلـم السلطـة أو يتـذرع عـن سـوء نيـة أنهـا مستقيلـة هـو خائـن للدستـور ومنقلـب عليـه ويخالـف الفقـرة "ي" من مقدمـة الدستـور الـتـي نصـت علـى أن:
"لا شرعیـة لأي سلطـة تناقـض میثـاق العیـش المشتـرك".

الحديـث عـن "فـراغ" قـول فيـه إفتـراء وإعتـداء علـى مركـز رئاسـة الحكومـة وعـدم احتـرام للمؤسـسات ومبـدأ فصـل السلطـات وتعاونهـا.

فالمـادة 53 من الدستـور حـددت صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة في اثنـي عشـر بنـداً.

والمـادة 64 من الدستـور حـددت صلاحيـات رئيـس مجلـس الـوزراء في ثمانيـة بنـود.

والمـادة 65 المعدلـة بالقانـون الدستـوري الصـادر في 21/9/1990 حـدّدت صلاحيـات مجلـس الـوزراء وآليـة التصويـت علـى خمسـة بنـود وأكـدت مـا حرفيتـه:
"تنـاط السلطـة الاجرائيـة بمجلـس الـوزراء، وهـو السلطـة الـتـي تخضـع لهـا القـوات المسلحـة

فالدستـور واضـح والصلاحيـات محـددة والسلطـة الإجرائيـة أصبحـت بيـد مجلـس الـوزراء وكـل قـول بعـدم تسلـم السلطـة هـو مخالفـة صارخـة للدستـور.

إذن السلطـة الإجرائيـة محصـورة بمجلـس الـوزراء بوجـود رئيـس الجمهوريـة أو عـدم وجـوده وصلاحيـات الرئيـس لا يمسهـا أحـد. فأحكـام الدستـور واضحـة ولا وجـود لفـراغ علـى الإطـلاق.

فلنتقيـد بأحكـام الدستـور الـذي يضمـن حسـن سيـر المؤسسـات ويجنـب البلـد كـل نـزاع عبثـي.

لذلــك كلـه، أتشـرف بإبـداء الـرأي بأن مجلـس الـوزراء وهـو الـذي تتجسـد في كامـل هيئتـه القائمـة أو المستقيلـة السلطـة التنفيذيـة. في حـال خلـو رئاسـة الجمهوريـة "لأي علّـة " كانـت أو لأي سبـب، ومنهـا عـدم إنتخـاب خلـف لـه، وأكـان ذلـك في الفتـرة المحـددة في المـادة 73 من الدستـور، أو بعـد إنقضائهـا، وذلـك كلـه عمـلاً بالنـص الجـازم الـوارد في كـل من المادتيـن 62 و 74 من الدستـور والمحميـة والمحصنـة بالمـادة 69 من الدستـور ورقابـة المجلـس النيابـي.

الحديـث عـن "الفـراغ" هو هرطقـة قانونيـة وانقـلاب علـى الدستـور، ومشـروع فتنـة وفضيحـة Scandale، تعـرض السلـم الأهلـي للإهتـزاز والخطـر، فالرئاسـة من أجـل لبنـان والصلاحيـات من أجـل لبنـان وليـس لبنـان من أجـل الرئاسـة وأصحـاب المصالـح الخاصـة.

وفي الختـام، لا يجـوز للأصـوات الناشـذة ولمـن خلـق الأوضـاع الشـاذة، وعطـل الجلسـات وخالـف الدستـور ومـا زال يصـرّ علـى مخالفتـه أن يستفيـد من الأوضـاع الشـاذة التـي خلقهـا عمـلاً بالقاعـدة القانونيـة القائلـة: "Nemo auditur propriam turpitudinem allegans".

Nul ne peut se prévaloir de sa propre turpitude.

ممنـوع علـى من خلـق الوضـع الشـاذ الإستفـادة منـه.


المحامــي الدكتــور نقــولا فتــوش