خاص- النشوة القواتية تتلاشى والخيبة العونية تتفاقم..فهل يفرض "الحزب" مرة جديدة مرشحه الرئاسي؟-بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 25, 2022

خاص- الكلمة أون لاين
بولا أسطيح

يختصر أحد الوزراء الحاليين المشهد السياسي العام بالقول:"يتقن حزب الله لعب الشطرنج ويترك باقي القوى السياسية تتلهى بالداما"..برأيه فان الحزب يمسك باتقان مطلق بكل خيوط اللعبة السياسية في لبنان. هو لا يستبعد حتى ان ايصال عدد من النواب التغييريين الى الندوة البرلمانية تم بارادته وبـ"قبة باط" منه لتنفيس الاحتقان الشعبي، لا بل ابعد من ذلك القول للناس التواقة للتغيير: "تفضلوا ها هم 13 نائبا تغييريا خرقوا أسوار مجلس النواب...أرونا ما هم فاعلون"..لا يعتمد الحزب على عضلاته حصرا لادارة الملف اللبناني. يعلم ان وهج سلاحه مؤثر في الداخل لكنه يعي ايضا انه وحده غير كاف على الاطلاق لتنفيذ أجندته المحلية التي تحتاج ترجمتها على أرض الواقع للكثير من الذكاء والدهاء وحسن الادارة والتنظيم، وهي صفات لا ينافسه عليها اي من القوى السياسية، وان كان حزب "القوات اللبنانية" حتى الأمس القريب كان يحتل المرتبة الثانية في الترتيب.

منذ الانتخابات النيابية التي قيل انها أفرزت أكثرية جديدة غير مؤيدة لحزب الله حتى اليوم، نجح "الحزب" بفرض كل مرشحيه للاستحقاقات التي توالت تباعا. أبقى حليفه الاستراتيجي نبيه بري وللعام الـ30 على التوالي رئيسا للبرلمان، قاطعا الطريق على مجرد ترشيح شخصية أخرى بعد استحواذه و"أمل" على كامل الحصة النيابية الشيعية. كما أدار اللعبة باتقان لضمان وصول مرشح محوره الياس بو صعب لنيابة الرئاسة والنائب آلان عون لأمانة سر هيئة مكتب مجلس النواب. في انتخابات اللجان فرض ايقاعه ايضا وصولا لاستحقاق تكليف رئيس للحكومة الذي نجح فيه ايضا بايصال مرشحه من خلال 26 صوتا شيعيا صبوا لمصلحته في ظل تشتت سني غير مسبوق وفشل وتخبط مسيحي ودرزي. بعد كل هذه الاستحقاقات بات يفترض العودة للتدقيق بصحة الحديث عن أكثرية برلمانية جديدة غير مؤيدة لحزب الله. فسواء صح وجود أكثرية من هذا النوع فالمؤكد انها اكثرية فاشلة او أقله غير فاعلة، واذا كان ما تم الترويج له غير صحيح، فقد بات من المفيد مصارحة الناس بأن حزب الله هو الذي يبسط سيطرته على البرلمان الجديد كما على باقي مؤسسات الدولة.

بالأمس، أحس القواتيون حقيقة بـ"السخن"..فخسارة موقع نيابة رئاسة المجلس وأمانة سر هيئة المكتب لا تُقاس بالخسارة التي سجلت يوم أمس باستحقاق تكليف رئيس للحكومة، رغم كل محاولات معراب التقليل من أهمية هذا الامتحان لقناعتها ان ايا كان لن يتمكن من تشكيل حكومة خلال 4 أشهر والبدء بالترويج أن الاستحقاق الاساسي الذي ستضع ثقلها فيه هو استحقاق رئاسة الجمهورية. اعتقد القواتيون انهم بقرار عدم التسمية يتجنبون خسارة جديدة لاعتبارهم ان فوز نواف سلام لم يكن محسوما، لكنهم لم يدركوا انم بذلك سجلوا خسارتين لا واحدة، الاولى خسارة موقع رئيس الحكومة والثانية مفاقمة تشتت ما يُعرف بقوى المعارضة والقوى السيادية.

بخلاف السنوات الماضية، لا يبدو ان معراب موفقة في التعامل مع الملفات والاستحقاقات السياسية. فنشوة الفوز بأكبر كتلة نيابية مسيحية، (اذا اعتمدنا تقسيم الكتل كما شاركت في الاستشارات النيابية)، تلاشت لا شك مع مرور الأيام ومع خسارة الاستحقاق تلو الآخر، ولعل ما سيحول النشوة الى خيبة قريبا هو اصرار القيادة القواتية على تصوير المعركة الرئاسية معركتها الاساسية والمصيرية، هي التي تدرك ان لا حظوظ لها فيها على الاطلاق.

بالمقابل، لا يبدو العونيون أفضل حالا كثيرا. فهم الذين عاشوا في تخبط كبير في هذا الاستحقاق، نتيجة خلافهم مع حزب الله على ترشيح ميقاتي من جديد وعدم رغبتهم في تبني مرشح المحور المناوىء للحزب لعدم مفاقمة الخلاف مع الحليف الشيعي الاستراتيجي ما يفاقم خساراتهم في استحقاقات مقبلة وعلى رأسها استحقاق رئاسة الجمهورية، بدوا وبعدم تسميتهم أحدا كمستسلمين للخيبة التي يتخبطون فيها نتيجة فشل العهد. هم يعتقدون اليوم انهم في موقع أفضل من "القوات" طالما هم حلفاء للفريق الأقوى المتحكم باللعبة أي حزب الله وان كان اللعب معه قد أرهقهم وكلّفهم كثيرا.
ما هو محسوم اليوم ان التكليف لن يؤدي الى تأليف وان ما سيحصل هو تعويم للحكومة الحالية وان أصر جميع المعنيين على رفض الاقرار بذلك علنا والتوجه لممارسته عمليا. خلال اسابيع يبدأ الاستعداد الجدي لاستحقاق رئاسة الجمهورية..اللعبة الاساسية في الداخل لعبة pointage في ظل تضعضع الكتل وتشتتها، أما في الخارج فاللعبة بعد أكثر تعقيدا..المرشحون مجهولون – معروفون في آن ..لكن لا شيء مضمون الا الكثير من "الآكشن" المقبل...