كمال ذبيان- الوسيط الأميركي لن يعود الى لبنان إلاّ بعد تصدير «اسرائيل» لنفطها

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, June 22, 2022

غادر منسق الادارة الاميركية لامن الطاقة آموس هوكشتاين لبنان، بعد استدعائه اليه من قبل المسؤولين اللبنانيين للبحث في ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي، وهو لن يعود اليه في فترة قريبة، كما لم يزر فلسطين المحتلة للتباحث مع قادة العدو في ما طرحه وما سمعه من اركان السلطة في لبنان، لا سيما ما يتعلق بالمناطق البحرية المتنازع عليها، والحقول النفطية المتداخلة في المياه الاقليمية بين لبنان والكيان الصهيوني.


عاد الوسيط الاميركي المسمّى من ادارته، لمتابعة ملف النفط بين لبنان و»اسرائيل» التي حصلت على ضوء اخضر اميركي اولا ثم اوروبي ثانيا، في تصدير النفط والغاز من حقل «كاريش» في ظل ازمة المحروقات التي تعانيها القارة الاوروبية من جراء الحرب الروسية – الاوكرانية، وتداعياتها على النفط والنظام الغذائي العالمي خاصة، والاقتصاد الدولي عامة.

ف «اسرائيل» تحاول ان تستغل الانقسام العالمي، كما تستفيد من حاجة اوروبا الى البترول عامة والغاز خاصة، وهي تنتظر زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن للمنطقة في منتصف تموز المقبل، حيث يحضر مؤتمرا اقليميا، للبحث في التحديات الايرانية والنفوذ الذي بدأ يتسببه توسع الجمهورية الاسلامية عبر «اذرعها المسلحة»، كما تدعي أ ميركا، وامتلاكها لصواريخ باليستية واخرى دقيقة وبعيدة المدى، اذ يحمل معه بايدن مشروعا للمنطقة يقيم تحالفا سياسيا – عسكريا ضد ايران، تكون «اسرائيل» نواته ومعها دول عربية اقامت معاهدات سلام وتطبيع علاقات معها، حيث تكشف مصادر ديبلوماسية على ان لكل رئيس اميركي مشروعه سواء للعالم، او لمنطقة الشرقين الادنى والاوسط.

فكان مشروع الرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور في الخمسينات لمحاربة الشيوعية، وجورج بوش الابن «الشرق الاوسط الجديد»، وباراك اوباما وصول «الاسلام السياسي» الى الحكم، ودونالد ترامب «صفقة القرن»، وبايدن اقامة حلف اقليمي تكون «اسرائيل» فيه عنوانه «مواجهة التمدد والنفوذ الايراني».

وتحاول اميركا عبر الادارات المتعاقبة فيها حماية العدو الاسرائيلي، وضمان امنها، وكانت دائما تنجدها في حروبها على الدول العربية التي كانت في حرب مع «الدولة العبرية»، وما زالت تساندها ضد لبنان والفلسطينيين في حروب متتالية على لبنان منذ العام 1978 الى العام 2006، مرورا بغزو عام 1982، والاعتداءات في 1993 و1996، وكذلك الامر في غزة التي تحررت عام 2004 بعد اربع سنوات من الانسحاب «الاسرائيلي» من لبنان.

والوسيط الاميركي هوكشتاين، الذي قاتل مع «الجيش الاسرائيلي» كيهودي، لن يخرج عن سياسات بلاده ومشاريعها في ضمان مصالح «اسرائيل»، فهو لم يقدم اثناء زيارته الاستطلاعية للبنان اي جديد عما كان طرحه سابقا، وانه كرر على مسمع المسؤولين اللبنانيين ان يستفيدوا من النفط بمشاركة «اسرائيل» الحقول المتنازع عليها، وعدم التوقف عند ترسيم الحدود سواء عند الخط 23 او 29، بل اتخاذ القرار الجريء، بانشاء صندوق مشترك بين الدولتين برعاية الامم المتحدة او واشنطن، وتوزيع الحصص عليهما، وخارج ذلك فان لبنان لن يتمكن من الحصول على نفطه، وفق ما تسرب من معلومات، التي يخفيها المسؤولون اللبنانيون عن الشعب الذي هو صاحب الثروة، اذ كانت المحادثات ضبابية، لان هوكشتاين لم يقدم افكارا جديدة، ولم يرد على سؤال حول مصير حقل قانا الذي يدخل ايضا ضمن المياه الاقليمية ل «اسرائيل»، في وقت ابلغ لبنان ان حدوده البحرية هي عند الخط 23 وثبّته في المرسوم 6432 الذي اودع الامم المتحدة، ولم يلجأ الى تعديله مع ظهور الخط 29 وتجاهله المسؤولون اللبنانيون، دون المقايضة بين قانا للبنان وكاريتش ل «اسرائيل» هو ما طرحه لبنان.

فهوكشتاين ذهب ولن يعد خلال هذا الصيف، لتكون «اسرائيل» افتتحت التصدير الذي حددت موعده في ايلول القادم، حيث ستسهل السفينة اليونانية «انرجين باور» عملية الاستخراج، على مرأى الشعب اللبناني الذي يئن من الجوع والفقر، والتدهور الاقتصادي والمالي، وقد توجه اليه رئيس حكومة العدو نتالي بينيت، ان يسأل حكومته، عن ثروته النفطية التي يتقاتلون عليها داخل لبنان، وليست «اسرائيل» معنية سوى بحقولها.

فالغموض هو ما يكتنف الموقف اللبناني الرسمي، الذي حاول البعض تظهيره موحدا، دون ان يعلن اي مسؤول، عن نتائج الاجتماعات مع الوسيط الاميركي، سوى ان لبنان ينتظر جواب الكيان الصهيوني، ينقله اليه هوكشتاين وهذا لم يفعله، بل ادار ظهره وتوجه الى بلاده تاركا لبنان دون جواب، وهذا عمل مقصود وفق ما تؤكد مصادر متابعة لملف النفط، حيث يلعب الوقت ضد لبنان ولصالح «اسرائيل» التي اصبحت دولة ذات نفوذ في المنطقة، وهي باتت شريكة مع العديد من الدول العربية.

واذا تأخر الوسيط الاميركي في العودة الى لبنان، بجواب «اسرائيلي»، واستؤنفت المفاوضات، فان المقاومة لن تنتظر كثيرا.