ملف سوق الخضار في أرض جلول السرقة الشهيرة قد تؤجّل موعد الافتتاح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, February 1, 2022

لم تكن زيارة وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لسوق الخضار بالمفرق في أرض جلول بالطريق الجديدة يوم السبت زيارة لمسؤول رفيع إلى ذلك الموقع، لأن الاهتمام بهذا المشروع كان كبيراً منذ بداياته، وكان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري زاره ووضع حجر أساس إنطلاق الأعمال فيه برفقة وزير الداخلية آنذاك نهاد المشنوق، طبعاً لأن منشأة من هذا الحجم تشكّل أحد أهم المشاريع الإنمائية التي لا يمرّ إنجازها دون ترجمة سياسية انتخابية.

زيارة مولوي التي رافقه فيها محافظ بيروت مروان عبود ورئيس المجلس البلدي جمال عيتاني أتت تحت عنوان تفقّد الوزير السوق والتحضيرات لافتتاحه قريباً، وبطبيعة الحال أعادت الحديث عن سبب تأخّر افتتاح السوق رغم إنجاز أعمال البناء منذ فترة ليست بقصيرة، وفي هذا الشأن هناك عدة روايات حول الأسباب الحقيقية.

البعض يعتبر أن أسباباً سياسية منعت قص شريط الافتتاح، وهذا يعني بأن الفريق السياسي المعني بالمشروع، أي تيار المستقبل، كان يريد توقيت الافتتاح على إيقاع الاستحقاق الانتخابي لكي لا تذهب «رهجة» المشروع. والبعض الآخر يعيد السبب الى اعتراض قوى سياسية مسيحية، كالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ولكن تبيّن ان هذا المشروع لم يدخل يوماً في حسابات هؤلاء وأن نواب الفريقين في بيروت ليسوا على إطّلاع على واقعه أصلاً، هذا مع الإشارة الى أنه عندما لزمت البلدية مشروع السوق حصل اعتراض داخل المجلس البلدي على قاعدة المطالبة بإقرار مشروع إنمائي مماثل في الدائرة الأولى وليس على سبيل معارضة إقامة المشروع في أرض جلول.

أما بالنسبة الى الذرائع المستعملة لتأخير الافتتاح من قبل أصحاب القرار وهي بالطبع أعذار وهمية وليست أسباباً جديّة تمنع إطلاق السوق، فقد تذرّعت البلدية بمسألة تأخير نقل ملكية العقارات التي تملّكتها البلدية وأنشأت السوق عليها، علماً بأن هذه الحجة ساقطة بحسب المعنيين لأن ملكية البلدية للعقارات ليست موضع شك أو جدل لأن البلدية أنجزت عقود الشراء ودفعت الثمن منذ العام ٢٠١٦ ولكن تسجيل العقارات في السجل العقاري تأخّر بسبب إصابة جزء صغير منها بالتخطيط، وقد تمت مباشرة معاملات إلغاء ذلك التخطيط لتمكين دائرة الأملاك في بلدية بيروت من إنجاز التسجيل، ولكن ظروفاً خارجة عن إرادة البلدية أخّرت تلك المعاملة وهذا لا يعني مطلقاً بأن البلدية ليست حرّة بالتصرف بعقاراتها وباستعمالها للغاية التي تملّكتها من أجلها. ولكن كالعادة كان هناك جهات سيئة النيّة تحرّكت للاصطياد في الماء غير العكر هنا.

وفي هذا الإطار، حاول البعض التجنّي على أداء الإدارة البلدية السابقة وتقدّموا من التفتيش القضائي للتحقيق في طريقة تلزيم مشروع السوق بحجة المباشرة بالتلزيم قبل تسجيل العقارات على اسم البلدية ووجود شبهات فساد. ولكن ورغم الضجيج الكبير الذي رافق ذلك انتهت التحقيقات الى نتيجة واضحة وهي أن عملية التلزيم كانت شفافة ولم يكن فيها أية شوائب أو شبهات. وتحت هاجس الخوف والتردد تأخّرت إدارة البلدية الحالية في استكمال إجراءات الاستلام النهائي للمشروع، ولكنها وبعد ثبوت نظافة المشروع وحسن تنفيذه قام المحافظ مروان عبود بتوقيع محاضر الاستلام وبتسديد المستحقات المالية للمتعهد بناء على مراسلات من الجهات القضائية المعنية بالتحقيق في الملف.

وفق معلومات «اللواء»، فإن وزير الداخلية طلب من بلدية بيروت افتتاح السوق في أقرب وقت دون انتظار إنجاز المعاملات المطلوبة من المالية والعقارية وغيرها من إدارات الدولة، وهو ما كانت إدارة البلدية السابقة قد سارت به أصلاً تحت عنوان أن البلدية هي المالكة للعقارات وهي التي تصدر تراخيص البناء وليس ما يمنع من إنجاز المشروع وفق الخرائط إذا كانت مطابقة للقانون، ولكن حادثة سرقة السوق قبل أشهر قليلة أتت لتؤكد أن التعطيل لا يزال يخيّم على أجواء أرض جلول.

وضع الوزير الوصي على البلدية شرطاً أساسياً لافتتاح السوق يتمثل بإعادة المسروقات التي تبلغ قيمتها ٧٠٠ ألف دولار أميركي، علماً أن السارقين باتوا في قبضة الأجهزة الأمنية لكنهم لم يكشفوا عن مكان وجود المسروقات.

وفي المعلومات أيضاً، فإن أحد عناصر الحرس البلدي لا يزال خلف القضبان، ما يطرح علامات استفهام عن احتمال وجود تواطؤ مع السارقين، وهنا تشير أوساط بيروتية إلى ان المجلس البلدي كان قد اتخذ قراراً طلب فيه من المحافظ عبود وضع مجموعة كافية من فوجي الحرس والإطفاء على مداخل السوق لحمايته، وتشير الأوساط البيروتية الى مسؤولية محافظ بيروت الذي لم يلتزم بقرار المجلس البلدي، مبدية تخوّفها من أن تكون السرقة هدفها تعطيل افتتاح السوق، مشيرة الى صعوبة قيام البلدية بشراء معدات بدلاً من تلك التي سُرقت.

وعلمت «اللواء» أيضا، أن حقوق المتعهد دفعت كاملة، ولكن هناك نسبة من مستحقات الاستشاري لم تسددها الإدارة بعد، وهذا ما قد يخلق أزمة جديدة تمنع أهالي بيروت من أن يكون لهم سوقاً للخضار والفاكهة بمواصفات عالمية.

المشروع والمساحات التي يشملها يمكن اختصارها كما يلي:

- 260 محلاً و82 بسطة في الطابق الأرضي والأول والسفلي الأول.

- طابق سفلي ثاني صالات ومختبرات ومستودعات.

- سفلي ثالث موقف للسيارات لسكان الجوار.

- السطح: موقف للسيارات.

أما المساحات، فإن مساحة الطوابق العلوية والسفلية حوالى: 45.000 م2.

والجدير بالذكر، أن نقابة تجار الخضار والفواكه بالمفرق التي كانت القوة الدافعة والمطالبة بالسوق منذ بداية التسعينات وهي بالتالي صاحبة الأفضلية بأن تقوم بإدارة السوق لصالح البلدية لم تتمكن حتى الآن من انتزاع حقها هذا من المجلس البلدي والمحافظ، وقد تعرّضت للمماطلة والوعود من دون أن تحظى بالموافقة الخطية والصريحة على مطلبها المزمن. وفي هذا الإطار، يعتبر أحد أعضاء المجلس البلدي ان سبب المماطلة لا مبرر له وانه يهدف فقط الى تعطيل مفاعيل الموافقة المبدئية التي كانت النقابة قد حصلت عليها خطياً من المحافظ السابق، ولكن لا خيار جديّ حقيقي لدى البلدية اليوم إلا بالتعاون مع النقابة.

محمد المدني- اللواء