خاص- هل ترد نساء لبنان الصاع صاعين لاحزاب السلطة؟- بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, October 12, 2021

خاص- الكلمة أونلاين
بولا أسطيح

عادة تصح مقولة "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان"..لكن في لبنان لا ينطبق هذا القول على القوى السياسية التي اعتادت ان تهان عند كل استحقاق وآخر هذه الاستحقاقات التصويت على كوتا نسائية مرحلية لحجز عدد من المقاعد النيابية لصالح النساء في الندوة البرلمانية لتفعيل دور وحضور المرأة في الحياة السياسية والذي يقتصر حاليا على ٦ نساء في مجلس النواب وامرأة واحدة في الحكومة!
وحصر نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي النقاش والتصويت على موضوع الكوتا بدقيقتين فقط، بحيث سارعت كل القوى السياسية للتصويت ضد اقتراح النائبة عناية عزالدين لحجج واهية ابرزها ان طرحها لا يتيح تمثيل المرأة لدى الاقليات الطائفية، وكأن الكتل السياسية الكريمة تريد اصلا ان تتمثل المرأة خاصة بعد تجربة بولا يعقوبيان التي تحولت كابوسا يطارد تسوياتها واتفاقاتها المسبقة التي يقتصر دور المجلس النيابي على التصديق عليها.
وكالعادة تبددت وعود كل الاحزاب السياسية الوردية عند "الامتحان"، فأجمعت تلقائيا على معارضة اقتراح حجز ٢٦ مقعدا للنساء في البرلمان من اصل ١٢٨ اضافة لالزام تضمين اللوائح الانتخابية ٤٠٪؜ من النساء.. والانكى ان الممثلين عن هذه الاحزاب خرجوا بعد اجتماع اللجان النيابية ليعلنوا تأييدهم للكوتا التي وجهوا لها ضربة قاضية قبل دقائق بحجة تمسكهم باقتراحات اخرى لن تجد على الارجح طريقها للنقاش.
ويتصدر عادة "التيار الوطني الحر" والحزب "التقدمي الاشتراكي" القوى التي تحمل طروحات متقدمة ومنها طروحات تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، علما انهما حين يحين موعد التطبيق تراهما الاكثر رجعية بحيث مثلا لم يضم التكتل النيابي لكل منهما اي امرأة، علما ان "التيار" لم يرشح الا 3 نساء على لوائحه وكانت خسارتهن شبه محسومة.
وكذلك حزب "القوات اللبنانية" فبالرغم من تطعيم لوائحه الانتخابية بعدد من الوجوه النسائية الشبابية الا انه لم يبذل اي جهد لضمان فوزها، فكل ما يعنيه فوز زوجة رئيس "القوات" ستريدا جعجع.
وقد يكون تيار "المستقبل" الاكثر انسجاما مع اعلان رئيسه مرارا وتكرارا تمسكه بتعزيز دور وحضور المرأة، اذ ضمن فوز ٣ نساء رشحهن للنيابة، فيما اوصلت حركة "امل" امرأة واحدة الى الندوة البرلمانية هي عناية عز الدين.
وللمفارقة قد يكون حزب الله الاكثر انسجاما مع نفسه، بحيث اعلنت عضو المجلس السياسي في "حزب الله" ريما فخري، صراحة خلال مشاركتها في مؤتمر عقد في بيروت تحت عنوان «تعزيز دور الأحزاب السياسية في تشجيع تمثيل النساء في انتخابات 2018 النيابية» ان حزبها يتحفظ على مشاركة المرأة في الانتخابات "لأن ذلك سيكون على حساب عائلتها".. فنظرة الحزب الرجعية للمرأة ودورها في مجتمعها ليست جديدة ولا صادمة وهي تنسجم لا شك مع كونه حزب ديني لا يمت للاحزاب المتقدمة المنفتحة التي تعمل على تطوير مجتمعاتها ودولها بصلة.
ولم يقدم حزب "الكتائب" تجربة افضل من باقي الاحزاب، فظلت المرأة فيه غائبة عن الصفوف الامامية كما عن الندوة البرلمانية.
وشهدت الانتخابات الماضية ما يشبه ثورة نسائية من حيث الاقبال على الترشيحات الني فاقت بوقتها ال١١١ بعدما كانت تقتصر في انتخابات ٢٠٠٨ على ١٢. وقد تم ربط "الحماسة النسائية" بشكل أساسي بقانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النظام النسبي ما يرفع حظوظ المرشحين غير المنتمين للأحزاب الكبيرة في حال نجحوا بالتكتل في لوائح قادرة على تأمين الحاصل الانتخابي. بالمقابل، دفع اعتماد القانون الحالي "الصوت التفضيلي" الأحزاب التقليدية للبحث عن أسماء قادرة على تحصيل العدد الأكبر من الأصوات الانتخابية كي تساهم برفع حظوظ اللائحة ككل، بخلاف القانون الأكثري السابق الذي كانت فيه اللائحة هي التي تؤمن الأصوات للمرشحين فيها.
ومن المفترض ان يكون الاستحقاق النيابي المقبل فرصة ل"انتقام" نسائي من احزاب تغرقها بالوعود الوردية ولا ترى منها الا ذكورية فائضة عند التطبيق. لذلك فان كل امرأة تؤيد حزبا ما لم يرشح نساء على لوائحه مدعوة للامتناع عن التصويت له، بما قد يشكل "ثورة نسوية" على هذا النظام الذكوري الفاسد الذي ادى لانهيار الدولة ومؤسساتها.
فاما تنكب هذه الاحزاب منذ اليوم على تأمين وصول عدد من النساء الى البرلمان من خلال كوتا داخلية حزبية تلزم نفسها بها، واما سيكون عليها ان تتعامل مع عقبة جديدة تفاقم ازمتها بعد ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩. اما التحجج بحراجة المرحلة والطابع المصيري للانتخابات الحالية، وهي حجج لا شك يقدمها رئيس الحكومة الحالب نجيب ميقاتي كما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتبرير حصر التمثيل النسائي بامرأة واحدة، فذلك سيشكل ادانة اضافية لهم، خاصة ان من حول البلد الى جهنم "حفنة من الرجال"…وان ايام مجده لن تكون لا شك على ايدي الحفنة نفسها!