خاص- الحزب متصدرا جبهة المنتصرين والحريري الحلقة الاضعف.. وهذا ما بشر به- بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, September 21, 2021

خاص- الكلمة اونلاين

بولا اسطيح

جميل كل الكلام الذي نسمعه عن تضامن حكومي ورغبة كل قوى السلطة بتجاوز مرحلة المد والجزر الماضية لوضع حد للانهيار والنهوض بالبلد المنكوب. جميل ومعبر ووطني لكنه لم يعد ينطلي على احد. فالمنظومة التي اختبرها الناس على مر عشرات السنوات الماضية والتي نجحت بعد تشكيل الحكومة باعادة بث الروح في جسدها الذي يفترض انه كان يلفظ أنفاسه الاخيرة، لن تغير جلدها اليوم ولن تتخلى عن سياساتها وممارساتها واطماعها ولو بما تبقى من كيان مهترىء ممزق متداع. كيف لا ونحن على عتبة انتخابات نيابية يتعاطى معها المجتمعان المحلي والدولي على انها مصيرية في تحديد وجه لبنان فاما تجدد الاكثرية الشعبية الوكالة للقوى الحاكمة وتكون حقيقة تستأهل ما تتخبط به من أزمات، او تنقلب عليها مؤسسة للبنان جديد يخرج من رحم المآسي الحالية.

جردة سريعة لحسابات الربح والخسارة من تشكيل هكذا حكومة بالنسبة للقوى السياسية المختلفة تظهر ان المستفيد الاول منها بشكلها الحالي هي المنظومة ككل التي وان كان حقق بعض اركانها انتصارات على اركان آخرين، لكنها تبقى بالمشهد العام منتصرة كبيرة، كيف لا وهناك من راهن على انها تفككت واصيبت بعد ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ بصفعة مدوية زعزت اساساتها، فاذا بها تنتفض على الداخل اللبناني والخارج في آن فارضة "الموضة القديمة المعتادة" في تشكيل الحكومات والتي تقوم بشكل اساسي على المحاصصة الطائفية-المذهبية- الحزبية، غير آبهة بمبادرة فرنسية قيل انهت قامت على تشكيل حكومة اخصائيين مستقلين، فاذا بالمنظومة المستحكمة والمتحكمة تروض المبادرة وفق أهوائها ومصالحها من دون تسجيل اي ردة فعل سواء من الفرنسيين القيمين عليها او حتى من القوى الدولية الاخرى التي تبنتها رابطة اي تعاون مع لبنان بقيام حكومة من هذا النوع تشرع بالاصلاحات.

هذا في العام، اما التدقيق في ميزان الربح والخسارة داخل المنظومة، فلا شك يميل لاطراف ويسجل خسارات كبيرة لآخرين.

في ضفة الرابحين يتربع حزب الله الذي يبدو اكثر من اي وقت مضى مرتاحا للمعادلة الداخلية القائمة. وليست مظاهر تنامي الدويلة على حساب الدولة على المستويات كافة الا اكبر دليل على ان الظروف الحالية والحكومة بتركيبتها القائمة ليست الا تثبيتا لانتصار خيارات الحزب والمحور الذي ينتمي اليه او اقله ليست الا انعكاسا واضحا لفحوى التسويات التي تنضج في المنطقة والتي يبدو انها تسلم مجددا البلد لهذا المحور رغم المحاولات التجميلية سواء بترؤس نجيب ميقاتي الذي سماه رؤساء الحكومات السابقين الحكومة الجديدة او من خلال الجو الدولي الذي لا يبدو سلبيا في التعامل مع الواقع الحالي كما كان بعيد تشكيل حكومة حسان دياب.

وفي ضفة الرابحين ايضا، وان بنقاط أقل يتمركز "الثنائي" عون- باسيل الذي نجح من خلال هذه الحكومة بتحقيق كل ما كان يطالب به سواء لجهة الشراكة في عملية التشكيل او نوعية الوزارات وعددها والاهم امساكه بقرارها من خلال ثلث معطل مقنع. ولا شك ان ميقاتي نفسه خرج رابحا اساسيا باعتباره نجح بما فشل به رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري، ما يعطي زخما للزعامة السنية التي يطمح لاستلامها على عتبة الانتخابات النيابية المقبلة.

كذلك حقق رئيس تيار "المردة" مكاسب استراتيجية بحصوله على وزيرين وبالتحديد على وزارة الاتصالات والاهم فرض ان يكونا من كسروان ما يحمل ابعادا كثيرة في مواجهته المفتوحة مع "الثنائي" عون- باسيل.

بالمقابل، يتصدر الحريري جبهة الخاسرين وان كان لا يزال يعول، من دون ان يعلن ذلك، على فشل ميقاتي وحكومته، فشل يستثمره انتخابيا ليعود المتقذ على حصانه الابيض بعد الاستحقاق النيابي. لكن كل المؤشرات ترجح فشل خيارات الحريري مرة جديدة على حساب انتصار خيارات ميقاتي. وليس اكبر دليل على التشاؤم الحريري الا ما نقل عن مقربين منه عن ان البلد سلم لحزب الله وان الآتي اعظم في هذا المجال.

وكالعادة ينجح الثنائي بري- جنبلاط بنجنب اي خسارات كبيرة. فان كانا لم يحققا انتصارات باهرة في عملية تشكيل، اذا ما استثنينا نجاح بري بفرض يوسف خليل وزيرا للمال نكاية بالعونيين، الا انهما تجنبا تسجيل اهدافا في مرماهما.

اما بما يتعلق بالقوات الذي فضل الانضواء مرة جديدة في صفوف المعارضة، فلا يزال من المبكر احتسابه بين المنتصرين او الخاسرين، خاصة في ظل النقاش المفتوح عما اذا كان التواجد في المعارضة مكسب عشية الانتخابات او مقتل.

بالمحصلة، انتصر من انتصر وخسر من خسر، يبقى اللبنانيون الخاسر الاول من كل ما حصل ويحصل. هم وحدهم من خسروا اموالهم في المصارف من دون اي آمال باسترجاعها، هم وحدهم من يذلون ليل نهار على محطات البنزين وفي السوبرماركات والصيدليات والافران ومن يعيشون العتمة بكل اشكالها باعتبار لا الوان لها.