خاص - واشنطن تنكفىء والحزب يستعرض! بولا أسطيح

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, September 15, 2021

خاص - بولا أسطيح

الكلمة اونلاين

لا جدل بأن حزب الله ومن خلفه طهران نجحا نجاحا مدويا بقرارهما استجرار المحروقات من ايران الى لبنان عبر سوريا. فرغم تحذيرات الكثيرين من ان قرارا مماثلا من شأنه ان يؤدي لفرض عقوبات على لبنان ويفاقم الحصار علينا، وهو خيار كان مرجحا مع اعلان امين عام الحزب عن نيته الاتيان بالمازوت والبنزين، قررت قيادته خوض التحدي او لنقل المجازفة في هذا الملف ليتبين اخيرا انها كسبت الرهان، سواء من خلال وضع واشنطن وحلفائها امام أمر واقع لم يتجرأوا او لم يريدوا مواجهته، او من خلال دفع الولايات المتحدة لاسقاط الفيتو الذي كانت ترفعه بوجه لبنان مانعة اياه من التواصل مع دمشق، فاذا بها تفرش له السجاد الاحمر للتوجه الى هناك وتؤمن له الارضية اللازمة للتفاوض مع الدول المعنية لاستجرار الغاز المصري من الاردن. كل هذا ليس عابرا. يخطىء من يعتقد انه حصرا ردة فعل على حركة حزب الله ومحاولة للحد من اتساع نفوذ وحتى شعبية ايران بين اللبنانيين الذين باتوا يتوقون لصفيحة بنزين ومازوت.. اذ يبدو واضحا ان الخطوة الاميركية الى الوراء في لبنان ليست الا جزءا من سياسة جديدة تنتهجها واشنطن في المنطقة انطلقت فيها من أفغانستان. فهل ما هو مستفز اكثر من تسليمها لطالبان بعد ٢٠ عاما من مواجهة التنظيم الارهابي؟ كل ما تلا وسيلي ذلك من قرارات اميركية سيبدو عابرا امام ما حصل في كابل. حتى الموافقة الاميركية الضمنية على تشكيل حكومة يكون فيها لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الثلث المعطل، يندرج في اطار قرار الرئيس الاميركي جو بايدن الانكفاء اقله مرحليا في المنطقة مقابل صب اولويات ادارته على ملفات الداخل الاميركي وخارجيا على حربه الباردة الاقتصادية المفتوحة مع الصين. ايران لم تعد تشكل تهديدا اساسيا لواشنطن التي اقتربت من اعادة احياء الاتفاق النووي وان كنا لا نزال في مرحلة رفع السقوف التي تسبق التوقيع.
لا شك ان كل ما سبق يجعل طهران وحلفائها وعلى رأسهم حزب الله "ينفشون ريشهم" ويكشفون عن عضلاتهم على وقع صمت اميركي لم يعد مريبا بل مفهوما ويندرج باطار تبدية واشنطن مصالحها على مصالح حلفائها. استجرار المحروقات من ايران جزء من هذا الاستعراض.. الا ان نشوة ما يعتقده هؤلاء انتصارا قد تنقلب عليهم بسحر ساحر اذا لم يعرفوا كيف يديرون اللعبة بكثير التأني. فانغماس الحزب في ملف كملف المحروقات رغم كونه ملفا حيويا للبنانيين، وانشغال نصرالله بصهاريج المازوت وتخزينه وتوزيعه، يهدد بهزة قوية لصورته التي ظل سنوات يعمل عليها فارضا نفسه لاعبا اقليميا اساسيا منشغلا بتكوين المشهد الاستراتيجي العام وتحديد مصير الدول المحيطة مظللا اي حركة له بعنوان كبير هو "الصراع المفتوح مع اسرائيل". صحيح قد يخرج من يقول ان حصل بملف المحروقات كسر الحصار الاميركي وحتى الاقليمي والدولي المفروض على لبنان لتركعيه ظنا انه بذلك يسلم اللبنانيون رأس حزب الله، وبالتالي فان اقحام الحزب وامينه العام نفسه مباشرة فيه طبيعي ومطلوب، الا ان التعمق اكثر بالموضوع يبين ان حزب الله ما كان ليخوض هذه المغامرة لولا الامتعاض الحاد في بيئته والذي يشكل امتدادا للامتعاض والغضب الوطني العارم مما آلت اليه الاوضاع. فالحزب كما باقي الاحزاب سواء الحليفة او المعارضة له تدرك تماما ان شعبيتها باتت بالحضيض وان الغالبية العظمى من اللبنانيين كفرت بها ولم يعد يعنيها لا استرجاع حقوق مكون طائفي من هنا او هناك ولا صراع مع اسرائيل او سواها، بعدما اضطرت لخوض صراع يومي لتأمين الدواء والخبز والبنزين للصمود والعيش ولو بالحد الادنى. اذا ما قام ويقوم به الحزب يهدف منه اولا لاستيعاب هذه النقمة والحد قدر الامكان من نتائج قد تكون مخيبة جدا في الاستحقاق النيابي المقبل رغم توقع كثيرين بأن الجماهير الشيعية ستبقى تصب اصواتها لصالح "الثنائي الشيعي" غير آخذة في عين الاعتبار حجم المقاطعة الذي قد تكون تاريخية على مستوى كل لبنان، ما يشكل رسالة قاسية تقارب نتائجها التصويت للاخصام.
الاحتفال بصهاريج المازوت يوم الخميس والذي يفترض ان يعم مناطق الحزب جزء من استعراضات الاحزاب التي ستتضاعف مع اقتراب موعد الانتخابات..استعراضات تحاول من خلالها قوى السلطة التي اوصلتنا الى الحضيض تصوير نفسها المنقذ والمخلص.. عسى ان تكون الجماهير الحزبية هذه المرة كشفت اللعبة وتتحضر للانقضاض على اللاعبين بمصيرنا عند اول فرصة.


Alkalima Online