خاص - الصراع الاميركي- الايراني على الحلبة اللبنانية: الضرب بالميت حرام! - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Sunday, September 5, 2021

خاص - الكلمة أونلاين
بولا اسطيح

ليست المرة الاولى التي يستخدم مسؤول اميركي مصطلح "سرطان" لوصف حزب الله. فقبل السيناتور الديمقراطي في الكونغرس الاميركي ريتشارد بلومنتال الذي زار بيروت مؤخرا باطار وفد من الكونغرس، كان مساعد وزير الخزانة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب في الولايات المتحدة الأميركية مارشال بيلينغسلي
في العام ٢٠١٨ وخلال زيارة ايضا الى بيروت اعتبر ان حزب الله "سرطان في قلب لبنان يتوجب التخلص منه". لا شك انه يحلو للاميركيين، وبخاصة في هذه المرحلة بالذات مع تعثر المفاوضات مع الايرانيين حول برنامجهم النووي، المغالاة في وصف الحزب وذمه لاعتبارهم اياه احد اذرع طهران الرئيسية في لبنان والمنطقة. اصلا لم تهادن الولايات المتحدة الاميركية الحزب حتى في عز مرحلة التفاهم والاتفاق مع ايران.. فظل بالنسبة لها منظمة ارهابية الواجب تحجيمها وصولا لتفتيتها، فيما بقي هو يتعامل معها ك"الشيطان الاكبر"! وطالما كان ذلك في زمن الهدنة، فلن يكون مستغربا العودة لاستخدام هكذا مصطلحات اليوم في عز الكباش الاميركي- الايراني الذي يتخذ وبوضوح الساحة اللبنانية حلبة من حلبات الصراع المحتدم مع تراجع احتمالات العودة الى طاولة مفاوضات فيينا قريبا.
حتى الكيان اللبناني، بحالته الحالية، ممزقا وعلى طريق التحلل لا يزال مغريا للعدوين اللدودين..موقعه الاستراتيجي على الحدود مع اسرائيل يجعل منه محط اهتمام للطرفين اللذين ينسجان كل سياساتهما في المنطقة، الاول انطلاقا مما يؤمن مصلحة تل ابيب والثاني سعيا لتقوية موقعه في مواجهتها وكما يقول انهاء وجودها. بالامس حط وفد الكونغرس الاميركي في بيروت في لحظة حساسة وبالتحديد بعد قرار طهران وقيادة حزب الله استفزاز واشنطن وحلفائها من خلال الاعلان عن تسيير سفن ايرانية تحمل محروقات الى لبنان.
لا جدل في انهما حققا هدفهما. فمسارعة السفيرة الاميركية للاعلان عن مبادرة لتأمين الطاقة الكهربائية للبنان من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري، ما يعني اصدار استثناء اميركي يحول دون التعرض لعقوبات يفرضها بوضوح قانون "قيصر"، كما زيارة وفد الكونغرس والمواقف الواضحة التي اعلنها بما يتعلق بالحصول على المحروقات من ايران، كلها تؤكد انصراف الولايات المتحدة مجبرة للحد من النفوذ الايراني والتصدي لتوجه طهران لاستثمار الازمة اللبنانية لصالحها من خلال تصوير نفسها وبواخرها المخلص الآتي لاغاثة اللبنانيين والحد من نكبتهم.. فما حذر منه كثيرون لجهة ان ترك لبنان لمصيره سواء من قبل واشنطن او الدول العربية لن يؤدي لاضعاف حزب الله ومن خلفه ايران انما لزيادة سلطتهما ونفوذهما، تحول امرا واقعا ظلت اميركا حتى الامس القريب ترفض الاعتراف به.
وبحسب مطلعين على الحركة الاميركية، فان زيارة اعضاء الكونغرس مطلع الشهر الجاري اتت لتكريس الثوابت الأميركية بالنسبة للعلاقة مع ايران وبالتحديد تثبيت استراتيجية مواجهة طهران، وليس تأكيدهم مجددا على ان "حزب الله منظمة ارهابية وسرطان يجب استئصاله" الا تكرارا للمواقف الاميركية الثابتة في هذا المجال. ويشير هؤلاء الى ان الكباش الاميركي- الايراني يتجه لمرحلة جديدة من التصعيد في ظل تعثر مسار المفاوضات، نتيجة اصرار الرئيس الأميركي جو بايدن على ان يكون اي اتفاق جديد مع طهران حول برنامجها النووي "اقوى واطول" من سابقه مقابل عدم حماسة طهران برئاسة ابراهيم رئيسي للعودة اصلا لهذا الاتفاق، كيف الحال الى اتفاق يحقق شروط ومصلحة اميركا. ويرجح المطلعون على الموقف الاميركي الا يتطور هذا الصراع الى مواجهة عسكرية وان يكون التوجه للاعتماد اكثر على سياسة العقوبات.
ويوضح هؤلاء ان "لبنان هو احد ساحات المواجهة في المنطقة واهميته بأنه مركز ومنزل حزب الله ومكان انطلاقه لمساعدة ايران على توسيع مناطق نفوذها في المنطقة ضمن ماريعرف بمحور المقاومة، وبالتالي فان زيارة الوفد الاميركي اتت باطار تقييم الموقف ميدانيا والتأكيد مجددا ان واشنطن ليست بصدد التخلي عن الساحة اللبنانية وان المواجهة مع حزب الله مستمرة وبأوجه عدة".
بالمقابل، يرى مطلعون على موقف حزب الله ان "واشنطن وباطار صراعها مع ايران وحزب الله لا تتردد باتخاذ الشعب اللبناني ككل رهينة ومن هنا كان الحصار الذي لا يزال مفروض علينا"، ويعتبر هؤلاء ان "قرار استيراد المحروقات من طهران وطريقة التعاطي الاميركي معه، اكد المؤكد ان القوة السبيل الوحيد لكسر الارادة الاميركية، وليس الرضوخ والاستسلام الذي لا يخجل بعض اللبنانيين باتخاذه نهجا في التعامل مع واشنطن". ويذهب هؤلاء ابعد في التأكيد ان "ما تعلنه اميركا عن استقتالها لتشكيل حكومة ليس في مكانه"، مؤكدين انها "وراء تعطيل التشكيل، فهي اما تريد تشكيلة تؤمن مصالحها ومصالح حلفائها وتؤدي لكسر حزب الله والعهد او لا تريد حكومة من اساسه، وكل حديث عن صراع على حصة او وزارة انما ليس الا محاولة لذر الرماد في العيون".
بالمحصلة، هي لعبة الامم وصراع الكبار يتحكم مجددا بمصير لبنان واللبنانيين، ولعل ما اعتدناه سابقا وتآخينا معه يبدو اليوم اصعب من اي وقت مضى طالما اللعب يحصل على ارض محروقة، وفي بلد ميت..والضرب بالميت حرام!