موجة الوباء حتى تشرين... وهؤلاء هم الناجون

  • شارك هذا الخبر
Thursday, July 29, 2021

دخل لبنان منذ أسبوعين في موجة وبائية جديدة، ما زالت في بدايتها. وأمام اللبنانيين نحو عشرة أسابيع ستكون قاسية للانتهاء من الموجة. فما هي مخاطر هذه الموجة الحالية؟ وما مدى انتشار متحور دلتا؟ وكيف سينتهي لبنان منها؟ وما هي خصائص المصابين ومدى فعالية اللقاحات المعتمدة؟ وما هو السيناريو المرجح في الشهرين المقبلين؟ أسئلة طرحتها "المدن" على مسؤول قسم الأمراض الجرثومية والمعدية في مستشفى جاورجيوس (الروم)، وعضو اللجنة التنفيذية للقاحات في وزارة الصحة، عيد عازار.

بدء موجة دلتا
دخل لبنان في مرحلة جديدة. لكنها متوقعة مع دخول متحور دلتا الجديد وانتشاره، كما يقول عازار. فنسبة الإصابة به تفوق الثمانين في المئة، وقريباً ستصبح مئة بالمئة. ووفق الدراسات التي قام بها، أسوة بتلك التي أجريت وقت دخول المتحور الإنكليزي، والتي تقوم على فحص عينات من المصابين، بشكل أسبوعي، أظهر آخر إحصاء أن نسبة الإصابة بمتحور دلتا كانت نحو 88 في المئة.
وحول السيناريو المحتمل في الأسابيع المقبلة، أوضح عازار أن الموجة الجديدة ستؤدي إلى ارتفاع الإصابات والمرضى والوفيات. لكنها لن تكون مثل موجة المتحور الإنكليزي السابقة. أي من المتوقع ألا تتخطى نسب الوفيات وحالات الاستشفاء نحو 30 بالمئة من الموجة السابقة. لقد مر إلى حد الآن أسبوعان، وأمامنا نحو عشرة أسابيع لتنتهي الموجة. وهذه تقديرات. أي ربما تطول أكثر بقليل.

وأضاف أن الموجة ستمتد من شهر آب مروراً بأيلول وصولاً إلى منتصف شهر تشرين. أي سنصل إلى فصل الخريف وتكون موجة دلتا قد انتهت. ما يعني أننا لن نشهد موجة شتوية كما حصل مع المتحور الإنكليزي. وسننتهي بعدها كما انتهينا من المتحور الإنكليزي. ومن بعد انتهاء الموجة تكون نسبة التلقيح قد ارتفعت بشكل كبير، ويكون الصغار بالسن قد اكتسبوا المناعة. لكن المسألة معقدة لأنها تتزامن مع العودة إلى المدراس. لذا، لا يمكن توقع مدى البلبلة التي ستحصل. وصحيح أنه من المستبعد أن تمتلئ المستشفيات، كما حصل سابقاً. لكن القطاع الصحي منهار بلا متحور دلتا، كما يقول.

طبيعة الإصابات
وحول خصائص المرحلة وطبيعة المصابين، اعتبر عازار أن ارتفاع الإصابات يتزامن اليوم مع توسع حملة التلقيح، التي جعلت الفئات العمرية المسنة محصنة. وتبين أن كل الذين تلقوا اللقاح محميين. فوفق الإحصاءات التي يقوم بها مستشفى الروم، والتي لا يمكن تعميمها بشكل تام، يمكن استخلاص بعض المعطيات: من أصل نحو 6 آلاف حالة، تبين أن الأشخاص الذين يفوق عمرهم ستين عاماً، وتلقوا اللقاح، لديهم حماية تفوق خمسة مرات الأشخاص غير الملقحين. ولبنان كسائر الدول بنسبة الحماية التي يوفرها اللقاح والتي تتراوح بين 80 و85 في المئة.

وأوضح عازار أن نسبة الإصابة هي ذاتها بين الكبار بالعمر والصغار، بعكس ما هو شائع. فإذا أخذنا المسألة عديداً، أرقام الإصابات بين الصغار أكبر من الكبار بالسن. لكن عدد الأشخاص الذين يفوق عمرهم عن ستين عاماً في لبنان يصل إلى نحو 750 ألف شخص، بينما عدد الأشخاص للفئة العمرية بين عشرين سنة وثلاثين يصل إلى مليون شخص. بمعنى آخر، أعداد المصابين بين الفئات الشابة كبيرة، لكن النسب متقاربة مع الكبار بالعمر. كما أن الصغار بالعمر لا يجرون فحوص كورونا كما يجب.

اللقاح والحماية
وأكد عازار أن الإصابات التي تستدعي الدخول إلى المستشفيات تحصل بين الفئات العمرية الشابة. وصحيح أن بعض كبار السن من الملقحين دخلوا إلى المستشفيات، لكن بشكل عام، دخول المستشفى يقتصر حالياً على الفئات العمرية الشابة من غير الملقحين، أو لبعض الأشخاص فوق الستين عاماً من غير الملقحين. والوفيات اقتصرت على شخص واحد ملقح يعاني من أمراض مزمنة. ما يعني أن الحماية التي يؤمنها اللقاح كبيرة جداً.

وحول وجود اختلاف بنسبة الحماية التي توفرها اللقاحات، أوضح عازار أن نسبة الكبار بالعمر الذين تلقوا فايزر كبيرة، بينما نسبة تلقيح الفئات الشابة باسترازينيكا ما زالت قليلة. بالتالي لا يمكن مقارنة نسبة الحماية بين اللقاحات في لبنان. لكن إذا أخذنا بريطانيا، التي تعتمد هذين اللقاحين مثل لبنان، فنسبة الحماية لم تختلف كثيراً بين اللقاحين.

ويمكن استخلاص بعض الأمور بين لبنان وبريطانيا. فلقد ارتفعت الإصابات هناك، لكن في المقابل لم ترتفع نسبة الوفيات. وفي لبنان عندما كان معدل الإصابات اليومية أكثر من ألف إصابة، عندما انتشر المتحور الانكليزي، كانت نسبة الوفيات كبيرة. ومع انتشار متحور دلتا اليوم نسبة الوفيات قليلة قياساً بارتفاع نسبة الإصابات. ورغم أن البعض يحذر من ارتفاع عدد المرضى في قسم العناية الفائقة حالياً، إلا أن وقع متحور دلتا لن يكون سيئاً كما كان المتحور الإنكليزي، وفق عازار.

إجراءات جديدة
وحيال الواقع الحالي وإمكانية اتخاذ إجراءات معينة في المطار، للتخفيف من حدة مخاطر الموجة، أوضح عازار أن إجراء التشدد في المطار فات أوانه. كان يمكن وضع خطط للتتبع والترصد منذ شهرين. أما حالياً فهذا الإجراء في المطار أقل أهمية وفائدة، طالما أن عدد الإصابات المحلية يفوق بأشواط الإصابات الوافدة. كان المطار مهماً عندما كان عدد الإصابات الوافدة كبيراً قياساً بالإصابات المحلية. لكن لم يعمل على التصورات التي وضعت سابقاً، وفات أوانها.

وأضاف، حالياً رفعت "لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية" توصيات مهمة مثل توسيع الفحوص السريعة التي يمكن استخدامها في المدراس والمؤسسات، واعتماد نوع من البطاقة الخضراء لدخول المؤسسات التجارية والمطاعم، وهذا من شأنه دفع جميع المترددين إلى أخذ اللقاح. فعدم إلزامية اللقاح لا يجب أن تكون بطاقة خضراء لغير الملقحين في نشر العدوى. لكن كيف يمكن تطبيق هذه التوصيات وتحويلها إلى القرارات، فهذا يشبه كل شيء في البلد، كما يقول عازار.


وليد حسين- المدن