أنطوان سعادة- المازوت ليس خطًّا احمر، بل خط الموت

  • شارك هذا الخبر
Monday, July 26, 2021

منذ ثلاثة أشهر، وما زلنا نقول إنّ المسَّ بمادة المازوت مثل لعبة الروليت الروسية. ومنذ ثلاثة اشهر أيضًا ونحن نقول: "أوقفوا الدعم عن أي سلعة أخرى، لا فرق، أما المازوت فلا… لا تقربوه.

ايها السادة،

المازوت يعني المنزل، والمستشفى، والفرن، والمدرسة، والسوبرماركت، والأمن الغذائي، والزراعة، والإتصالات، وهلُمَّ جرًّا…

فلْيخبرْني احدكم، كيف نؤمن الأمن الغذائي للناس، والشاحنات التي تنقل المواد الغذائية تعمل بالمازوت، بينما لا يوجد مازوت، واذا وُجد فبالسعر الأعلى؟
كيف يسقي المزارع ما زرع، وكيف يوصل موسمه الى المستهلك، من دون مادّة المازوت؟

ما فائدة ذهاب الطبيب الى عيادته او الى المستشفى، وليس هناك مازوت لتوليد الكهرباء؟ هل تدرون ان العام الدراسي على الأبواب، وأنه لا يمكن ان يكون هناك عام دراسي والأولاد لا يستطيعون الوصول الى المدرسة، ولا المدرسون، ولا هُم عندهم القدرة على متابعة الدروس من المنزل، حتى ولو عن طريق ال online، وذلك لعدم وجود الكهرباء؟!

ألم يكن من الأجدى تأمين التيار الكهربائي قبل المساس بالمازوت؟

هذه الإشكالية ليست مسؤوليتي ولا مسؤولية الناس، بل هي مسؤولية السلطة المنتخبة من قبل هؤلاء الناس من أجل التفكير ووضع آليات الحلول.

لكن، بدل ان اكون انا "العبيط الذي لا يفهم"، وهمُ الأذكى والأفهم، تبيّن انهم سادة "العبط"، وقلّة الفهم، وقلّة بعد النظر، وتبيّن أنّي أنا افهمهم مع الأسف.

لست الأفهم لأنني أعرف ما لا تعرفون، بل لأنني أتجرّأ على طرح الأسئلة لاستكشاف ما لا يريده سياسيّوكم أن تدرِكوا. لأنني أعرف أن هؤلاء السّاسة يعون، و"عيونهم مفتّحة" بلا خجل ولا وجَل أنَّ أحدًا منكم لن يسأل أو يسائل. فلا جدوى من الخَوض في فقه الاقتصاد والمعايير التجارية والماليّة، لأنّه ببساطة تدبير (رفع الدعم عن المازوت) خارج منطق الاقتصاد. ولكنّه ليس خارج حساباتهم السياسيّة. لا تسألوني ما هي تلك الحسابات، لأنّه ببساطة "كعيت". آن الأوان أن تسألوا أصحاب القرار (الوزراء، بل الحكومة مجتمعة)، ومَن أجازوا لهم ذلك (نوّاب الأمة). أيها المواطن "المدعوس" (مش المدعوم)، آن الأوان أن تسأل، بل أن تسائل وتحاسب نائبَك، لأنّه ليس زعيمَك كما أقنعك طوال حياتك بل هو موظّف للعمل على حماية مصالحك، لا على امتصاص آخر ما تبقى في عروقك من قطرات دم ربّما لم تعُد تكفي لبناء وطن.